الانزياح في رواية نسيان_COM لاحلام مستغانمي

Texte intégral

(1)‫ﻛﻠﯾﺔ ‪ :‬اﻟﻠﻐﺎت واﻷدب‬ ‫ﻗﺳم ‪:‬اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ‬. ‫ﻣذﻛرة ﻣﻘدﻣﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﮭﺎدة اﻟﻠﯾﺳﺎﻧس ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ واﻷدب اﻟﻌرﺑﻲ‬ ‫إﻋداد اﻟطﺎﻟﺑﺗﯾن‪:‬‬ ‫‪ ‬ﺟﺑري ﺳﮭﯾﻠﺔ‬ ‫‪ ‬ﺣﻣﺎدي ﺳﺎﻣﯾﺔ‬. ‫إﺷراف اﻷﺳﺗﺎذة‪:‬‬ ‫* ﻟﻌﻣوري أﻣﯾﻧﺔ‬. ‫اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪2013/2012 :‬‬.

(2) ‫أول ﻣﻦ أﺣـﻖ ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ و اﻟﺤﻤﺪ ھﻮ‬ ‫ﻜﺮك ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﺎ أوﺻﻠﺘﻨﺎ إﻟﯿﮫ ﻓﻠﻚ اﻟﺤﻤﺪ ﺣﺘﻰ ﺗﺮﺿﻰ و‬ ‫ﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ إذا رﺿﯿﺖ وﻟﻚ اﻟﺤﻤﺪ ﺑﻌﺪ اﻟﺮﺿﺎ‬ ‫‪.‬‬ ‫وﻣﺎ ﻛﺎن ﺗﻮﻓﯿﻘﻨﺎ إﻻ ﺑﻚ ﻓﻲ إﻧﺠﺎز ھﺬا‬ ‫اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ اﻟﺬي ﻧﺄﻣﻞ أن ﯾﻜﻮن‬ ‫ﻣﺮﺟﻌﺎ ﯾﺴﺘﻔﺎد ﻣﻨﮫ‪.‬‬. ‫وﻧﺘﻘﺪم ﺑﺠﺰﯾﻞ اﻟﺸﻜﺮ واﻹﺣﺘﺮام واﻟﺘﻘﺪﯾﺮ‬ ‫إﻟﻰ اﻷﺳﺘﺎذة اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ ﻟﻌﻤﻮري أﻣﯿﻨﺔ اﻟﺘﻲ‬ ‫ﻛﺎﻧﺖ ﺳﻨﺪا و ﻋﻮﻧﺎ ﻟﻨﺎ‪ ،‬ﻟﻢ ﺗﺒﺨﻞ ﻋﻠﯿﻨﺎ‬ ‫‪.‬‬ ‫ﻛﻤﺎ ﻧﺘﻘﺪم ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪﻧﺎ‬ ‫ووﺟﮭﻨﺎ ﻹﺗﻤﺎم ھﺬا ﻟﻌﻤﻞ‪.‬‬.

(3) ‫وﺣدك أﻣﻲ ﺗﺳﺗطﯾﻌﯾن إﺣﯾﺎﺋﻲ‪.....‬وﺣدك أﺑﻲ ﺗﺣﺎول إرﺿﺎﺋﻲ ‪...‬طﺎﻋﺗﻛﻣﺎ‬ ‫ﺑﻌد طﺎﻋﺔ اﷲ ﻫو رﺟﺎﺋﻲ ‪.‬‬. ‫أﻫدي ﺛﻣرة ﺟﻬدي ‪:‬‬. ‫إﻟﻰ ﻣن ﻏﻣرﺗﻧﻲ ﺑﺣﺑﻬﺎ وﻋطﻔﻬﺎ‬ ‫إﻟﻰ ﻣﻧﺑﻊ اﻟﺣﻧﺎن واﻷﻣﺎن‬. ‫إﻟﻰ ﻣن ﺿﻣﺗﻧﻲ إﻟﻰ ﺻدرﻫﺎ ﻟﺣظﺎت اﻟﺿﻌف واﻟﻣرض ﻛﺎﻧت ﻧظرﺗﻬﺎ ﺷﻣس اﻟﺣﯾﺎة‪،‬ﺗﺑﻌث ﻓﻲ اﻟﻘﻠب اﻟراﺣﺔ‬ ‫أﻣﻲ اﻟﻐﺎﻟﯾﺔ ﺣﻔظﻬﺎ اﷲ وأطﺎل ﻓﻲ ﻋﻣرﻫﺎ‪.‬‬. ‫إﻟﻰ ﻣﺛل اﻷﻋﻠﻰ ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة وﻣﺻدر اﻟﻔﺧر واﻣﺗﻧﺎﻧﻲ‬. ‫إﻟﻰ ﻣن ﻋﻠﻣﻧﻲ ﻛﯾف أﻓﺗﺢ اﻟﻛﺗﺎب ‪،‬ﻓﻛﺎن ﻧﻐﻣﺎ ﻋزﻓﺗﻪ أوﺗﺎر ﻗﻠﺑﻲ ‪.‬‬. ‫ﻻ ﺗﻛﻔﯾﻪ أوراق اﻟﻧﺧﯾل ﻟو ﻛﺎﻧت ﺻﻔﺣﺎت وﻻ رﻣﺎل اﻟﺑﺣر ﻟو ﻛﺎﻧت ﻛﻠﻣﺎت ‪.‬أﺑﻲ اﻟﻐﺎﻟﻲ ﺣﻔظك اﷲ وأطﺎل‬ ‫ﻓﻲ ﻋﻣرك ودﻣت ﻟﻧﺎ ﻣﻧﺑﻊ اﻟطﯾﺑﺔ واﻟﺣﻧﺎن‪.‬‬. ‫إﻟﯾﻛم ﯾﺎ أﻏﻠﻰ ﻣﺎ ﻟدي ﻓﻲ اﻟوﺟود ‪،‬ﻣن اﻋﺗﺑرﻫم ﻟؤﻟؤ ﻣﺷواري وﺳﻧدي ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة ورﻓﻘﺎء درﺑﻲ و ﺳر‬ ‫اﺟﺗﻬﺎدي‪.‬‬. ‫إﻟﻰ ﻣن أﻛن ﻟﻬم اﻟﻣﺣﺑﺔ واﻟﺗﻘدﯾر ‪:‬‬. ‫إﺧوﺗﻲ ‪ :‬ﻣﺣﻣد وﻧور اﻟدﯾن وﻋﺑد اﻟﺳﻼم وﻣﺳﻌود وﺧطﯾﺑﺗﻪ ﻧﺳﯾﻣﺔ‪.‬‬. ‫أﺧواﺗﻲ‪ :‬ﺻﺎرة وﺷﻣﯾﺳﺔ وﺟﻣﯾﻠﺔ وزوﺟﻬﺎ)أﺣﺳن( وﺑﻧﺎﺗﻬﺎ ﻧدى وأﻣﯾﻧﺔ ﺻﻔﺎء وﺳﯾرﯾن‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﺟدﺗﻲ اﻟﺗﻲ أﺣﺑﻬﺎ ﻛﺛﯾ ار‬. ‫إﻟﻰ ﻛل أﻓراد ﻋﺎﺋﻠﺔ ﺣﻣﺎدي ﺻﻐﯾ ار وﻛﺑﯾ ار‪.‬‬. ‫إﻟﻰ ﻛل ﺻدﯾﻘﺎﺗﻲ ﺧﺎﺻﺔ ‪ :‬ﻣﯾﺷﺔ ‪،‬أﺣﻼم ‪ ،‬ﺳﻬﯾﻠﺔ ‪ ،‬ﺣﯾﺎة ‪ ،‬ﯾﺎﺳﻣﯾن‪ ،‬ﻛرﯾﻣﺔ ‪ ،‬ﻓﺗﺣﯾﺔ ‪،‬‬. ‫ﺳﻠﯾﻣﺔ و أﻣﯾﻧﺔ‪.‬‬.

(4) ‫أﻫدي ﺛﻣرة ﺟﻬدي إﻟﻰ أﻋز وأﻟطف ﻣﺧﻠوق ﻓﻲ اﻟﺣﯾﺎة‬ ‫إﻟﻰ اﻟﺗﻲ ﺿﯾﻌت ﻋﻣرﻫﺎ ﻷﻋﯾش ﻋﻣري‪.‬‬ ‫إﻟﯾك أﻣﻲ ﻣﻧﺑﻊ اﻟﺣﻧﺎن واﻟرﻗﺔ‪.‬‬ ‫ﯾﺎ ﻣن ﻛﻧت اﻟرﻓﯾق واﻟﻣرﺷد إﻟﻰ اﻟطرﯾق اﻟﺻﺣﯾﺢ‪.‬‬ ‫ﯾﺎ ﻣن ﺳﻬرﺗﻲ ﻣن أﺟل راﺣﺗﻲ‪.‬‬ ‫ﺑﺎرﻛك اﷲ وﺣﻔظك إن ﺷﺎء اﷲ‪.‬‬ ‫ﻣﻧﻲ إﻟﯾك أﺑﻲ اﻟﻌزﯾز ﺑﺎﻟﺷﻛر واﻟﺗﻘدﯾر واﻻﺣﺗرام واﻟﺣب ﻓﻘد ﻋﻣﻠت‬ ‫ﺟﺎﻫدا ﻋﻠﻰ ﺗوﻓﯾر اﻟظروف اﻟﻣﻼﺋﻣﺔ ﻣن أﺟل راﺣﺗﻲ ﻓﻛﺎن ﺣﻠﻣك اﻟوﺣﯾد‬ ‫ﻫو ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﺟﺎح ﻓﻲ ﻣﺷواري اﻟدراﺳﻲ ﻟن أﻧﺳﻰ ﻓﺿﻠك اﻟﻛﺑﯾر ﻋﻠﻲ أطﺎل‬ ‫أطـــﺎل اﻟﻠـﻪ ﻓـﻲ ﻋﻣــرك و ﺟـزاك اﻟﻠــﻪ ﺧﯾــ ار‪.‬‬ ‫إﻟﻰ أﺧﻲ اﻟﻐﺎﻟﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻠﺑﻲ ﻋﺑد اﻟﻧﺎﺻر و أﺧﻲ اﻷﻏﻠﻰ ﻋز اﻟدﯾن‬ ‫إﻟﻰ أﺧواﺗﻲ ﺑﻬﯾﺔ وﻧﻌﯾﻣﺔ وﻟﺑﻧﺔ اﻟﺻﻐﯾرة إﻟﻰ زوﺟﻲ اﻟﻛرﯾم اﻟذي ﻛﺎن ﺳﻧدي‬ ‫ﻓﻲ ﻣواﺻﻠﺔ دراﺳﺗﻲ و إﻟﻰ ﻛل أﻓراد ﻋﺎﺋﻠﺗﻪ ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻛﻧزي اﻟﻛﺑﯾر ﻓﻠذة ﻛﺑدي وﻋﻣر ﺣﯾﺎﺗﻲ اﺑﻧﻲ أﯾوب‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻛل ﺻدﯾﻘﺎﺗﻲ وﺑﺎﻷﺧص ﺳﺎﻣﯾﺔ‪.‬‬.

(5)

(6) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‪:‬‬ ‫ﺗﺗﻣﯾز ﻟﻐﺔ اﻷدب ﺑﺄﻧﻬﺎ ﺗﺗﺣول ﻋن اﻟﻧﻣط اﻟﻌﺎدي إﻟﻰ ﺻورة ﻣﻧﺣرﻓﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺧرق‬ ‫ﻣﺎ ﻫو ﺷﺎﺋﻊ‬. ‫ﻣن ﻧظم ﻟﻐوﯾﺔ‪ ،‬أو اﻧﺣراف ﻟﻐوي ﯾﺗوﻟد أﺳﺎﺳﺎ ﻣن اﻟﺧروج ﻋﻠﻰ اﻷطر‬. ‫اﻟﻣرﺳوﻣﺔ ﻟﻐﺔ وﻣﺧﺎﻟﻔﺔ اﻟﻌرف اﻟﻠﻐوي اﻟﻣرﺗﺿﻰ ﻋﻠﻰ اﻟﻧظم اﻟﻧﺣوﯾﺔ واﻟﺻرﻓﯾﺔ دون اﻹﺧﻼل‬ ‫ﺑﺎﻟﺑﻧﻰ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ ﻟﻠﻐﺔ‪ .‬ﻓﻘد ﻛﺎن اﻟﺑﻼﻏﯾون ﻋﻠﻰ وﻋﻲ ﺑﺄن ﻫﻧﺎك ﻣﺳﺗوى ﻣﻧﺣرﻓﺎ ﻋن اﻟﻣﺳﺗوى‬ ‫اﻟﻌﺎدي ﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬وﻛﺎﻧوا ﻣدرﻛﯾن أن اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻔﻧﻲ ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﺑﺗﺟﺎوز اﻟﻣﺄﻟوف‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻻﻧزﯾﺎح ﻛﻧظرﯾﺔ أو ﻛﻣﻔﻬوم ﻛﺛر اﻟﺣدﯾث ﻋﻧﻪ ﻓﻲ اﻟﻌﻘود اﻷﺧﯾرة ﻣن اﻟﻘرن اﻟﻌﺷرﯾن‪،‬‬ ‫ذﻟك أﻧﻪ رﻛﯾزة أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧﺻوص ﯾﺳﺗوﺟب ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎرئ ﻣﻣﺎرﺳﺗﻪ ﺑﯾن اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ‬ ‫اﻻﻟﺗزاﻣﯾﺔ واﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﻣﺗدة ‪،‬وﻗد ﻋرف ﻋﻧد اﻟﻧﻘﺎد وﺗﺄﺳس ﻋﻧد اﻷﺳﻠوﺑﯾﯾن اﻟذﯾن ﯾرون أﻧﻪ‬ ‫ﺧرق ﻟﻠﻛﻼم اﻟﻌﺎدي وﺧروج ﻋن اﻟﻣﺄﻟوف‪.‬‬ ‫وﻛون اﻻﻧزﯾﺎح ﻣظﻬ ار ﻋﺎﻣﺎ ﻻ ﯾﺧص اﻷﺳﻠوب ﻓﺣﺳب‪،‬ﺑل ﯾﺷﻣل اﻟﻛون واﻹﻧﺳﺎن‬ ‫ﻣﻌﺎ‪،‬زرع ﻓﻲ ﻧﻔﺳﻧﺎ ﻣن اﻟﻔﺿول اﻟﻌﻠﻣﻲ ﻣﺎ ﺟﻌل ﻣن اﻻﻧزﯾﺎح اﻟﻣﺣور اﻟرﺋﯾﺳﻲ اﻟذي ﺗﺗﻣﺣور‬ ‫ﺣوﻟﻪ ﺟل أﻗﺳﺎم اﻟدراﺳﺔ ﺑﺎﻋﺗﺑﺎر أﻧﻪ اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ اﻟﻧﺛري ﺧﺎﺻﺔ اﻟرواﯾﺔ ﻣﺣﻣل ﺑﻣﺣﺗوى‬ ‫ﻋﺎطﻔﻲ وﺣﺳﺎﺳﯾﺔ ﺷﻌورﯾﺔ‪.‬‬ ‫وﻷن رأﯾﻧﺎ ﻓﻲ رواﯾﺔ ‪″‬ﻧﺳﯾﺎن‪ "com.‬ﻷﺣﻼم ﻣﺳﺗﻐﺎﻧﻣﻲ اﻟﻧﻣوذج اﻟدراﺳﻲ اﻷﻧﺳب ﻟﻠﻐﺔ‬ ‫اﻟﻣﻧزاﺣﺔ ﺟﻌﻠﻧﺎ ﻧﻛﺗﺷف ﻣﺎ ﯾﺧﻔﯾﻪ وراء ﻋﺎﻟﻣﻬﺎ ﻣن أﺑﻌﺎد اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ وﻋﺎطﻔﯾﺔ وﻣﺎ ﺗوظﯾﻔﻪ ﻟرﻣوز‬ ‫دﻻﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻗﺻد ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ ﻣﻛﺎﻧﺔ اﻟﻣرأة ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ واﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﻣﻌﺎﻧﺔ واﻵﻻم اﻟﺗﻲ ﺗﻌﯾﺷﻬﺎ‬ ‫ﺧﺎﺻﺔ ﻋﻧد ﻓﺷل ﻣﻐﺎﻣراﺗﻬﺎ اﻟﻌﺎطﻔﯾﺔ‪ ،‬وﻗد رﻛزﻧﺎ ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ‬ ‫ﻣﻧﻬﺎ أﯾن ﺟﺳدت أﺣﻼم ﻣﺳﺗﻐﺎﻧﻣﻲ ﻓﻲ رواﯾﺔ"ﻧﺳﯾﺎن ‪ "com.‬ﺑﺣق اﻧزﯾﺎح اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻧﺛرﯾﺔ‪.‬‬ ‫وﻗد أردﻧﺎ ﻣن ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ أن ﻧﺑرز وﻟو ﺑﺎﻟﺷﻲء اﻟﻘﻠﯾل اﻟدور اﻟﻛﺑﯾر اﻟذي ﻟﻌﺑﻪ اﻻﻧزﯾﺎح‬ ‫ﻓﻲ ﺗﺟﻣﯾل أﺳﻠوب اﻟرواﯾﺔ ‪،‬واﻻرﺗﻘﺎء ﺑﻠﻐﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﺎﻟب ﯾﺟﻣﻊ ﺑﯾن اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ واﻟﺧﯾﺎل ‪،‬وﻫذا ﻣﺎ‬ ‫دﻓﻌﻧﺎ إﻟﻰ اﻟﺗﺳﺎؤل‪ :‬ﻛﯾف ﺗﻧﺣرف اﻟﻠﻔظﺔ ﻋن دﻻﻟﺗﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﺗﻛﺗﺳب دﻻﻻت أﺧرى ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎق‬. ‫أ‬.

(7) ‫؟وﻣﺎ ﻫﻲ ﺗﺟﻠﯾﺎت ﻫذا اﻻﻧﺣراف ﻓﻲ رواﯾﺔ" ﻧﺳﯾﺎن ‪ ، "com.‬وﻟﻺﺟﺎﺑﺔ ﻋن ﻫذﻩ اﻟﺗﺳﺎؤﻻت‬ ‫ﻷﺗﺑﻌﻧﺎ ﺧطﺔ اﺷﺗﻣﻠت ﻋﻠﻰ ﻣﻘدﻣﺔ وﻓﺻﻠﯾن‪،‬اﻟﻔﺻل ﻷول ﻧظري وﻓﯾﻪ ﻣﺣورﯾن‪:‬‬ ‫اﻟﻣﺣور اﻷول ﻗد رﻛزﻧﺎ ﻓﯾﻪ ﻋﻠﻰ ﻣﻔﻬوم اﻷﺳﻠوب و اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ وﻋﻼﻗﺗﻬﺎ‪ ،‬اﺗﺟﺎﻫﺎت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‬ ‫‪،‬ﻣﺟﺎﻻﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻣﻔﻬوم اﻻﻧزﯾﺎح‪ ،‬ﻧﺷﺄﺗﻪ‪ ،‬أﻧواﻋﻪ وأﻫﻣﯾﺗﻪ‪.‬‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻣﺣور اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻘد ﺗﻧﺎوﻟﻧﺎ ﻓﯾﻪ ﻣﻔﻬوم اﻟرواﯾﺔ ‪،‬ﻧﺷﺄﺗﻬﺎ‪ ،‬ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ أﻧواﻋﻬﺎ ﻛﻣﺎ‬ ‫اﻟروﯾﺔ أﺣﻼم ﻣﺳﺗﻐﺎﻧﻣﻲ وﺗﺻﻧﯾف رواﯾﺔ ﻧﺳﯾﺎن‪.com.‬‬ ‫ﺗطرﻗﻧﺎ إﻟﻰ ﺑﯾوﻏراﻓﯾﺎ ا‬ ‫أﻣﺎ اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻓﻛﺎن إﺳﻘﺎطﺎ ﻟﻼﻧزﯾﺎح ﻓﻲ اﻟرواﯾﺔ ﻻﺳﺗﺧراج أﻫم اﻟﻧﻣﺎذج اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺑر‬ ‫ﻋن ﺣﻘﯾﻘﺔ ﺧرق ﻟﻐﺔ أﺣﻼم ﻣﺳﺗﻐﺎﻧﻣﻲ ﻟﻠﻧﻣط اﻟﻣﺄﻟوف واﺟﺗﯾﺎز اﻟﻌﺎدي‪ ،‬ﺛم ﺧﺎﺗﻣﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت‬ ‫اﺳﺗﻧﺗﺎﺟﺎ ﻷﻫم ﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ اﻟﺑﺣث‪ ،‬إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻠﺣق اﻟذي ﻫو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ ﻣﻠﺧص اﻟرواﯾﺔ‪:‬‬ ‫"ﻧﺳﯾﺎن‪" com‬وﻻ أزﻋم أﻧﺎ ﺑﻠﻐﻧﺎ ﻓﯾﻪ درﺟﺔ اﻟﻛﻣﺎل‪ ،‬ﻓﻘد ﻣﺳﺗﻪ رﺑﻣﺎ ﺑﻌض اﻟﻧﻘﺎﺋص‪.‬‬ ‫وﻗد اﻋﺗﻣدﻧﺎ ﻓﻲ ﺗﺣﺻﯾل ﻛل ﻫذا ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺋﻣﺔ اﻟﻣﺻﺎدر واﻟﻣراﺟﻊ ﯾﺗﺻدرﻫﺎ ﻛﺗﺎب‬ ‫اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ و اﻷﺳﻠوب ﻟﻌﺑد اﻟﺳﻼم اﻟﻣﺳدي وﺑﻧﯾﺔ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﺷﻌرﯾﺔ ﻟﺟﺎن ﻛوﻫناﻻﻧزﯾﺎح ﻣن‬ ‫ﻣﻧظور اﻟدراﺳﺎت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻷﺣﻣد ﻣﺣﻣد وﯾس إﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﻣﻌﺎﺟم اﻟﺗﻲ اﻗﺗﺑﺳﻧﺎ ﻣﻧﻬﺎ ﺟﻣﯾﻊ‬ ‫اﻟﺗﻌﺎرﯾف اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻋﻠﻰ رأﺳﻬﺎ "ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب" ﻻﺑن ﻣﻧظور ‪" ،‬ﺗﺎج اﻟﻌروس ﻣن ﺟواﻫر‬ ‫اﻟﻘﺎﻣوس" ﻟﻣرﺗﺿﻰ اﻟزﺑﯾدي وﻻ ﻧﻐﻔل طﺑﻌﺎ رواﯾﺔ " ﻧﺳﯾﺎن‪ " com‬ﻓﻬﻲ ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻷرﺿﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬ ‫أرﺳﯾﻧﺎ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻛل رﻛﺎﺋز ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ ‪.‬‬ ‫وﻋﻠﯾﻪ وﺻﻠﻧﺎ إﻟﻰ ﺑﺣﺛﻧﺎ اﻟﻣﺗواﺿﻊ ﻣﻊ ﻛل ﺗﻣﻧﯾﺎﺗﻧﺎ اﻟﺗوﻓﯾق ﻓﯾﻪ وﻣﺎ اﻟﺗوﻓﯾق إﻻ ﺑﺈذن‬ ‫اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ‪.‬‬ ‫وﻓﻲ اﻷﺧﯾر ﻻ ﯾﻔوﺗﻧﺎ أن ﻧﺷﻛر ﻛل ﻣن ﻛﺎﻧت ﻟﻪ ﯾد ﻓﻲ إﺗﻣﺎم ﻫذا اﻟﻌﻣل‪.‬‬. ‫ب‬.

(8)

(9) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬ ‫اﻟﻣﺣور اﻷول‪ :‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ واﻻﻧزﯾﺎح‪.‬‬ ‫‪ -1-l‬ﻣﻔﻬوم اﻷﺳﻠوب‬ ‫أ‪ -‬ﻟﻐﺔ‪:‬‬. ‫ورد ﻓﻲ ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻻﺑن ﻣﻧظور ﻓﻲ ﺑﺎب "ﺳﻠب" ﻗوﻟﻪ‪» :‬ﻟﻠﺳطر ﻣن اﻟﻧﺧﯾل‬. ‫أﺳﻠوب وﻛل طرﯾق ﻣﻣﺗد‪ ،‬ﻓﻬو أﺳﻠوب ﻗﺎل واﻷﺳﻠوب اﻟطرﯾق واﻟوﺟﻪ واﻟﻣذﻫب‪ ،‬ﯾﻘﺎل‬ ‫"أﻧﺗم ﻓﻲ أﺳﻠوب ﺳوء وﯾﺟﻣﻊ أﺳﺎﻟﯾب‪ ،‬واﻷﺳﻠوب ﺑﺎﻟﺿم‪ ،‬اﻟﻔن‪ ،‬ﯾﻘﺎل أﺧذ ﻓﻼن ﻓﻲ‬ ‫أﺳﺎﻟﯾب ﻣن اﻟﻘول أي أﻓﺎﻧﯾن ﻣﻧﻪ أﺗﻔﻪ ﻟﻔﻲ أﺳﻠوب إذا ﻛﺎن ﻣﺑﺗﻛرا‪ ،‬ﻗﺎل‪ :‬أﻧوﻓﻬم ﺑﺎﻟﻔﺧري‬ ‫ﻓﻲ أﺳﻠوب«‪.‬‬. ‫)‪(1‬‬. ‫ﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻗﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط "ﻟﻠﻔﯾروز أﺑﺎدي» و أﺳﻠب اﻟﺷﺟر‪ ،‬ذﻫب ﺣﻣﻠﻬﺎ‪،‬‬ ‫وﺳﻘط ورﻗﻬﺎ‪ ،‬واﻷﺳﻠوب اﻟطرﯾق‪ ،‬وﻋﻧق اﻷﺳد واﻟﺷﻣوخ ﻓﻲ اﻷﻧف«‪.‬‬. ‫)‪(2‬‬. ‫ﺑﻣﻌﻧﻰ أن ﻛل ﻣن اﺑن ﻣﻧظور واﻟﻔﯾروز أﺑﺎدي ﯾﺗﻔﻘﺎن ﻋﻠﻰ أن ﻟﻔظﺔ أﺳﻠوب ﺗﻌﻧﻲ‬ ‫اﻟطرﯾق أو اﻟﻣذﻫب اﻟﻣﺗﺑﻊ‪.‬‬ ‫وﻗد اﺷﺗﻘت ﻛﻠﻣﺔ "أﺳﻠوب" "‪ "style‬ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺎت اﻷوروﺑﯾﺔ ﻣن اﻷﺻل‬ ‫اﻟﻼﺗﯾﻧﻲ"‪ "stilus‬وﻫو ﯾﻌﻧﻲ "رﯾﺷﺔ" ﺛم اﻧﺗﻘل ﻋن طرﯾق اﻟﻣﺟﺎز إﻟﻰ ﻣﻔﻬوﻣﺎت ﺗﺗﻌﻠق‬ ‫ﻛﻠﻬﺎ ﺑطرﯾﻘﺔ اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﯾدوﯾﺔ‪ ،‬دال ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺧطوطﺎت‪ ،‬ﺛم أﺧذ ﯾطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻌﺑﯾرات‬. ‫اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻷدﺑﯾﺔ)‪.(3‬‬ ‫ب‪ -‬اﺻطﻼﺣﺎ‪:‬‬. ‫إن اﻟﻣﻔﻬوم اﻻﺻطﻼﺣﻲ ﻟﻸﺳﻠوب ﺷﺄﻧﻪ ﺷﺄن اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم اﻷﺧرى ﯾﺧﺗﻠف ﺗﻌرﯾﻔﻪ‬ ‫ﻣن ﻓﺗرة ﻷﺧرى وﻣن ﻋﺎﻟم ﻟﻐوي إﻟﻰ آﺧر‪ ،‬ﻓﺎﻟﻌﺎﻟم اﻻﯾطﺎﻟﻲ ﺟورج ﺑوﻓون اﻟذي ﺑﻧﻰ‬ ‫ﺗﻌرﯾﻔﻪ » ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأ طﺑﻘﯾﺔ اﻷﺳﻠوب ﻟﯾﻧﺗﻬﻲ إﻟﻰ أن اﻷﺳﻠوب ﻫو اﻟرﺟل‪ ،‬إذ ﺣﺎول ﻣن‬ ‫‪ -1‬اﺑن ﻣﻧظور‪ ،‬ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب‪ ،‬ﻣﺞ ‪ ،7‬ط‪ ،4‬دار اﻟﺻﻔﺎء ﺑﯾروت‪ . 2005‬ص ‪.225‬‬. ‫‪ -2‬اﻟﻔﯾروز أﺑﺎدي‪ ،‬اﻟﻘﺎﻣوس اﻟﻣﺣﯾط‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اﻟﻛﺗب اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن ‪ .2003‬ص ‪.125‬‬. ‫‪ -3‬ﺻﻼح ﻓﺿل‪ ،‬ﻋﻠم اﻷﺳﻠوب ﻣﺑﺎدﺋﻪ إو ﺟراءاﺗﻪ‪ ،‬ط‪ ،1‬اﻟﻬﯾﺋﺔ اﻟﻣﺻرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠﻛﺗﺎب‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪ .1985‬ص ‪.71‬‬ ‫‪4‬‬.

(10) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫ﺧﻼﻟﻪ رﺑط ﻗﯾم اﻷﺳﻠوب اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﺑﺧﻼﯾﺎ اﻟﺗﻔﻛﯾر اﻟﺣﯾﺔ واﻟﻣﺗﻐﯾرة ﻣن ﺷﺧص إﻟﻰ‬ ‫ﺷﺧص ﻻ ﺑﻘواﻟب ﺗزﯾﯾن ﺟﺎﻣدة اﻟﺗﻲ ﯾﺳﺗﻌﯾرﻫﺎ اﻟﻣﻘﻠدون ﻋﺎدة ﻣن اﻟﻣﺑدﻋﯾن دون إدراك‬ ‫ﺣﻘﯾﻘﻲ ﻟﻘﯾﻣﻬﺎ«‪.‬‬. ‫)‪(1‬‬. ‫وﻫﻧﺎك ﻣن رﻛز ﻓﻲ ﺗﻌرﯾﻔﻪ ﻋﻠﻰ ﻓﻛرة اﻻﺧﺗﯾﺎر اﻟﻠﻐوي » اﻷﺳﻠوب ﯾﻣﻛن ﺗﻌرﯾﻔﻪ‬ ‫ﺑﺄﻧﻪ اﺧﺗﯾﺎر "‪ "Choix‬أو اﻧﺗﻘﺎء "‪ "Seléction‬ﯾﻘوم ﺑﻪ اﻟﻣﻧﺷﺊ ﻟﺳﻣﺎت ﻟﻐوﯾﺔ ﻣﻌﻧﯾﺔ‬ ‫ﺑﻐرض اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن ﻣوﻗف ﻣﻌﯾن‪ ،‬ﻟﻬذﻩ اﻟﺳﻣﺎت ﻋﻠﻰ ﺳﻣﺎت أﺧرى ﺑدﯾﻠﺔ وﻣﺟﻣوﻋﺔ‬ ‫اﻻﺧﺗﯾﺎرات اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻣﻧﺷﺊ ﻣﻌﯾن ﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺷﻛل أﺳﻠوﺑﻪ اﻟذي ﯾﻣﺗﺎز ﺑﻪ ﻋن ﻏﯾرﻩ ﻣن‬ ‫اﻟﻣﻧﺷﺋﯾن «‪.‬‬. ‫)‪(2‬‬. ‫وﻣﻧﻬم ﻣن اﻧطﻠق ﻣن ﻓﻛرة اﻟﺗرﻛﯾب وﻣﻧﻬم ﺟوﺗﺔ ﻣﺛﻼ ﻛﺎن ﯾرى »أن اﻷﺳﻠوب‬ ‫ﻫو ﻣﺑدأ اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﻧﺷط اﻟرﻓﯾﻊ اﻟذي ﯾﺗﻣﻛن ﺑﻪ اﻟﻛﺎﺗب ﻣن اﻻﻟﺗﻘﺎء إﻟﻰ اﻟﺷﻛل اﻟداﺧﻠﻲ‬. ‫ﻟﻣﺎدﺗﻪ واﻟﻛﺷف ﻋﻧﻪ«)‪ .(3‬أي ﺑواﺳطﺔ اﻷﺳﻠوب ﻧﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻛﺷف ﻋن اﻟﺧﺻﺎﺋص‬ ‫اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻷدب اﻷدﯾب‪.‬‬ ‫‪ -2 -1‬ﻣﻔﻬوم اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‪:‬‬ ‫اﺳﺗﻘرت ﺗرﺟﻣﺔ اﻟﻣﺻطﻠﺢ "‪ "Stylistique‬ﻓﻲ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻋﻧد اﻟﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣﻘﺎﺑل‬ ‫"اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ" وﻫو دال ﻣرﻛب‪ :‬ﺟذرﻩ " ‪ "style‬وﻻﺣﻘﺗﻪ "‪."ique‬‬ ‫ﻓﺎﻷﺳﻠوب ذو ﻣدﻟول إﻧﺳﺎﻧﻲ ذاﺗﻲ ﻧﺳﺑﻲ واﻟﻼﺣﻘﺔ ﺗﺧﺗص ﺑﺎﻟﺑﻌد اﻟﻌﻠﻣﻲ اﻟﻌﻘﻠﻲ)‪.(4‬‬ ‫ﯾﻘر ﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن واﻟدارﺳﯾن أن ﻛﻠﻣﺔ أﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﻌرﯾﻔﺎت ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﺣﯾث ﻻ‬ ‫ﯾﻣﻛن أن ﯾﻛون ﻟﻬﺎ ﺗﻌرﯾف ﻣرض وﻫذا راﺟﻊ إﻟﻰ ﻣدى اﺗﺳﺎع اﻟﻣﺟﺎﻻت واﻟﻣﯾﺎدﯾن اﻟﺗﻲ‬ ‫ﺻﺎرت ﺗطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪ -1‬أﺣﻣد دروﯾش‪ ،‬دراﺳﺔ اﻷﺳﻠوب ﺑﯾن اﻟﻣﻌﺎﺻرة واﻟﺗراث‪ ،‬ط‪ ،1‬دار ﻏرﯾب ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر واﻟﺗوزﯾﻊ‪،‬‬ ‫اﻟﻘﺎﻫرة ‪ .1998‬ص ‪.18‬‬. ‫‪ -2‬ﺳﻌﺎد ﺻﺎﻟﺢ ‪،‬اﻷﺳﻠوب دراﺳﺔ ﻟﻐوﯾﺔ إﺣﺻﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ط‪ ،3‬ﻛﻠﯾﺔ اﻵداب‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ اﻟﻘﺎﻫرة ‪ .1992،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪ -3‬ﺻﻼح ﻓﺿل‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.85‬‬. ‫‪ -4‬ﻋﺑد اﻟﺳﻼم اﻟﻣﺳدي‪ ،‬اﻷﺳﻠوب واﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‪ ،‬ط‪ ،5‬دار اﻟﻛﺗﺎب اﻟﺟدﯾدة ‪ ،‬ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن ‪ .2006‬ص ‪.32‬‬ ‫‪5‬‬.

(11) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫وﻣن ﺛم ﯾﻌرف ﯾوﺳف أﺑو اﻟﻌدوس اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ » ﻓرع ﻣن اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت اﻟﺣدﯾﺛﺔ‬ ‫ﻣﺧﺻص ﻟﻠﺗﺣﻠﯾﻼت اﻟﺗﻔﺻﯾﻠﯾﺔ ﻟﻸﺳﺎﻟﯾب اﻷدﺑﯾﺔ أو اﻻﺧﺗﯾﺎرات اﻟﻠﻐوﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻘوم ﺑﻬﺎ‬ ‫اﻟﻣﺗﺣدﺛون واﻟﻛﺗﺎب ﻓﻲ اﻟﺳﯾﺎﻗﺎت اﻷدﺑﯾﺔ وﻏﯾر اﻷدﺑﯾﺔ«‪.‬‬. ‫)‪(1‬‬. ‫ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻋﺑﺎرة ﻋن ﺗﺣﻠﯾل ﻟﻸﺳﻠوب اﻷدﺑﻲ واﻟﻠﻐوي اﻟذي ﯾﺻدر ﻋن ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻠﻐوﯾﯾن‬ ‫واﻷدﺑﺎء‪.‬‬ ‫إن ﺗﻌدد ﻣﺳﻣﯾﺎت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ وﺗﻌدد ﺗﻌرﯾﻔﺎﺗﻬﺎ ﺗﺎﺑﻊ ﻓﻲ اﻟدرﺟﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣن‬ ‫اﻻﺧﺗﻼف ﺣول ﺗﻔﺳﯾر اﻟﻧﺻوص اﻷدﺑﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺿﻼ ﻋن أﻧﻬﺎ ﻋﻠم ﺟدﯾد ﻟم ﺗﺗرﺳﺦ أﺻوﻟﻪ‪،‬‬ ‫وﯾﻣﻛن ﺗﻠﺧﯾص ﻧظرة اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻋﻧﺎﺻر ﺛﻼﺛﺔ‪:‬‬ ‫‪ -1‬اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻠﻐوي اﻟذي ﯾﻌﺎﻟﺞ ﻧﺻوﺻﺎ‪ ،‬ﻗﺎﻣت اﻟﻠﻐﺔ ﺑوﺿﻊ ﺷﻔرﺗﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪ -2‬اﻟﻌﻧﺻر اﻟﻧﻔﻌ ﻲ‪ ،‬وﯾﺗﻣﺧض ﻋﻧﻪ إدﺧﺎل اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻐﯾر اﻟﻠﻐوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺗﺣﺻﯾل‬ ‫ﻛﺎﻟﻣؤﻟف واﻟﻣﻘﺎرن واﻟﻣوﻗف اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ وﻫدف اﻟرﺳﺎﻟﺔ‪.‬‬. ‫‪ -3‬اﻟﻌﻧﺻر اﻟﺟﻣﺎﻟﻲ اﻷدﺑﻲ وﯾﻛﺷف ﻋن ﺗﺄﺛﯾر اﻟﻧص ﻋﻠﻰ اﻟﻘﺎرئ وﻋن اﻟﺗﻔﺳﯾر‬. ‫واﻟﺗﻘوﯾم اﻷدﺑﯾﯾن ﻟﻪ‪.‬‬. ‫وﺗﻌد اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻣدرﺳﺔ ﻟﻐوﯾﺔ ﺗﻌﺎﻟﺞ اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ ﻣن ﺧﻼل ﻋﻧﺎﺻرﻩ‪ ،‬وﻣﻘوﻣﺎﺗﻪ‬ ‫اﻟﻔﻧﯾﺔ وأدواﺗﻪ اﻹﺑداﻋﯾﺔ ﻣﺗﺧذة ﻣن اﻟﻠﻐﺔ واﻟﺑﻼﻏﺔ ﺟﺳ اًر ﺗﺻﻧف ﺑﻪ اﻟﻧص اﻷدﺑﻲ وﻗد‬ ‫ﺗﻘوم أﺣﯾﺎﻧﺎ أﺧرى ﺑﺗﻘﯾﯾﻣﻪ ﻣن ﺧﻼل ﻣﻧﻬﺟﻬﺎ اﻟﻘﺎﺋم ﻋﻠﻰ اﻻﺧﺗﯾﺎر واﻟﺗوزﯾﻊ ﻣراﻋﯾﺔ ﺑذﻟك‬ ‫اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻧﻔﺳﻲ‪ ،‬واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻟﻠﻣرﺳل اﻟﻣﺗﻠﻘﻲ‪.‬‬ ‫وﻣن ﺛم ﻓﺈن اﻟدراﺳﺔ »اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﻧﻘدﯾﺔ ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟظﺎﻫرة اﻟﻠﻐوﯾﺔ‪،‬‬ ‫وﺗﺑﺣث ﻓﻲ أﺳس اﻟﺟﻣﺎل اﻟﻣﺣﺗﻣل ﻗﯾﺎم اﻟﻛﻼم ﻋﻠﯾﻪ«‪.‬‬. ‫)‪(2‬‬. ‫‪ -1‬ﯾوﺳف أﺑو اﻟﻌدوس‪ ،‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟرؤﯾﺔ واﻟﺗطﺑﯾق‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اﻟﻣﺳﯾرة ‪ .2007،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.52-38‬‬. ‫‪6‬‬.

(12) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬ ‫وﻋرّﻓﻬﺎ ﺟﺎﻛﺑﺳون »‬. ‫اﻟﺧطﺎب أوﻻً وﻣن ﺳﺎﺋر أﺻﻧﺎف اﻟﻔﻧون اﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺛﺎﻧﯾﺎ«)‪ .(1‬أي أﻧﻬﺎ ﻋﻠم ﯾﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ‬ ‫ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻛﻼم اﻟﻔﻧﻲ‪ ،‬وﻣﺎ ﯾﻣﯾزﻩ ﻋن ﺑﻘﯾﺔ أﺻﻧﺎف اﻟﺧطﺎب اﻷﺧرى أﻣﺎ رﯾﻔﺎﺗﯾر ﻓﻘد‬ ‫ﻋرّﻓﻬﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ » ﻋﻠم ﯾﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ أﺳﻠوب اﻵﺛﺎر اﻷدﺑﯾﺔ دراﺳﺔ ﻣوﺿوﻋﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﺑذﻟك‬ ‫ﺗﻌﻧﻰ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن اﻷﺳس اﻟﻘﺎرة ﻓﻲ إرﺳﺎء ﻋﻠم اﻷﺳﻠوب‪ .‬وﻫﻲ ﺗﻧطﻠق ﻣن اﻋﺗﺑﺎر اﻷﺛر‬ ‫اﻷدﺑﻲ ﺑﻧﯾﺔ أﻟﺳﻧﺔ ﺗﺗﺟﺎور ﻣﻊ اﻟﺳﯾﺎق اﻟﻣﺿﻣوﻧﻲ ﺗﺟﺎو ار ﺧﺎﺻﺎ «‪.‬‬. ‫)‪(2‬‬. ‫ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧﻬﺎ ﻋﻠم ﯾﻘوم ﻋﻠﻰ دراﺳﺔ اﻟﻧص ﻓﻲ ذاﺗﻪ‪ ،‬وﻫﻲ ﺗﺗﻣﯾز ﻋن ﺑﻘﯾﺔ اﻟﻣﻧﺎﻫﺞ‬ ‫اﻟﻧﺻﯾﺔ اﻷﺧرى ﺑﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ اﻟﺧﺎص ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻩ رﺳﺎﻟﺔ ﻟﻐوﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺗﺣﺎول ﺗﻔﺣص ﻧﺳﯾﺟﻪ اﻟﻠﻐوي‪،‬‬ ‫وﺗﻣﻛن اﻟﻘﺎرئ ﻣن إدراك اﻧﺗظﺎم ﺧﺻﺎﺋص اﻟﻔن ﻣﻊ اﻟوﻋﻲ ﻛﻣﺎ ﺗﺣﻘﻘﻪ ﺗﻠك اﻟﺧﺻﺎﺋص‬ ‫ﻣن ﻏﺎﯾﺎت وظﺎﺋﻔﯾﺔ‪.‬‬ ‫أﻣﺎ ﺑﯾﺎر ﺟﯾرو ﻓﯾﻘول » إن أﺳﻠوﺑﯾﺗﻧﺎ دراﺳﺔ ﻟﻠﻣﺗﻐﯾرات اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺔ إزاء اﻟﻣﻌﯾﺎر‬ ‫اﻟﻘﺎﻋدي‪ ،‬وﻫذا ﯾﺗطﺎﺑق ﻣﻊ اﻟﺗﻘﻠﯾد اﻟﻘدﯾم اﻟذي ﯾﺿﻊ اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ اﻟﻘواﻋد ﻓﻲ ﻫذا‬ ‫اﻟﻣﻧظور ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻟﻘواﻧﯾن أي ﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻻﻟﺗزاﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻔرﺿﻬﺎ اﻟﻧظﺎم واﻟﻣﻌﯾﺎر‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗﻌﻣل اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺗﺣدد ﻧوﻋﯾﺔ اﻟﺣرﯾﺎت داﺧل اﻟﻘواﻋد ﻫﻲ اﻟﻌم اﻟﺗﻲ ﻻ‬ ‫ﯾﺳﺗطﯾﻊ اﻟﻛﺎﺗب أن ﯾﺻﻧﻌﻪ‪ ،‬أﻣﺎ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻣﺎ ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻌﻠﻪ‪ ،‬وﻻ ﻛﻧﻧﺎ ﻟن ﻧﺧﻠط ﺑﯾن ﻣﺎ‬ ‫ﯾﺳﺗطﯾﻊ ﻓﻌﻠﻪ وﻣﺎ ﯾﻔﻌﻠﻪ ﻷن ﻫذا ﻫو ﻣوﺿوع ﻧﻘد اﻷﺳﻠوب ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻧص«‪.‬‬. ‫‪3‬‬. ‫وﻧﺳﺗﻧﺞ ﻣن ﻗوﻟﻪ أن اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﺗﻧﺎوﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻧص ﻣن اﻟﻧﺻوص ﺑﺎﻟدراﺳﺔ‬ ‫ﺗﺳﻣﻰ إﻟﻰ ﺗﺣدﯾد اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻟﻧوﻋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺧﺿﻊ ﻟﻬﺎ اﻟﻧص ﻓﻲ ﺗﺷﻛﯾﻠﻪ اﻟﻐوي‪ ،‬ﻟﯾﺻﯾر‬ ‫ﻧظﺎم ﻣن اﻟﻌﻼﻣﺎت ﻟﻪ ﺳﻠطﺗﻪ ﻋﻠﻰ ذاﺗﻪ‪ ،‬وﻻ ﺳﻠطﺔ ﺑﺳواﻩ ﻋﻠﯾﻪ‪ ،‬وﻣن ﻫذا اﻟﻣﻧطﻠق ﻓﺈن‬ ‫اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺗﻬدف إﻟﻰ دراﺳﺔ اﻟﻧص ﻛظﺎﻫرة ﻟﻐوﯾﺔ وﻛﻧظﺎم إﺷﺎري ﯾﺗﺿﻣن أﺑﻌﺎد دﻻﻟﯾﺔ‬ ‫ﻓﻬﻲ ﻻ ﺗدرس ﺟﺎﻧﺑﺎ ﻓﯾﻪ دون اﻵﺧر‪.‬‬ ‫‪ -1‬ﻋﺑد اﻟﺳﻼم اﻟﻣﺳدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.34‬‬. ‫‪ -2‬ﻧور اﻟدﯾن اﻟﺳد ‪ ،‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ وﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب‪ ،‬دراﺳﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺣدﯾث‪ ،‬ج‪ ،1‬دار ﻧﻌوﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر‬ ‫واﻟﺗوزﯾﻊ ‪،‬ﺑوزرﯾﻌﺔ اﻟﺟزاﺋر‪ .‬ص ‪.19-18‬‬ ‫‪ -3‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪7‬‬.

(13) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬ ‫‪ 3 -1‬اﺗﺟﺎﻫﺎت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾرﯾﺔ )اﻟوﺻﻔﯾﺔ(‪:‬‬. ‫ﻟﻘد أﺳس ﺷﺎرل ﺑﺎﻟﻲ )‪ (1927 -1965‬ﺗﻠﻣﯾذ ﻓﯾردﯾﻧﺎﻧد دي ﺳوﺳﯾر ﺑﺟﺎﻣﻌﺔ‬. ‫ﺟﻧﯾف‪ ،‬ﺑﺣﺛﺎ ﻓﻲ ﻋﻠم اﻷﺳﻠوب اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد وأﺳس ﻋﻘﻼﻧﯾﺔ أﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾر‬ ‫ﻣﻌرﻓﺎ ﻣوﺿوﻋﻬﺎ ﻛﺎﻟﺗﺎﻟﻲ‪ » :‬ﻫو اﻟﻌﻠم اﻟذي ﯾدرس وﻗﺎﺋﻊ اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻠﻐوي ﻓﻲ ﻧﺎﺣﯾﺔ‬ ‫ﻣﺣﺗواﻫﺎ اﻟﻌﺎطﻔﻲ‪ ،‬أي اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻋن واﻗﻊ اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ اﻟﺷﻌورﯾﺔ ﻣن ﺧﻼل اﻟﻠﻐﺔ‪ ،‬واﻗﻊ اﻟﻠﻐﺔ‬ ‫ﻋﺑر ﻫذﻩ اﻟﺣﺳﺎﺳﯾﺔ «‪.‬‬. ‫)‪(1‬‬. ‫ﯾﻌﺗﺑر ﺑﺎﻟﻲ ﻣن ﺧﻼل اﻟﺗﻌرﯾف اﻟﺳﺎﺑق أن اﻟﻔﻛرة ﺣﯾن ﺗﺻﯾر ﺑﺎﻟوﺳﺎﺋل اﻟﻠﻐوﯾﺔ‬ ‫ﻛﻼﻣًﺎ ﺗﻣر ﻻ ﻣﺣﺎﻟﺔ ﺑﻣوﻗف وﺟداﻧﻲ‪ ،‬ﻣن ﻣﺛل اﻷﻣل‪،‬اﻟﺗرﺟﻲ‪ ،‬أو اﻟﺻﺑر‪ ،‬أو اﻷﻣر أو‬ ‫اﻟﻧﻬﻲ‪ ،‬وﻫذا اﻟﻣﺿﻣون اﻟوﺟداﻧﻲ ﻟﻠﻐﺔ ﻫو اﻟذي ﯾؤﻟف ﻣﺻﻧوع اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻓﻲ ﻧظرﻩ )‪.(2‬‬. ‫ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺗﻌﺑﯾرﯾﺔ ﺗدرس إذن اﻟوﻗﺎﺋﻊ اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻠﻐوي‪ ،‬وآﺛﺎرﻫﺎ ﻋﻠﻰ‬ ‫اﻟﺳﺎﻣﻌﯾن‪ ،‬وﻫذﻩ اﻵﺛﺎر ﻧوﻋﺎن‪ ،‬طﺑﯾﻌﯾﺔ واﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻵﺛﺎر اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﻫﻲ ﻣﺳﺗوى ﻟﻐوي‬ ‫ﺗﺑرز ﻓﯾﻪ ﺟدﻟﯾﺔ اﻟﺻراع ﺑﯾن اﻟدوال واﻟﻣدﻟوﻻت‪ ،‬ﻛﻣﺳﺎءﻟﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟطﺑﯾﻌﯾﺔ ﺑﯾن‬ ‫اﻷﺻوات وداﻟﺗﻬﺎ‪ ،‬أو اﻟﺻورة اﻟﻔﻧﯾﺔ وﻣﻌﺎﻧﯾﻬﺎ‪ ،‬أو ﺑﻌض اﻷﻧﻣﺎط اﻟﺑﻼﻏﯾﺔ ﻛﺎﻟﺗﻌﺟب‬ ‫واﻻﺳﺗﻔﻬﺎم‪ ،‬واﻟﻧداء وﻏﯾرﻫﺎ ﻓﻛل ﻫذﻩ اﻟوﻗﺎﺋﻊ ﻓﻲ ﻧظر ﺑﺎﻟﻲ آﺛﺎر طﺑﯾﻌﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﺻورة‬ ‫ﻣن ﺻور اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻟﻠﻐوي‪.‬‬ ‫أﻣّﺎ اﻟﻧوع اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻫﻲ اﻵﺛﺎر اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﺳﻠوك ﻟﻐوّي ﯾﻧﺗﺞ ﻋن ﻣواﻗف‬ ‫ﺣﯾوﯾﺔ ﻟﻬﺎ ارﺗﺑﺎطﺎ ﺑﺎﻟواﻗﻊ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﻛﻣﻔﻬوم اﻻﺳﺗﺑدال اﻟذي ﻫو ﺗﻌﺑﯾر ﻣرﺗﺑط ﺑﺄﻧﺎس‬ ‫ﻣﺑﺗذﻟﯾن‪ ،‬ﻛﺎﻧوا ﻗد اﺑﺗدﻋوﻩ واﺳﺗﻌﻣﻠوﻩ ﻷن ﻟﻔظﺔ "اﺳﺗﺑدال" ﻣن ﺑﻧﯾﻪ ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﺣﻘل دﻻﻟﻲ‬ ‫ﺧﺎص ﺑﺎﻟﻠﺳﺎن إو ﻟﻰ ﻣﺟﺎل ﻣن ﻣﺟﺎﻻت اﻟﻠّﻐﺔ‪ ،‬وﻛل طﺑﻘﺔ اﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻟﻬﺎ ﺛﻘﺎﻓﺗﻬﺎ‬. ‫‪ -1‬إدرﯾس ﻗﺻوري‪،‬أﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟرواﯾﺔ ﻣﻘﺎرﺑﺔ أﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻟرواﯾﺔ زﻗﺎق اﻟﻣدة ﻟﻧﺟﯾب ﻣﺣﻔوظ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب اﻟﺣدﯾث‪،‬‬ ‫إرﺑد‪ -‬اﻷردن ‪ .2007‬ص ‪.35‬‬. ‫‪ -2‬ﯾﻧظر‪ :‬ﻣﺻطﻔﻰ اﻟﺻﺎوي اﻟﺟوﯾﻧﻲ‪ ،‬ﻣﻌﺎﻧﻲ ﻋﻠم اﻷﺳﻠوب‪ ،‬دار اﻟﻣﻌرﻓﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ .1993‬ص ‪.283‬‬ ‫‪8‬‬.

(14) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬ﻛﺎﻷوﺳﺎط اﻟﻔﻼﺣﯾﺔ واﻟرﯾﻔﯾﺔ واﻟﻣﻬﯾﻣﻧﺔ ﻣﺛل‪ :‬اﻟطب‪ ،‬اﻹدارة‪ ،‬اﻟطﺑﯾﺔ واﻟﻌﻠﻣﯾﺔ‬. ‫ﻣﺛل‪ :‬اﻟﺧطﺎب اﻟﻌﻠﻣﻲ واﻷدﺑﻲ)‪.(1‬‬ ‫ب‪-‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ‪:‬‬. ‫اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ اﻟرﺳﺎﻟﺔ وﻧﺳﯾﺟﻬﺎ اﻟﻠﻐوي ﻣﻊ ﻣراﻋﺎﺗﻬﺎ ﻟﻣﻛوﻧﺎت اﻟﺣدث‬ ‫اﻷدﺑﻲ أي أﻧﻬﺎ ﺗﻬﺗم ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻓﻲ أوﺟﻪ اﻟﺗراﻛﯾب ووظﯾﻔﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﻧظﺎم اﻟّﻠﻐﺔ‪ ،‬وﯾﻬﺗم ﻫذا‬ ‫اﻻﺗﺟﺎﻩ ﺑذاﺗﯾﺔ اﻷﺳﻠوب وﻓردﯾﺗﻪ ﻓﻬم ﯾدرﺳون اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن وﺳﺎﺋل اﻟﺗﻌﺑﯾر واﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ‬. ‫ﻟﻠﻔرد دون إﻏﻔﺎل ﻋﻼﻗﺔ ﻫذﻩ اﻟوﺳﺎﺋل اﻟﺗﻌﺑﯾرﯾﺔ ﺑﺎﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﻠّﻐوﯾﺔ)‪.(2‬‬. ‫وﯾﻌد ﻟﯾوﺳﺑﯾﺗزر أﻫم ﻣؤﺳس ﻟﻸﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ إو ﻟﯾﻪ ﺗﺷﯾر أﻏﻠب اﻟدراﺳﺎت‬ ‫اﻟﻐرﺑﯾﺔ واﻟﻌرﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺣﺎوﻟت رﺻد ﺗﺎرﯾﺦ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ واﺗﺟﺎﻫﺎﺗﻬﺎ‪ ،‬ﻓﻘد ﺗﺑﻠورت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‬ ‫اﻟﻧﻔﺳﯾﺔ ﻣﻊ ﻟﯾوﺳﺑﺗزر اﻟذي رﻓض اﻟﻣﻌﺎدﻻت اﻟﺗﻘﻠﯾدﯾﺔ ﺑﯾن اﻟﻠّﻐﺔ واﻷدب‪ ،‬ووﺿﻊ ﻧﻔﺳﻪ‬ ‫داﺧل اﻟﺗﻌﺑﯾر اﻷدﺑﻲ ﻣﺗﻛﺋﺎً ﻋﻠﻰ اﻟﺣدث ﻟﺗﻘﺻﻲ أﺻﺎﻟﺔ اﻟﺷﻛل اﻟﻠّﻐوي‪ ،‬وﻣن أﺑرز‬ ‫ﻣﺑﺎدﺋﻪ اﻟﻠّﻐوﯾﺔ اﻟﺣدﺳﯾﺔ‪:‬‬ ‫‪ -1‬ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﻧّص ﺗﻛﺷف ﻋن ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣؤﻟﻔﻪ‪.‬‬. ‫‪ -2‬اﻷﺳﻠوب اﻧﻌطﺎف ﺷﺧﺻﻲ ﻋن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻣﺄﻟوف ﻟﻠﻐﺔ‪.‬‬ ‫‪ -3‬ﻓﻛر اﻟﻛﺎﺗب ﻟﺣﻣﺔ ﻣﺗﻣﺎﺳﻛﺔ ﺗﺳﺎﻫم ﻓﻲ ﺗﻣﺎﺳك اﻟﻧّص‪.‬‬. ‫‪ -4‬اﻟﺗﻌﺎطف ﻣﻊ اﻟﻧّص ﺿروري ﻟﻠدﺧول إﻟﻰ ﻋﺎﻟﻣﻪ اﻟﺣﻣﯾم‪.‬‬. ‫)‪(3‬‬. ‫ج‪ -‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺑﻧﯾوﯾﺔ‪:‬‬ ‫ﻣﺗﺟﺎوز ﻟﻠﺑﺣث اﻷﺳﻠوﺑﻲ ذي اﻟﺧﺻﺎﺋص‬ ‫ًا‬ ‫ﺟﺎء اﻟﻣﻔﻬوم اﻟوظﯾﻔﻲ ﻟﻸﺳﻠوب‬ ‫اﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ اﻟﺗﻌﻘﯾدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺟﺎوز إطﺎر ﻋﻣﻠﻬﺎ ﺳّﯾﺎق اﻟﻠّﻐﺔ‪ ،‬وﺣدود ﻣﻛوﻧﺎﺗﻬﺎ اﻟﺟزﺋﯾﺔ‬ ‫واﻟﺑﺳﯾطﺔ‪.‬‬. ‫)‪(4‬‬. ‫‪ -1‬راﺑﺢ ﺑوﺣوش‪ ،‬اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺎب اﻟﺷﻌري‪ ،‬دار اﻟﻌﻠوم ﻟﻠﻧﺷر‪ .‬ص ‪.33‬‬ ‫‪ -2‬ﻧور اﻟدﯾن اﻟﺳد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.67‬‬ ‫‪ -3‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.68‬‬. ‫‪ -4‬إدرﯾس ﻗﺻوري‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.38‬‬ ‫‪9‬‬.

(15) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫واﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺑﻧوﯾﺔ ﺗﻌﻧﻲ ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧّص اﻷدﺑﻲ ﺑﻌﻼﻗﺔ اﻟﺗﻛﺎﻣل واﻟﺗﻧﺎﻗض ﺑﯾن‬. ‫اﻟوﺣدات اﻟّﻐوﯾﺔ اﻟﻣﻛوّﻧﺔ ﻟﻠﻧّص وﺑﺎﻟدﻻﻻت واﻹﯾﺣﺎءات اﻟﺗﻲ ﺗﻧﻣو ﺑﺷﻛل ﻣﺗﻧﺎﻏم)‪.(1‬‬. ‫وﯾﻌد رﯾﻔﺎﺗﯾر ﻣن أﺻﺣﺎب ﻫذا اﻻﺗﺟﺎﻩ واﻟذي ﯾرى أن ﻟﻛل ﻧص ﻣظﺎﻫرﻩ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺗﻲ‬ ‫ﯾﻧﺑﻐﻲ أن ﺗدرس وﺗﺣﻠل ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن اﻟدروس اﻷﺧرى‪ ،‬وﯾرﻛز رﯾﻔﺎرﺗﯾر ﻋﻠﻰ اﺳﺗﺟﺎﺑﺔ‬ ‫اﻟﻘﺎرئ ﻟﺗﺣدﯾد ﺳﻣﺎت اﻷﺳﻠوب ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب اﻷدﺑﻲ ﺑﯾﻧﻣﺎ ﯾﻘول ﻛوﻫن » ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣث‬. ‫اﻟﻠّﻐوي ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺷﻌرﯾﺔ و اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت ﻓﻲ اﻟﺧطﺎب«‪ ،2‬وﻣن ﻫﻧﺎ ﻛﺎن‬ ‫اﻟﺧﻼف ﺑﯾن أﺳﻠوﺑﯾﺔ رﯾﻔﺎﺗﯾر وﺷﻌرﯾﺔ ﻛوﻫن وﺻﻔﺎ ﺑﺎﻟﺗﺟزﯾﺋﯾﺔ ﻷﻧﻬﻣﺎ ﯾﻬﻣﻼن اﻟﺑﻧﯾﺔ‬ ‫اﻟﻣوﺣدة ﻟﻠﺧطﺎب اﻷدﺑﻲ‪.‬‬ ‫د‪ -‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻹﺣﺻﺎﺋﯾﺔ‪:‬‬ ‫اﻟﺑﻌد اﻹﺣﺻﺎﺋﻲ ﻟدراﺳﺔ اﻷﺳﻠوب ﻫو ﻣن اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ واﻟﺗﻲ‬ ‫ﯾﻣﻛن ﺑﺎﺳﺗﺧداﻣﻬﺎ ﺗﺷﺧﯾص اﻷﺳﺎﻟﯾب‪ ،‬وﺗﻣﯾﯾز اﻟﻔروق ﺑﯾﻧﻬﺎ‪ ،‬وﯾﻛﺎد ﯾﻧﻔرد ﻣن ﺑﯾن‬ ‫اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﺑﻘﺎﺑﻠﯾﺗﻪ ﻷن ﯾﺳﺗﺧدم ﻓﻲ ﻗﯾﺎس اﻟﺧﺻﺎﺋص اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻛﺎﺋﻧﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن‬. ‫اﻟﺗﻌرﯾف اﻟذي ﯾﺗﺑﻧﺎﻩ اﻟﺑﺎﺣث ﻟﻸﺳﻠوب‪ ،‬أو اﻟطراز اﻟﻧﺣوي اﻟذي ﯾﺳﺗﺧدﻣﻪ)‪.(3‬‬. ‫ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻹﺣﺻﺎﺋﯾﺔ ﺗﻌﺗﻣد ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﺣﺻﺎء اﻟرﯾﺎﺿﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﯾﻘوم‬ ‫ﺗﻌرﯾف اﻷﺳﻠوب ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﻣﺣدد ﻣﺛل‪ :‬ﻗول ﻓول ﻓوﻛس‪ » :‬ﺗﻘﯾﯾم اﻷﺳﻠوب ﻛﻣﺎ‬ ‫ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻣﺟﺎل اﻟرﯾﺎﺿﻲ ﺑﺗﺣدﯾدﻩ ﻣن ﺧﻼل ﻣﺟﻣوع اﻟﻣﻌطﯾﺎت اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن‬ ‫ﺣﺻرﻫﺎ ﻛﻣﯾﺎً ﻓﻲ اﻟﺗرﻛﯾب اﻟﺷﻛﻠﻲ ﻟﻠﻧّص«‪.‬‬. ‫‪4‬‬. ‫ﻣﻌﻧﻰ ﻫذا أﻧﻪ ﻣﻊ ﺗﻛرار اﻟوﺣدات اﻟﻠّﻐوﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧّص ﯾﻣﻛن إدراك ﺷﻛﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻧّص‬ ‫وﺑذﻟك ﯾﻣﻛن ﻟﻧﺎ إﺣﺻﺎؤﻫﺎ و إﺧﺿﺎﻋﻬﺎ ﻟﻠﻌﻣﻠﯾﺎت اﻟرﯾﺎﺿﯾﺔ‪.‬‬. ‫‪ -1‬ﻧور اﻟدﯾن اﻟﺳد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﮫ‪ ،‬ص ‪.95‬‬ ‫‪ -3‬ﺳﻌﯾد ﻣﺻﻠوح ‪،‬اﻷﺳﻠوب دراﺳﺔ ﻟﻐوﯾﺔ إﺣﺻﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ط‪، 1‬ﻋﺎﻟم اﻟﻛﺗب ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة ‪2002‬م‪ .‬ص ‪.25‬‬ ‫‪-4‬ﻧور اﻟدﯾن اﻟﺳد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪10‬‬.

(16) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫وﻗد أﺣﺻﻰ ﻓوﻛس وﻏﯾرﻩ ﻓﻲ ﻣﺟﻣوﻋﺔ ﻣن اﻟﻧّﺻوص ﻣﺗوﺳط ﻋدد اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻓﻲ‬ ‫ﻛل ﺟﻣﻠﺔ وﻣﺗوﺳط ﻋدد اﻟﻣﻘﺎطﻊ ﻓﻲ ﻛل ﻛﻠﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث وﺿﻊ ﻣﺗوﺳط ﻋدد اﻟﻣﻘﺎطﻊ ﻓﻲ‬ ‫ﻛل ﻛﻠﻣﺔ ﻓﻲ أﻋﻠﻰ اﻟﺷﻛل‪ ،‬وﻣﺗوﺳط ﻋدد اﻟﻛﻠﻣﺎت ﻓﻲ ﯾﻣﯾن اﻟﺷﻛل‪ ،‬إذ ﯾﻣﻛن وﺿﻊ ﻛل‬. ‫ﻧص ﻓﻲ رﺳم ﺑﯾﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻘطﺔ اﻟﻣﺣددة ﻟﺧواﺻﻪ)‪.(1‬‬. ‫وﯾﻬدف اﻟﺗﺣﻠﯾل اﻹﺣﺻﺎﺋﻲ ﻟﻸﺳﻠوب إﻟﻰ ﺗﻣﯾﯾز اﻟﺳّﻣﺎت اﻟﻠّﻐوﯾﺔ ﻓﯾﻬﺎ وذﻟك ﺑﺈظﻬﺎر‬. ‫ﻣﻌدﻻت وﻧﺳب ﻫذا اﻟﺗﻛرار)‪.(2‬‬ ‫‪ -4 -1‬ﻣﺟﺎﻻت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‪:‬‬. ‫اﻟﻣﺟﺎل اﻷول‪ :‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ‪:‬‬ ‫وﻫﻲ اﻟﺗﻲ ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ اﻟﺗﻧظﯾر ﻟﻸدب ﻣن ﻣﻧطﻠق اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣﺳﺗﺧدﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻧّص‬ ‫اﻷدﺑﻲ‪ ،‬وﺗطﻣﺢ إﻟﻰ » أن ﺗﺻل ﯾوﻣﺎ إﻟﻰ ﺗﻔﺳﯾر أدﺑﯾﺔ اﻟﺧطﺎب اﻹﺑداﻋﻲ ﺑﺎﻻﻋﺗﻣﺎد‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﻛوﻧﺎﺗﻪ اﻟﻠﻐوﯾﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل ﻟﻬﺎ اﻟﺗﺣوﯾل اﻟﻣطﻠق ﻋﻠﻰ اﻟﻠﺳﺎﻧﯾﺎت ﺑﻣﺧﺗﻠف‬ ‫ﻓروﻋﻬﺎ«‪.‬‬. ‫‪3‬‬. ‫ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺗﻬدف إﻟﻰ إرﺳﺎء اﻟﻘواﻋد اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﻧطﻠق ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻧﺎﻗد اﻷﺳﻠوﺑﻲ‬ ‫ﻓﻲ ﺗﺣﻠﯾل اﻟﻧّص‪.‬‬ ‫اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ‬ ‫وﻏﺎﯾﺗﻬﺎ ﺗﻌرﯾﺔ اﻟﻧّص اﻷدﺑﻲ إو ظﻬﺎر ﺧﺻﺎﺋﺻﻪ وﺳﻣﺎﺗﻪ‪ ،‬ﻣن ﺣﯾث أﻧﻪ ﺷﻛل‬ ‫ﻓﻧﻲ ﯾﺑﻐﻲ اﻟﻣﻧﺷﺊ ﻋن طرﯾﻘﺔ اﻟﺗﺄﺛﯾر واﻹﻗﻧﺎع‪ ،‬وﻣدﺧﻠﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺗطﺑﯾق ﻫو ﻟﻐﺔ اﻷﺛر‬ ‫اﻷدﺑﻲ‪.‬‬. ‫‪ -1‬ﻧور اﻟدﯾن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.97‬‬. ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.105‬‬ ‫‪ -3‬ﻓﺗﺢ ﷲ أﺣﻣد ﺳﻠﯾﻣﺎن‪ ،‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻣدﺧل ﻧظري ودراﺳﺔ ﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ اﻻداب‪ ،‬اﻟﻘﺎھرة ‪.2008‬ص‪.42‬‬ ‫‪11‬‬.

(17) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫إو ذا ﻛﺎﻧت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ ﺗﺗﺳم ﺑﺎﻹﺳﺗﻘرار ﻋﻠﻰ ﻣﻧﺎﻫﺞ ﺑﻌﯾﻧﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈن اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‬ ‫أن اﻟﺗراﺑط اﻟﻣﻧﻬﺟﻲ ﺑﯾن ﻛﻼ‬ ‫اﻟﺗطﺑﯾﻘﯾﺔ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣن ﺗﻌدد اﺗﺟﺎﻫﺎﺗﻬﺎ وﺗﺷﻌﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻛﻣﺎ ّ‬ ‫اﻟﻣﺟﺎﻟﯾن‪ -‬اﻟﺗﻧظﯾري واﻟﺗطﺑﯾﻘﻲ‪ -‬ﯾﻛﺎد ﯾﻛون ﻣﻧﻌدﻣًﺎ‪.‬‬. ‫‪1‬‬. ‫اﻟﻣﺟﺎل اﻟﺛﺎﻟث‪ :‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‬ ‫ﺗﻌﺗﻣد اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ أﺳﺎﺳًﺎ ﻋﻠﻰ أن ﻻ ﺗﺗﺟﺎوز ﺣدود ﻟﻐﺔ واﺣدة‪ ،‬وﻫﻲ ﺗدرس أﺳﺎﻟﯾب‬ ‫اﻟﻛﻼم ﻓﻲ ﻣﺳﺗوى ﻣﻌﯾن ﻣن ﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻠّﻐﺔ اﻟواﺣدة ﻟﺗﺑﯾن ﺧﺻﺎﺋﺻﻬﺎ اﻟﻔﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻣﻣﯾزة‬ ‫ﻋن طرﯾق ﻣﻘﺎﺑﻠﺔ ﺑﻌﺿﻬﺎ ﺑﺎﻟﺑﻌض اﻵﺧر‪ ،‬ﻟﺗﻘدﯾر أدوارﻫﺎ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻓﻲ ﺑﻧﺎء ﺻور‬ ‫اﻟﺟﻣﺎل ﻓﻲ اﻟﻧﺻوص اﻷدﺑﯾﺔ‪.‬‬ ‫وﺗﻘﺗﺿﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺣﺿور ﻧﺻﯾن ﻓﺄﻛﺛر‪ ،‬وﻻﺑ ّد ﻣن وﺟود ﻋﻧﺻر‬ ‫أو ﻋﻧﺎﺻر اﺷﺗراك ﺑﯾن اﻟﻧﺻوص اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻟﻼﺷﺗراك ﻓﻲ اﻟﻣوﺿوع أو اﻟﻐرض اﻟﻌﺎم‪،‬‬ ‫ﻣﻊ اﻻﺷﺗراك ﻓﻲ اﻟﻣؤﻟف‪ ،‬أو ﻋدم اﻻﺷﺗراك ﻓﯾﻪ‪ ،‬أو اﻻﺷﺗراك ﻓﻲ اﻟﻣؤﻟف ﻣﻊ اﺧﺗﻼف‬. ‫اﻟﻣوﺿوع أو اﻟﻐرض أو ﺟﻧس اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ)‪.(2‬‬. ‫ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺑﻬذا اﻟﺷﻛل ﺗﻘول أﻧﻬﺎ ﺗﺣﺻر ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻠّﻐﺔ اﻟواﺣدة‪ ،‬أي‬ ‫اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻟﻐﺔ واﺣدة واﻻﺑﺗﻌﺎد ﻋن ﺗﻌدد اﻟﻠّﻐﺎت‪ ،‬وﻫﻲ ﻫﻛذا ﺗﺧﺗﻠف اﺧﺗﻼﻓﺎ واﺿﺣﺎ ﻋن‬ ‫اﻷدب اﻟﻣﻘﺎرن اﻟذي ﯾﻌﻧﻰ ﺑدراﺳﺔ ﻋﻼﻗﺎت اﻟﺗﺄﺛر واﻟﺗﺄﺛﯾر ﺑﯾن اﻵداب اﻟﻌﺎﻟﻣﯾﺔ‪ ،‬أو آداب‬. ‫أﻣﺔ ﻣن اﻷﻣم)‪.(3‬‬. ‫‪ -5 -1‬اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻷﺳﻠوب واﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‪:‬‬ ‫» ﺗؤﻛد اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ دراﺳﺔ ﺧﺻﺎﺋص اﻷﺳﻠوب واﻟﺻوّر اﻟﺷﻌرﯾﺔ واﻟﻧﺣوت‬ ‫واﻟﻣﺟﺎزات واﻹﯾﻘﺎع‪ ،‬وﻣﺎ ﻓﯾﻪ ﻣن ﺟﻧﺎس وأﺻوات‪ ،‬وﻋﻠﻰ اﻟﻧظﺎم وﻟﻐﺔ اﻟﺷﻌر‪ ،‬وﻋﻠﻰ‬. ‫‪ -1‬ﻓﺗﺢ ﷲ أﺣﻣد ﺳﻠﯾﻣﺎن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.42‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ‪،‬ص ‪.43-42‬‬ ‫‪ -3‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.47‬‬. ‫‪12‬‬.

(18) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫اﻟﻐﻣوض وﺗوظﯾف اﻷﺳﺎطﯾر واﻟﺣﻛم واﻷﻣﺛﺎل وﻏﯾر ذﻟك ﻣﻣّﺎ ﯾﺳﺗوﻋب ﻣن ﻣﺑﺎﺣث‬ ‫اﻟﺑﻼﻏﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ‪ ،‬وﯾﺗﺟﺎوزﻫﺎ إﻟﻰ ﻣﻛﺗﺷﻔﺎت اﻷﻟﺳﻧﯾﺔ«‪.‬‬. ‫)‪(1‬‬. ‫أي"اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ " ﺣﺳب ﻫذا اﻟﺗﻌرﯾف ﻣﻧﻬﺞ ﻓﻲ دراﺳﺔ اﻷدب وﻧﻘدﻩ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻧﻲ ﺑﺎﻟﺑﺣث ﻋن‬ ‫اﻷﺳس اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ﻟﻺرﺳﺎء ﻋﻠم اﻷﺳﻠوب)‪.(2‬‬. ‫وﻣن ﺧﻼل ﻣﺎ ﺗﻘدم ﯾﺗﺑﯾن أن اﻟداﺋرة اﻟﺗﻲ ﯾﺣﺗﻠﻬﺎ اﻷﺳﻠوب واﺳﻌﺔ وﻣرﻧﺔ ﻓﻘد ﯾﻛون‬ ‫ﻫذا اﻟﻣﺻطﻠﺢ ﻣوﺿوﻋﺎ ﻟدراﺳﺔ أﺳﻠوب ﻟﻐﺔ ﻣﺎ‪ ،‬أو اﻷﺳﻠوب ﻓﺗرة زﻣﻧﯾﺔ ﻣﺣددة‪ ،‬وﺳﺎﺋل‬ ‫أﻣور أﺧرى ﻛﻌﻠم اﻟﻧﺣو‬ ‫اﻷداء ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻠّﻐﺔ‪ ،‬ﻛﯾﻔﯾﺔ ﺗرﻛﯾب اﻟﺟﻣل وﻣﻌرﻓﺔ ﺑﺎﻟﺿرورة ًا‬ ‫ودﻻﻟﺔ اﻷﻟﻔﺎظ‪ ،‬وﻗد ﯾﻛون ﺧﺎ ﺻﺎ ﺑدﻻﻟﺔ ﻧّص ﻣﺎ أو ﺟﻣﻠﺔ ﻣن ﻧص اﻟﻛﺷف ﻋن أﺳﻠوﺑﯾﺔ‬ ‫أدﯾب ﻣﺎ‪ ،‬ﺳﯾﻣﺎ ﻣﺳﺎﺣﺔ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺿﯾﻘﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﻌﻧﻲ اﻟوﺻول إﻟﻰ وﺻف وﺗﻘﯾﯾم ﻋﻠﻰ‬ ‫ﻣﺣدد ﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺎت اﻟﺗﻌﺑﯾر ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟدراﺳﺎت اﻷدﺑﯾﺔ واﻟﻠّﻐوﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺣو ﺧﺎص وﻻ ﺗﻛﺎد‬. ‫ﺗﺗﻌدّاﻫﺎ إﻟﻰ ﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺟﺎﻻت)‪.(3‬‬. ‫أن ظﻬور ﻣﺻطﻠﺢ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻟم ﯾﺑﻠﻎ‬ ‫ﻓﺎﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣﺻطﻠﺣﯾن ﻫﻲ ﻋﻼﻗﺔ ﺗﻛﺎﻣل ذﻟك ّ‬ ‫ﻣﺻطﻠﺢ اﻷﺳﻠوب ﻓﻘد » ﺗﺣددت ﻟﻠﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻘدﯾم داﺋرة ووظﯾﻔﺔ ﻓﻲ إطﺎر اﻟﻣﺻطﻠﺢ‬ ‫اﻟﺟدﯾد«‪ .‬ﻓﺎﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻻ ﺗﺗﻌﺎﻣل ﻣﻊ ﻛل اﻟﺗﻌﺎﺑﯾر ﺑل ﻣﻊ ﻟون ﻣﻌﯾن ﻣﻧﻪ ﻓﻘط)‪.(4‬‬. ‫وﻫذا اﻷﻣر ﯾﺣﻘق ﻟﻬﺎ اﻷﺳﻠوب ﻷﻧﻪ ﯾﺳﺎﻋدﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﺧﺗﯾﺎر اﻟﻣﺎدة اﻟﺗﻲ ﯾﻣﻛن أن ﺗدرﺳﻬﺎ‬ ‫ﻓﻬو ﻣﻬﺎد طﺑﯾﻌﻲ ﻟﻸﺳﻠوﺑﯾﺔ ﯾﻘوم ﺑﻣﻬﻣﺔ اﻻﻧﺗﻘﺎء واﻻﺧﺗﯾﺎر ﻟﻠﻣﺎدة اﻷداﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﺧطوة‬. ‫ﺗﺎﻟﯾﺔ ﺗﻘوم اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﺑﺗﺣﻠﯾﻠﻬﺎ أﺳﻠوﺑﯾﺎ)‪.(5‬‬. ‫‪ -1‬ﻓرﺣﺎن ﺑدري اﻟﺣرﺑﻲ‪ ،‬اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﺣدﯾث‪ ،‬دراﺳﺔ وﺗﺣﻠﯾل اﻟﺧطﺎب ﻣﺟد اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‬ ‫ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﺗوزﯾﻊ ‪،‬ﺑﯾروت ‪ .2003‬ص ‪.19‬‬. ‫‪ -2‬ﻋﺑد اﻟﺳﻼم اﻟﻣﺳدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.34‬‬ ‫‪ -3‬أﺣﻣد دروﯾش‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪ -4‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.20‬‬. ‫‪ -5‬رﺟﺎء ﻋﯾد‪ ،‬اﻟﺑﺣث اﻷﺳﻠوﺑﻲ ﻣﻌﺎﺻرة وﺗراث‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف اﻷﺳﻛﻧدرﯾﺔ ‪ .1993‬ص ‪.21‬‬ ‫‪13‬‬.

(19) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬ ‫‪ -II‬اﻻﻧزﯾﺎح ﻣﺣور ﻣن ﻣﺣﺎور اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‪:‬‬ ‫‪ -1 -2‬ﻣﻔﻬوم اﻻﻧزﯾﺎح‪:‬‬ ‫أ‪ -‬ﻟﻐ ًﺔ‪:‬‬. ‫ﺟﺎء ﻓﻲ ﻟﺳﺎن اﻟﻌرب ﻻﺑن ﻣﻧظور ﻓﻲ ﻣﺎدة " َزَﯾ َﺢ"‪ »:‬زاح اﻟﺷﻲء ﯾزﯾﺢ َزْﯾ ًﺣﺎ‬ ‫اﻟزْﯾ ُﺢ ذﻫﺎب اﻟﺷﻲء‬ ‫وزﯾُو ًﺣﺎ إو ﻧزاح‪ :‬ذﻫب وﺗﺑﺎﻋدـ وأزﺣﺗﻪ وأزاﺣﻪ ﻏﯾرﻩ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺗﻬذﯾب َ‬ ‫ُ‬ ‫َت وﻫﻲ ﺗَزِﯾ ُﺢ«‪.‬‬ ‫َزﺣ ْ‬ ‫ﺗﻘول‪ :‬أزﺣت ﻋﻠﺗﻪ ﻓ َا‬. ‫)‪(1‬‬. ‫وﺑﺷﻲء ﻣن اﻟﺗﻔﺻﯾل ﻓﻲ ﺗﺎج اﻟﻌروس ﻣن ﺟواﻫر اﻟﻘﺎﻣوس »ﻗﺎل ﺷﻌر‪َ :‬از َح‬ ‫وزَاخ ﺑﺎﻟﺣﺎء‪ ،‬واﻟﺧﺎء ﺑﻣﻌﻧﻰ واﺣد‪ ،‬إذا ﺗﻧﺢ وﻣﻧﻪ ﻗول ﻟﺑﯾب‪:‬‬ ‫ﻟو ﯾﻘوم اﻟﻔﯾل أو ﻓﯾﺎﻟﻪ زاح ﻋن ﻣﺛل ﻣﻘﺎم وزﺣل‪.‬‬ ‫أز َح اﻟﺷﻲء‪ :‬أزاﻏﻪ ﻣن ﻣوﺿوﻋﻪ‬ ‫ت ﻋﻠﺗﻪ‪ ،‬وأزاح اﻷﻣر ﻗﺿﺎة‪ ،‬و َا‬ ‫ﻗﺎل‪ :‬وﻣﻧﻪ َاز َﺣ ْ‬ ‫وﻧﺣﺎﻩ«‬. ‫)‪(2‬‬. ‫وزﯾُو ًﺣﺎ‬ ‫ﻛﻣﺎ ﺟﺎء ﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﺑﺎب أﯾﺿﺎ )زﯾﺢ(‪َ » :‬از َح اﻟﺷﻲء ﯾَزِﯾ ُﺢ زﯾ ًﺣﺎ ﺑﻔﺗﺢ اﻟﺳﻛون‪ُ ،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﺿم‪ ،‬وزِﯾ ًﺣﺎ ﺑﺎﻟﻛﺳر‪َ ،‬زَﯾ َﺣﺎﻧًﺎ ﺑﻔﺗﺢ ﻣﺣرﻛﺔ‪ :‬ﺑﻌد‪ ،‬وذﻫب‪ ،‬ﻛﺄﻧزاح ﺑﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬وأزﺣﺗﻪ أﻧﺎ‪،‬‬ ‫وأزاﺣﻪ ﻏﯾرﻩ‪ ،‬وﻓﻲ ﺣدﯾث ﻛﻌب ﺑن ﻣﺎﻟك‪ :‬زاح ﻋﻧﻲ اﻟﺑﺎطل أي زال وذﻫب«‬. ‫)‪(3‬‬. ‫ب‪ -‬اﺻطﻼﺣﺎ‪:‬‬ ‫ﻗﺑل ﻋرض أراء اﻟدارﺳﯾن ﻓﻲ اﻟﻣﻔﻬوم اﻻﺻطﻼﺣﻲ ﻟﻼﻧزﯾﺎح‪ ،‬ﺗﺟدر اﻹﺷﺎرة إﻟﻰ‬ ‫أﻧﻪ )اﻻﻧزﯾﺎح(‪» :‬ﻣﻔﻬوم ﯾﻌد أﻫم ﻣﺎ ﻗﺎﻣت ﻋﻠﯾﻪ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ ﻣن أرﻛﺎن‪،‬ﺣﺗﻰ ﻟﻘد ﻋدﻩ ﻧﻔر‬ ‫ﻣن أﻫل اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻛل ﺷﻲء ﻓﯾﻬﺎ‪ ،‬وﻋرﻓوﻫﺎ ﻓﯾﻣﺎ ﻋرﻓوﻫﺎ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﻠم اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت«‪.‬‬. ‫‪ -1‬إﺑن ﻣﻧظور‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.86‬‬. ‫‪ -2‬اﻟزﺑﯾدي ﻣرﺗﺿﻰ‪ ،‬ﺗﺎج اﻟﻌروس ﻣن ﺟواﻫر اﻟﻘﺎﻣوس‪ ،‬ﺗﺢ‪ :‬ﻋﻠﻰ اﻟﺷﯾري‪ ،‬ج‪ ،4‬دار اﻟﻔﻛر ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر‪،‬‬ ‫ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن ‪ .2005‬ص ‪.74‬‬. ‫‪ -3‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.75‬‬ ‫‪14‬‬.

(20) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫ﯾﻌرف أﺣﻣد ﻣﺣﻣد وﯾس اﻻﻧزﯾﺎح ﺗﻌرﯾﻔﺎ أوﻟﯾﺎ ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ‪ » :‬اﺳﺗﻌﻣﺎل ﻟﻠﻐﺔ‬ ‫ﻣﻔردات‪ ،‬وﺗراﻛﯾب وﺻورًا‪ ،‬اﺳﺗﻌﻣﺎﻻ ﯾﺧرج ﺑﻬﺎ ﻋﻣّﺎ ﻫو ﻣﻌﺗﺎد وﻣﺄﻟوف‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﯾؤدي ﻣﺎ‬. ‫ﯾﻧﺑﻐﻲ ﻟﻪ أن ﯾﺗﺻف ﺑﻪ ﻣن ﺗﻔرد إو ﺑداع وﻗوة ﺟذب وأﺳر «)‪.(1‬‬. ‫ﻧﻠﺗف اﻵن إﻟﻰ اﻟﻣﻌﻧﻰ اﻻﺻطﻼﺣﻲ ﻟﻼﻧزﯾﺎح‪ ،‬ﻣرﺗﻛزﯾن ﻓﻲ ﺗﺣدﯾدﻩ ﻋﻠﻰ أﻗوال‬ ‫اﻷﺳﻠوﺑﯾن‪ ،‬وﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻧﻘطﺔ ﯾﻣﻛن اﻋﺗﺑﺎر ﺟﺎن ﻛوﻫن أول ﻣﻧظر ﻟﻪ إذ ﯾورد أن‪:‬‬. ‫»اﻟﺷﻌر اﻧزﯾﺎح ﻋن ﻣﻌﯾﺎر ﻫو ﻗﺎﻧون اﻟﻠّﻐﺔ أو ﻣﺑدأ ﻣن ﻣﺑﺎدﺋﻬﺎ «)‪ ،(2‬ﯾﺑﯾن ﻣن ﺧﻼل‬ ‫ﻣﻌﯾﺎر ﻫو ﺑﻣﺛﺎﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟذي ﺗﻧﺗظم ﻣن ﺧﻼﻟﻪ‬ ‫ًا‬ ‫ﻗوﻟﻪ اﻹطﺎر اﻟﻌﺎم ﻟﻺﻧزﯾﺎح‪ ،‬ﺑﺄن اﺷﺗرط‬ ‫اﻟﻠّﻐﺔ‪ ،‬وﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﺧروج ﻋن ﻫذا اﻟﻧظﺎم ﻷﻧﻪ اﻧزﯾﺎ ًﺣﺎ‪.‬‬ ‫وﻋرﻓﻪ ﺗودوروف ﻓﻲ ﻗوﻟﻪ‪» :‬ﻟﺣن ﻣﺑرر«)‪ ،(3‬وﻓﻲ ﻫذا اﻟﺷﺄن ﺟﺎء ﺗوﺿﯾﺢ‬ ‫اﻟﻣﺳدي ﺑﺄن اﻋﺗﺑﺎر اﻷﺳﻠوب ﻟﺣﻧًﺎ ﻣﺎ ﻛﺎن ﯾﻛن أن ﯾﻛون ﻟو أﺧﺿﻌت اﻟﻠﻐﺔ إﺧﺿﺎﻋﺎً‬ ‫ﻛﻠﯾًﺎ ﻟﻠﻘﺎﻋدة اﻟﻣﺗواﺿﻊ ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻟﺿرورة ﻣﺎ‪ .‬وﻓﻲ ﻧﻔس اﻟﻣﻌﻧﻰ ﯾﻘول ﻟﯾوﺳﺑﯾﺗزر‪» :‬أﻧﻪ‬ ‫اﻧﺣراف ﻓ َْردي ﺑﺎﻟﻘﯾﺎس إﻟﻰ ﻗﺎﻋدة ﻣﺎ«)‪.(4‬‬. ‫أن اﻻﻧزﯾﺎح‪ :‬ﺧروج ﻋن اﻟﻣﺄﻟوف‪ ،‬أو ﻣﺎ ﯾﻘﺗﺿﯾﻪ اﻟظﺎﻫر‪ ،‬أو‬ ‫ﯾﻛﺎد اﻹﺟﻣﺎع ﯾﻧﻌﻘد ﻋﻠﻰ ّ‬ ‫ﻫو ﺧروج ﻋن اﻟﻣﻌﯾﺎر ﻟﻐرض ﻗﺻد إﻟﯾﻪ اﻟﻣﺗﻛﻠم أو ﺟﺎء ﻋﻔو اﻟﺧﺎطر‪ ،‬ﻟﻛﻧﻪ ﯾﺧدم‬ ‫اﻟﻧّص ﺑﺻورة أو ﺑﺄﺧرى‪ ،‬وﺑدرﺟﺎت ﻣﺗﻔﺎوﺗﺔ‪.‬‬ ‫ورﺑﻣﺎ اﺗﺧذ ذﻟك اﻟﺧروج أﺷﻛﺎﻻ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪ ،‬ﻓﻘد» ﯾﻛون ﺧرﻗًﺎ ﻟﻠﻘواﻋد ﺣﯾﻧﺎ أو‬ ‫اﺳﺗﺧداﻣﺎ ﻟﻣﺎ ﻧدر ﻣن اﻟﺻﯾﻎ« ﻛﻣﺎ ﯾرى رﯾﻔﺎﺗﯾر‪ ،‬وﯾوﺿﺢ ﻣﻧذر اﻟﻌﯾﺎﺷﻲ ﻣﻔﻬوم‬ ‫ﻷن اﻟﻠّﻐﺔ ﻧظﺎم‪ ،‬إو ن‬ ‫اﻻﻧزﯾﺎح ﺑﻘوﻟﻪ‪» :‬ﺛﻣﺔ ﻣﻌﯾﺎر ﯾﺣددﻩ اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻔﻌﻠﻲ ﻟﻠّﻐﺔ‪ :‬ذﻟك ّ‬ ‫ﻣﻌﯾﺎر وﯾﻌطﯾﻪ ﻣﺻداﻗﯾﺔ اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ‬ ‫ًا‬ ‫ﺗﻘﯾد اﻷداء ﺑﻬذا اﻟﻧظﺎم‪ ،‬ﻫو اﻟذي ﯾﺟﻌل اﻟﻧظﺎم‬ ‫‪ -1‬أﺣﻣد ﻣﺣﻣد وﯾس‪ ،‬اﻻﻧزﯾﺎح ﻣن ﻣﻧظور اﻟدراﺳﺎت اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ‪ ،‬ط‪ ،1‬ﻣﺟد اﻟﻣؤﺳﺳﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت واﻟﻧﺷر‬ ‫واﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﺑﯾروت‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن ‪ .2005‬ص‪.7‬‬. ‫‪ -2‬ﺟﺎن ﻛوﻫن‪ ،‬ﺑﻧﯾﺔ اﻟﻠّﻐﺔ اﻟﺷﻌرﯾﺔ‪ ،‬ﺗرﺟﻣﺔ ﻣﺣﻣد اﻟوﻟﻲ وﻣﺣﻣد اﻟﻌﻣري‪ ،‬ط‪ ،1‬دار اﻟﺗوﺑﻘﺎل‬ ‫اﻟﻣﻐرب ‪ .1986‬ص‪.6‬‬. ‫‪ -3‬ﻋﺑد اﻟﺳﻼم اﻟﻣﺳدي‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪ -4‬ﺟﺎن ﻛوﻫن‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.76‬‬. ‫‪15‬‬.

(21) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫ﺻﺣﺔ اﻹﻧﺗﺎج اﻟﻠّﻐوي ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬أي ﺧروج ﻋﻠﻰ ﺟﻣﻠﺔ اﻟﻘواﻋد اﻟﺗﻲ ﯾﺻﯾر ﺑﻬﺎ اﻷداء إﻟﻰ‬ ‫وﺟودﻩ‪ .‬وﻫو ﯾﺑدو ﻓﻲ ﻛﻼ اﻟﺣﺎﻟﯾن‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﯾﻣﻛن أن ﻧﻼﺣظ وﻛﺄﻧﻪ ﻛﺳر ﻟﻠﻣﻌﯾﺎر ﻏﯾر أﻧﻪ‬ ‫ﻻ ﯾﺗم إﻻ ﺑﻘﺻد ﻣن اﻟﻛﺎﺗب أو اﻟﻣﺗﻛﻠم وﻫذا ﻣﺎ ﯾﻌطﻲ ﻟوﻗوﻋﻪ ﻗﯾﻣﺔ ﻟﻐوﯾﺔ وﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗرﻗﻰ‬ ‫ﺑﻪ إﻟﻰ رﺗﺑﺔ اﻟﺣدث اﻷﺳﻠوﺑﻲ‪.‬‬ ‫اﻻﻧزﯾﺎح ﻋﻧد ﺻﻼح ﻓﺿل ﻫو اﻻﻧطﻼق و اﻻﻧﺗﻘﺎل اﻟﻣﻔﺎﺟﺊ ﻟﻠﻣﻌﻧﻰ)‪.(1‬‬ ‫أﻣﺎ ﻋﻧد ﻓﺎﻟﯾري ﻓﻬو اﻟﺗﺟﺎوز‪ ،‬واﻻﻧﺣراف ﻋﻧد ﺳﺑﯾﺗزر واﻻﻧﺗﻬﺎك ﻋﻧد "ﻛوﻫن"‪ ،‬واﻟﻠﺣن‬ ‫أو ﺧرق اﻟﺳﻧن ﻋﻧد ﺗودوروف و اﻟﻌﺻﯾﺎن ﻋﻧد ﺑﺎرت أراﻏون‪ ،‬واﻟﺗﺣرﯾف ﻋﻧد ﺟﻣﺎﻋﺔ‬ ‫ﻣو‪ ،‬واﻟﺷﻧﺎﻋﺔ ﻋﻧد ﺑﺎرث‪ ،‬و اﻟﻣﺧﺎﻟﻔﺔ ﻋﻧد ﺛﯾري‪ ،‬واﻻﺧﺗﻼل ﻋﻧد وارﯾن ووﯾﻠﯾك‪،‬‬ ‫واﻹطﺎﺣﺔ ﻋﻧد ﺑﺎﺗﯾﺎر‪ ،‬وﺧﯾﺑﺔ اﻻﻧﺗظﺎر ﻋﻧد ﺟﺎﻛﺑﺳون وﻗد أطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻋدﻧﺎن ﺑن‬ ‫ذرﯾل ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﻣﯾﺎت اﺳم ﻋﺎﺋﻠﺔ اﻻﻧزﯾﺎح ﻷﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻣﺳﻣﯾﺎت ﻟﻣﺳﻣﻰ‬. ‫واﺣد)‪.(2‬‬. ‫‪ -2 -2‬أﻧواع اﻻﻧزﯾﺎح‪:‬‬ ‫ﺗﺣدث اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻋن أﻧواع اﻻﻧزﯾﺎح‪ ،‬اﻻﻧﺣراف ﺣﺗﻰ أوﺻﻠﻬﺎ ﺑﻌﺿﻬم‬ ‫إﻟﻰ ﺧﻣﺳﺔ ﻋﺷر اﻧزﯾﺎ ًﺣﺎ‪ ،‬وﻫذﻩ اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت ﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾﻔﻬﺎ إﻟﻰ ﺧﻣﺳﺔ أﻧواع وﻓق‬ ‫اﻟﻣﻌﺎﯾﯾر اﻟﺗﻲ ﺗﺗﺑﻊ ﻓﻲ ﺗﺣدﯾد اﻻﻧزﯾﺎح وﻫﻲ‪:‬‬ ‫أ‪ -‬اﻻ ﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟﻣوﺿﻌﯾﺔ و اﻹﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟﺷﺎﻣﻠﺔ‪:‬‬ ‫ﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت ﺗﺑﻌﺎ ﻟدرﺟﺔ اﻧﺗﺷﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﻧّص ﻛظواﻫر ﻣﺣﻠﯾﺔ‬ ‫ﻣوﺿوﻋﯾﺔ أو ﺷﺎﻣﻠﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻻﻧزﯾﺎح اﻟﻣوﺿﻌﻲ ﯾؤﺛر ﻓﺣﺳب ﻋﻠﻰ ﻧﺳﺑﺔ ﻣﺣدودة ﻣن اﻟﺳﯾﺎق‪،‬‬ ‫ﻓﺎﻻﺳﺗﻌﺎرة ﻣﺛﻼ ﯾﻣﻛن أن ﺗوﺻف ﺑﺄﻧﻬﺎ اﻧزﯾﺎح ﻣوﺿﻌﻲ ﻣن اﻟﻠّﻐﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ‪ ،‬أﻣﺎ اﻻﻧزﯾﺎح‬ ‫اﻟﺷﺎﻣل ﻓﯾؤﺛر ﻋﻠﻰ اﻟﻧّص ﺑﺄﻛﻣﻠﻪ وﻣﺛﺎﻟﻪ ﻣﻌدﻻت اﻟﺗﻛرار اﻟﺷدﯾدة اﻻرﺗﻔﺎع‪ ،‬أو‬. ‫‪ -1‬ﯾوﺳف أﺑو اﻟﻌدوس‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.180‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.181‬‬. ‫‪16‬‬.

(22) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫اﻻﻧﺧﻔﺎض ﻟوﺣدة ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻧّص ﻣﻣﺎ ﯾﻌ ّد اﻧزﯾﺎ ًﺣﺎ ﺷﺎﻣﻼ‪ ،‬وﯾﻣﻛن رﺻدﻩ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم‬ ‫ﻋن طرﯾق اﻹﺟراءات اﻹﺣﺻﺎﺋﯾﺔ‪.‬‬. ‫‪1‬‬. ‫ب‪ -‬اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟﺳﻠﺑﯾﺔ و اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻹﯾﺟﺎﺑﯾﺔ‪:‬‬ ‫ﺗﺑﻌًﺎ ﻟﻌﻼﻗﺎﺗﻬﺎ ﺑﻧظﺎم اﻟﻘواﻋد اﻟﻠّﻐوﯾﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻧﻌﺛر ﻋﻠﻰ اﻧزﯾﺎﺣﺎت ﺳﻠﺑﯾﺔ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ‬ ‫ﺗﺧﺻﯾص اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻗﺻرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗوﺟد اﻧزﯾﺎﺣﺎت إﯾﺟﺎﺑﯾﺔ‪،‬‬ ‫ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ إﺿﺎﻓﺔ ﻗﯾود ﻣﻌﯾﻧﺔ إﻟﻰ ﻣﺎ ﻫو ﻗﺎﺋم ﺑﺎﻟﻔﻌل ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻷوﻟﻰ‪ ،‬ﺗﻧﺟم ﺗﺄﺛﯾرات‬ ‫ﺷﻌرﯾﺔ ﻋن اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﻘواﻋد اﻟﻠّﻐوﯾﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﺣﺎﻟﺔ اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ ﺗﺗم اﻟﺗﺄﺛﯾرات ﻋن إدﺧﺎل‬ ‫ﺷروط وﻗﯾود ﻋﻠﻰ اﻟﻧّص‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻓﯾﺔ ﻣﺛﻼ‪ :‬وﻫذا اﻟﺗﻣﯾﯾز ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن‬ ‫ﻟﻼﻧزﯾﺎح ﯾﺗﺻل ﺑﺗﺻور اﻷﺳﻠوب ﻛﺈﺿﺎﻓﺔ ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﺗﻣر ﺑﺑﻧﯾﺔ ﺷﻌرﯾﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ أو ﺑﺗﺻور‬ ‫اﻷﺳﻠوب ﻛﺧرق ﻟﻠﻘواﻋد اﻟﻠّﻐوﯾﺔ)‪.(2‬‬. ‫ج‪ -‬اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ و اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪:‬‬ ‫ﯾﻣﻛن ﺗﺻﻧﯾف اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت ﻣن ﺟﻬﺔ اﻟﻧظر اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻘﺎﻋدة‬ ‫واﻟﻧّص اﻟﻣزﻋم ﺗﺣﻠﯾﻠﻪ إﻟﻰ اﻧزﯾﺎﺣﺎت داﺧﻠﯾﺔ ‪ ،‬واﻧزﯾﺎﺣﺎت ﺧﺎرﺟﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺎﻻﻧزﯾﺎح اﻟداﺧﻠﻲ‬ ‫ﯾظﻬر ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﻔﺻل وﺣدة ﻟﻐوﯾﺔ ذات اﻧﺗﺷﺎر ﻣﺣدود ﻋن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣﺳﯾطرة ﻋن اﻟﻧّص‬ ‫ﺟﻣﻠﺔ‪ ،‬واﻻﻧزﯾﺎح اﻟﺧﺎرﺟﻲ ﯾظﻬر ﻋﻧدﻣﺎ ﯾﺧﺗﻠف أﺳﻠوب اﻟﻧّص ﻋن اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻣوﺟودة ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻣدروﺳﺔ‪.‬‬ ‫د‪ -‬اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟﺧطﯾﺔ )اﻟﺑﺎﻗﯾﺔ(‪:‬‬ ‫وذﻟك ﺗﺑﻌﺎ ﻟﻠﻣﺳﺗوى اﻟّﻠﻐوي اﻟذي ﺗﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻪ)‪.(3‬‬. ‫‪ -1‬ﯾوﺳف اﺑو اﻟﻌدوس‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.187‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ‪،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ‪.‬‬ ‫‪ -3‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬اﻟﺻﻔﺣﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ‪.‬‬. ‫‪17‬‬.

(23) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬ ‫ﻫـ‪ -‬اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ واﻻﺳﺗﺑداﻟﯾﺔ‪:‬‬. ‫وذﻟك ﺗﺑﻌﺎ ﻟﺗﺄﺛﯾرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺑدأي اﻻﺧﺗﯾﺎر واﻟﺗرﻛﯾب ﻓﻲ اﻟوﺣدات اﻟﻠّﻐوﯾﺔ‪،‬‬ ‫اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت اﻟﺗرﻛﯾﺑﯾﺔ ﺗﺗﺻل ﺑﺎﻟﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺳﯾﺎﻗﯾﺔ اﻟﺧطﯾﺔ ﻟﻺﺷﺎرات اﻟﻠّﻐوﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺧرج‬ ‫ﻋن ﻗواﻋد اﻟﻧظر‪ ،‬واﻟﺗرﻛﯾب ﻣﺛل اﻻﺧﺗﻼف ﻓﻲ ﺗرﻛﯾب اﻟﻛﻠﻣﺎت‪ ،‬أﻣﺎ اﻻﻧزﯾﺎﺣﺎت‬ ‫اﻻﺳﺗﺑداﻟﯾﺔ ﻓﺗﺧرج ﻋﻠﻰ ﻗواﻋد اﻻﺧﺗﯾﺎر ﻟﻠرﻣوز اﻟﻠّﻐوﯾﺔ ﻣﺛل وﺿﻊ اﻟﻣﻔرد ﻣﻛﺎن اﻟﺟﻣﻊ‬. ‫أﻣﺎ اﻟﺻﻔﺔ ﻣﻛﺎن اﻟﻣوﺻوف‪ ،‬أو اﻟﻠّﻔظ اﻟﻐرﯾب ﺑدل اﻟﻠﻔظ اﻟﻣﺄﻟوف)‪.(1‬‬ ‫‪ -3 -2‬أﻫﻣﯾﺔ اﻻﻧزﯾﺎح وطﺑﯾﻌﺗﻪ‪:‬‬. ‫ﻣﻌﻠوم أن ﻟﻐﺗﻧﺎ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﻌظم ﻗواﻋد ﺑﻧﺎﺋﻬﺎ وﺻﯾﺎﻏﺔ ﺟﻣﻠﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻓﻣﺳﺗوﯾﺎت اﻟﻠّﻐﺔ ﺗﺑدأ ﻣن اﻷﺻوات ﻟﺗﺷﻛل اﻟﻛﻠﻣﺎت واﻟﻛﻠﻣﺎت ﺗﺗﻧﺎﺳق ﻟﺗﺷﻛل اﻟﺟﻣل‬ ‫ﺑﻧوﻋﯾﻬﺎ‪ ،‬اﻻﺳﻣﯾﺔ واﻟﻔﻌﻠﯾﺔ وﺗﺗﺿﺎم اﻟﺟﻣل ﻟﺗﺷﻛل اﻟﻔﻘرات‪ ،‬وﻣن اﻟﻔﻘرات ﺗﺗﺷﻛل‬ ‫اﻟﻧﺻوص‪ ،‬وﻛل ﻫذا ﯾﺳﯾر وﻓق أﻧظﻣﺔ ﻟﻐوﯾﺔ‪ ،‬وﻗواﻧﯾن ﻻ ﯾﺧرج اﻟﻛﺎﺗب ﻋﻧﻬﺎ‪ ،‬إﻻ ﺿﻣن‬ ‫ﻣﻌﺎﯾﯾر اﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ ﻣﺣددة‪ ،‬وﺑﺷروط ﻣﻌروﻓﺔ ﯾﺟب أن ﯾﻠﺗزم ﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺧرج ﻋن اﻟﻣﺄﻟوف‬ ‫ﻓﻘد اﻧزاح وﺣﺎد ﻋن اﻟﺳﻣت اﻟﻣﺗﻌﺎرف ﻋﻠﯾﻪ وﻟذﻟك ﻧرى أن اﻟﺷﻌراء ﯾﺟﯾدون ﻋن ﺳﻣت‬ ‫اﻟﻌرﺑﯾﺔ أﻛﺛر ﻣن اﻟﻛﺗ ﺎب‪ ،‬وذﻟك طﻠﺑﺎ ﻻﺳﺗﻘﺎﻣﺔ اﻟوزن واﻟﻘﺎﻓﯾﺔ وﻟﺗﺄدﯾﺔ ﻣﻌﺎﻧﻲ دﻻﻟﯾﺔ ﺗﻛون‬ ‫أﻋﻣق وأﺑﻠﻎ وأﺷد ﺗﺄﺛﯾ اًر ﻋﻠﻰ اﻟﻧﻔوس ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﺧروج ﻋن ﻗواﻋد اﻟﻠّﻐﺔ‪ ،‬وﺿواﺑطﻬﺎ‪،‬‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻠّﻐﺔ‬ ‫ﻓﺈن ﻋﻣﻠﯾﺔ اﻻﻧزﯾﺎح ﺗؤﺛر ﻓﻲ اﻟﻘﺎﺋل واﻟﻧّص واﻟﻣﺧﺎطب ﺟﻣﯾﻌﺎ وﻟذﻟك ّ‬ ‫وﻋﻠﯾﻪ ّ‬ ‫اﻟﺷﻌرﯾﺔ ﻻ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻣﻌﺎﻧﻲ اﻹﯾﺣﺎﺋﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻓﻲ‬ ‫ﻧﻔس اﻟﺷﺎﻋر اﻟﺗﻲ ﺗﺧدم ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ اﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺗﺑت ﻣن أﺟﻠﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﻓﺎﻻﻧزﯾﺎح إذن ﺟﺎء ﻹﺧراج اﻟﻠّﻐﺔ ﻣن داﺋرة اﻟﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ اﻟﺿﯾﻘﺔ‪ ،‬واﻟﻣﻌﯾﺎرﯾﺔ‬. ‫اﻟﻣﺣددة إﻟﻰ داﺋرة اﻟﻧﺷﺎط اﻹﻧﺳﺎﻧﻲ اﻟﺣﻲ)‪.(2‬‬. ‫‪ -1‬ﯾوﺳف أﺑو اﻟﻌدوس‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.188‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.184‬‬. ‫‪18‬‬.

(24) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫إن ﻟﻼﻧزﯾﺎح ﻏﺎﯾﺎت ﻣﻧﻬﺎ ﻟﻔت اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ وﻣﻔﺎﺟﺄة اﻟﻘﺎرئ ﺑﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺟدﯾدة‪ ،‬وﻣراﻋﺎة‬ ‫ّ‬ ‫ﺗﺟﻧب ﺗﺳﻠل اﻟﻣﻠل إﻟﯾﻪ‪ ،‬وﻟﻘد اﻋﺗﺑر ﺑﻌض ﻋﻠﻣﺎء اﻷﺳﻠوب "اﻻﻧزﯾﺎح" ﻫو ظﺎﻫرة أو‬ ‫ﺣﯾﻠﺔ ﻣﻘﺻودة ﺗﺳﻌﻰ إﻟﻰ ﻟﻔت اﻧﺗﺑﺎﻩ اﻟﻘﺎرئ‪.‬‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﺗﺗطﻠب ﻣن اﻟﻛﺎﺗب أن ﯾﻔﺎﺟﺊ ﻗﺎرﺋﻪ ﻣن ﺣﯾن إﻟﻰ ﺣﯾن‬ ‫ﻟذﻟك ّ‬ ‫ﺑﻌﺑﺎرة ﺗﺛﯾر اﻧﺗﺑﺎﻫﻪ ﺣﺗﻰ ﻻ ﺗﻔﺗر ﺣﻣﺎﺳﺗﻪ ﻟﻣﺗﺎﺑﻌﺔ اﻟﻘراءة‪ ،‬أو ﯾُﻘوﺗﻪ ﻣﻌﻧﻰ ﯾﺣرص‬ ‫اﻟﻛﺎﺗب ﻋﻠﻰ إﺑﻼﻏﻪ إﯾﺎﻩ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻛﺗﺎﺑﺔ اﻟﻔﻧﯾﺔ ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻌﺎدي‬. ‫واﻟﻣﺄﻟوف ﻟﻠّﻐﺔ)‪.(1‬‬. ‫وﻟﻘد ﻛﺎن ﻟﻠﻛﺎﺗب ﻋدّة أﻫداف ﯾﺳﻣﻰ ﻟﺗﺣﻘﯾﻘﻬﺎ ﻋﻧد ﻟﺟوﺋﻪ ﻟﻼﻧزﯾﺎح ﻣﻧﻬﺎ‪ ،‬اﻟﺑﻌد‬ ‫اﻟﺟﻣﺎﻟﻲ ﻟﻸدب اﻟذي ﻻ ﯾﺗﺣﻘق إﻻ ﻋن طرﯾق اﻹﻧزﯾﺎح‪ ،‬وﻣن ذﻟك‪ ،‬ﻟﻠﺿرورات اﻟﺷﻌرﯾﺔ‬. ‫اﻟﺗﻲ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ اﻟﺷﺎﻋر)‪.(2‬‬. ‫وﻟﻘد ﻋد اﻟﻛﺛﯾر ﻣن اﻷﺳﻠوﺑﯾﯾن اﻻﻧزﯾﺎح ﺟوﻫر اﻹﺑداع‪ ،‬ﺑل ﻫو أداة ﻣﻬﻣﺔ ﻣن‬ ‫أدوات اﻻﺗﺻﺎل اﻟﻠّﻐوي اﻟدﻻﻟﻲ‪ ،‬ﻓﺎﻟرﺳﺎﻟﺔ اﻟﻣﻌطﺎة ﻗد ﺗﻧزاح ﻋن اﻟﻧﻣط ﺑطرﯾﻘﺗﯾن‪ ،‬اﻷوﻟﻰ‬ ‫أن ﺗﺗﺿﻣن ﺑﻌض اﻟﻣﻼﻣﺢ اﻟﺗﻲ ﻻ ﻧﺟدﻫﺎ ﺧﺎرﺟﺔً ﻋﻧﻬﺎ‪ ،‬واﻟﺛﺎﻧﯾﺔ إدﺧﺎل ﻣﺣدودات‬ ‫إﺿﺎﻓﯾﺔ أﺑﻌد ﻣن ﻣﺣدودات اﻟﻘﺎﻋدة ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬وذﻟك ﻛﺎﺿطرار اﻟﺷﺎﻋر إﻟﻰ اﺧﺗﯾﺎر ﻛﻠﻣﺔ‬. ‫ﺗﺧدم ﻗﺎﻓﯾﺗﻪ)‪.(3‬‬. ‫‪ -4 -2‬ﺑذور اﻻﻧزﯾﺎح ﻋﻧد اﻟﻌرب واﻟﻐرب‬ ‫أ‪ -‬ﻋﻧد اﻟﻌرب‪:‬‬ ‫ﻧﺻﺎدف أﺛﻧﺎء ﻗراءﺗﻧﺎ ﻟﻠﺗراث اﻟﻔﻛري اﻟﻌرﺑﻲ اﻟﻘدﯾم ﻣﺻطﻠﺣﺎت وﺟﻣل ﻣﺛل‪:‬‬ ‫"اﻟﻌدول" و "اﻻﻟﺗﻔﺎت" اﻟﺿرورة اﻟﺷﻌرﯾﺔ "ﺷﺟﺎﻋﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ" وﻫﻲ ﻛﻣﺎ ﻧﻼﺣظ ﻣﺻطﻠﺣﺎت‬ ‫ﺗﻧﺗﻣﻲ إﻟﻰ ﺣﻘول ﻣﻌرﻓﯾﺔ ﻣﺧﺗﻠﻔﺔ ﻣن ﻋﻠوم اﻟﻠّﻐﺔ واﻟﺑﻼﻏﺔ واﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ‪ ،‬ﻏﯾر أﻧﻬﺎ ﺗﻠﺗﻘﻲ‬ ‫ﺣول ﺑﻌد ﻣﻔﻬوﻣﻲ واﺣد ﻫو اﻹﻗﺑﺎل ﻋﻠﻰ اﻟﻛﻼم ﺑﺟرأة واﻹﺗﯾﺎن ﺑﺎﻟﺟدﯾد اﻟﻣﺧﺗﻠف‬ ‫‪ -1‬ﯾوﺳف أﺑو اﻟﻌدوس‪،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.184‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.185‬‬. ‫‪-3‬ﻧﻔﺳﻪ‪ ،‬ص ‪.186-185‬‬ ‫‪19‬‬.

(25) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫ﻟﻠﺳﺎﺑق‪ ،‬وﯾﺗﺄﻛد ﺑذﻟك اﻧﺗﺑﺎﻩ اﻟﻌرب اﻟﻘداﻣﻰ اﻟﻧﺣوﯾون ﻣﻧﻬم واﻟﺑﻼﻏﯾون واﻟﻧﻘﺎد إﻟﻰ وﺟود‬ ‫ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻣن اﻟﻛﻼم‪ ،‬وﻛﻣﺎ ورد ﻋﻠﻰ ﻟﺳﺎن اﻟﺧﻠﯾل ﺑن أﺣﻣد اﻟﻔراﻫﯾدي » أﻣراء اﻟﻛﻼم‬ ‫ﯾﺻرﻓوﻧﻪ‪ ،‬آﻧﺗﺷﺎؤوا‪ ،‬وﺟﺎﺋز‬. ‫ﻟﻬم ﻣﺎ ﯾﺟوز ﻟﻐﯾرﻫم ﻣن إطﻼق اﻟﻣﻌﻧﻰ وﺗﻘﯾدﻩ وﻣد‬. ‫ﻣﻘﺻورﻩ‪ ،‬وﻗﺻر ﻣﻣدودﻩ‪،‬واﻟﺟﻣﻊ ﺑﯾن ﻟﻐﺎﺗﻪ واﻟﺗﻔرﯾق ﺑﯾن ﺻﻔﺎﺗﻪ‪ ،‬واﺳﺗﺧراج ﻣﺎ ﺣﻠّت‬ ‫اﻷﻟﺳن ﻋﻧد وﺻﻔﻪ وﻧﻌﺗﻪ واﻷذﻫﺎن ﻋن ﻓﻬﻣﻪ إو ﯾﺿﺎﺣﻪ ﻓﯾﻘرﺑون اﻟﺑﻌﯾد وﯾﺑﻌدون اﻟﻘرﯾب‬. ‫وﯾﺣﺗﺞ ﺑﻬم وﻻ ﯾﺣﺗﺞ ﻋﻠﯾﻬم«)‪.(1‬‬. ‫ﻧﻠﻣس ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻧّص ﻟﻬﺟﺔ اﻟﺗﻘدﯾر ﻟﻠﺷﻌراء ﻓﺗﺟﺎوزﻫم ﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﻋدة ﻻ ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻘط "ﻛل‬ ‫ﺧﺎﺻﺔ ﺷﻌرﯾﺔ" ﺗﺟوز ﻟﻬم اﻟﻣﺣرم ﺑل ﯾﺣث أﯾﺿﺎ‪ ،‬ﻷن ﻟﻬم اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ اﻟﺗﺻرف ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻛﻼم وﺗﻌﺑﯾرﻩ واﻟﺗﺻرف ﻓﯾﻪ واﻻﺑﺗﻛﺎر أﯾﺿﺎ)‪.(2‬‬. ‫ﻟﻘد أدرك اﻟﻘداﻣﻰ إن وﺟود ﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻟﻠﻛﻼم اﻟﻣﺳﺗوى اﻷول‪ ،‬اﻟذي ﯾﺗﺣدث ﻓﯾﻪ‬ ‫ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻧﺎس واﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي ﻫو ﻣﺳﺗوى ﻓردي ﺧﺎص إو ﻧﻬﺎ ﻻ ﻗﺎﻣت ذﻟك‬. ‫اﻹدراك)‪.(3‬‬. ‫وﻟﻘد أدّى اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺈﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن‪ ،‬واﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﺧﺻوﺻﯾﺔ ذﻟك اﻟﺧطﺎب اﻟﻣﻧﻘطﻊ‬ ‫ﻣﻌرﻓﯾﺎ إﻟﻰ ﺗﺄﻛﯾد ذﻛرﻩ اﻟﻣﺳﺗوﯾﯾن ﻫذﻩ واﻋﺗﺑﺎر ﻣﺳﺗوى اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ ﺧﺎرﺟﺎ ﻋن‬ ‫اﻟﻌرف‪ ،‬وذﻟك اﻟﺧروج ﻫو ﻣﺎ ﯾﺷﻛل ﺑﻼﻏﺗﻪ‪ ،‬وﻣن ﺛم إﻋﺟﺎزﻩ ﺑﺎﻟﻘﯾﺎس إﻟﻰ اﻟﻛﻼم اﻟﯾوﻣﻲ‬ ‫اﻟﻣﺗداول ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻌرﺑﻲ‪.‬‬ ‫وﻟﻬذا ﯾؤﻛد ﻧﺻر ﺣﺎﻣد أﺑو زﯾد ﻋﻠﻰ أن اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻗﺿﯾﺔ اﻹﻋﺟﺎز ﻟﯾﺳت‬ ‫ﺣﻘﯾﻘﺗﻪ إﻻ ﺑﺣﺛﺎ ﻋن اﻟﺳﻣﺎت اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻧص‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﻣﯾزﻩ ﻋن اﻟﻧﺻوص اﻷﺧرى ﻓﻲ‬ ‫اﻟﺛﻘﺎﻓﺔ وﺗﺟﻌﻠﻪ ﯾﻌﻠو ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ ،‬وﯾﺗﻔوق ﺑﺧروﺟﻪ ﻋن اﻟﻣﻌﻬود ﻋن ﻧظﺎم ﺟﻣﯾﻊ ﻛﻼم‬. ‫اﻟﻌرب)‪.(4‬‬. ‫‪ -1‬ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم راﺿﻲ‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻠﻐﺔ ﻓﻲ اﻟﻧﻘد اﻷدﺑﻲ ‪،‬د ط ‪،‬ﻣﻛﺗﺑﻪ اﻟﺧﺎﻧﺟﻲ ‪،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ .‬ص ‪.46‬‬ ‫‪ -2‬ﻧﻔﺳﻪ ‪ ،‬ص ‪.57‬‬. ‫‪ -3‬اﺑن ﺟﻧﻲ‪ ،‬اﻟﺧﺻﺎﺋص ج‪ ، 2‬ﺗﺢ ﻣﺣﻣد ﻋﻠﻰ اﻟﻧﺟﺎر‪ ،‬دار اﻟﻛﺗب اﻟﻣﺻرﯾﺔ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ .1952‬ص ‪.392‬‬. ‫‪ -4‬ﻧﺻر ﺣﺎﻣد أﺑو زﯾد‪ ،‬إﺷﻛﺎﻟﯾﺎت اﻟﻘراءة وآﻟﯾﺎت اﻟﺗﺄوﯾل‪ ،‬ط‪ ،4‬اﻟﻣرﻛز اﻟﺛﻘﺎﻓﻲ اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬ﺑﯾروت ﻟﺑﻧﺎن ‪ .1996‬ص‬ ‫‪.137‬‬. ‫‪20‬‬.

(26) ‫اﻷﺳﻠﻮﺑﯿﺔ واﻻﻧﺰﯾﺎح‬. ‫ﻣﻔﺎھﯿﻢ ﻧﻈﺮﯾﺔ‬. ‫وﻗﯾل اﻟﺑﺎﻗﻼﻧﻲ ﻛﺎن اﻟﻘراء ﻗد وﻓق ﻓﻲ "ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﻘرآن" وﻗﻔﺔ ﻧﺣوﯾﺔ دﻻﻟﯾﺔ ﻣﺗﺄﻣﻠﺔ‬ ‫ﻓﻲ اﻷﺑﻧﯾﺔ اﻟﻣﺟﺎزﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔرد ﺑﻬﺎ اﻟﺧطﺎب اﻟﺳﻣﺎوي‪ ،‬ﻛﻣﺎ ﺗﻌﻣق اﻟﺟﺎﺣظ ﻓﻲ ﺗذوق‬ ‫أﺳرار اﻟﺑﻼﻏﺔ ﻓﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻘرآﻧﯾﺔ‪ ،‬وﻫو اﻟﺷﻲء ﻧﻔﺳﻪ اﻟذي ﻗﺎم ﺑﻪ اﺑن ﻗﺗﯾﺑﺔ ﻓﻲ "اﻟﻧﻛت‬ ‫ﻓﻲ إﻋﺟﺎز اﻟﻘرآن" وﻣﺧﺗﻠف ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺎت ﺗﺟﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺗﻔرد اﻟﻧص اﻟﻘرآﻧﻲ وﺗﺣدﯾد ﻋﻠّﺔ‬ ‫ذﻟك اﻟﺗﻔرد إﻟﻰ ﻋدول أﺳﻠوﺑﻪ ﻋن أﺳﺎﻟﯾب اﻟﻌرب ﻣﻧﻬﺎ ﯾﺟﻌل اﻟﻛﻼم ﻓﻲ اﻵﯾﺎت ﻓﺎرﻗﺎ‬ ‫اﻟواﺣدﯾﺔ اﻟﺑﻌد اﻟدﻻﻟﻲ ﻣﺗﻔﺗﺣﺎ ﻋﻠﻰ ﻋدّة ﻗراءات وﻣﺎ ﯾﻘﺎل ﻋن ﺧروج اﻟﺧطﺎب اﻟﻘرآﻧﻲ‬ ‫ﻋن اﻟﻧظﺎم اﻟﻛﻼﻣﻲ‪.‬‬ ‫إو ن اﺧﺗﻠﻔت درﺟﺎت ذﻟك اﻟﺧروج وأﺷﻛﺎﻟﻪ‪ ،‬ﻓﻧﻼﺣظ أن اﻟﺧروج ﻋن اﻟﻣﺄﻟوف أو‬ ‫اﻻﻧزﯾﺎح ﻋن اﻟﻣﺳﺗوى اﻟﻌﺎدي اﻟذي ﯾؤدي إﻟﻰ ﺟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻐوﯾﺔ ﻏﯾر ﻣﻌﻬودة‪ ،‬ﯾﺗﻌﻠق ﻓﻲ‬ ‫اﻟواﻗﻊ ﺑﺟواﻧب ﺷﺗﻰ وﯾﻣس ﺑذﻟك ﻣﺧﺗﻠف اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻣرﺟﻌﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺗﺄﺳس وﻓﻘﻬﺎ‬ ‫اﻟﺧطﺎب‪ ،‬أن ﺳواء ﻣﻧﻬﺎ اﻟﻣﻘوﻻت اﻟﻧﺣوﯾﺔ أو اﻟﻣﻌﺟﻣﯾﺔ اﻟدﻻﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺗظﺎﻓر "ﻟﺗﺷﻛل‬ ‫ﻣﺛﺎﻟﯾﺔ اﻟﻠﻐﺔ" ﻓﻲ ﺣﯾز اﻻﺳﺗﻌﻣﺎل اﻟﻌﺎدي واﻟﺗﻲ ﯾﻧﺗﻬﻛﻬﺎ اﻟﺷﺎﻋر اﻟﻣرﺳل ﻓﺗﻧﺗﺞ ظواﻫر ﻻ‬ ‫ﻧﺣوﯾﺔ ﻟدﯾﻬﺎ دﻻﻻﺗﻬﺎ اﻷﺳﻠوﺑﯾﺔ واﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ)‪.(1‬‬. ‫وﯾﻌد ﻧﺣت واﺷﺗﻘﺎق ﻣﻔردات واﺑﺗداع أﺧرى ﻏﯾر ﻣﺄﻟوﻓﺔ ﺳواء ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﺻوت‬ ‫وﺗﺗﺎﺑﻌﻪ أو ﺗرﻛﯾﺑﻬﺎ ﯾﻌد ﺷﻛﻼ ﻣن أﺷﻛﺎل اﻻﻧزﯾﺎح ﻋن اﻟﻣﻌﻬود ﻋﻧد اﻟﻘدﻣﺎء ﺧﺎﺻﺔ‬ ‫اﻟﺗﻘدﯾم واﻟﺗﺄﺧﯾر اﻟذي أﺧذ ﺣّﯾ از واﺳﻌًﺎ ﻣن اﻻﻫﺗﻣﺎم‪ ،‬ﺣﯾث أﻛد اﻟﻘدﻣﺎء ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾم‬ ‫اﻟﺟﻣﺎﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺗﺞ ﻋن ﺗﻐﯾر ﻣراﺗب اﻟدوال ﻓﻲ اﻟﻣﺗﺗﺎﻟﯾﺔ‪ ،‬وﻣن اﻟﻣﻌروف أن اﻟﻠﻐﺎت‬ ‫ﺗﺧﺗﻠف اﺧﺗﻼﻓﺎ ﻣﻠﺣوظًﺎ ﻣن ﺟﻬﺔ ﺣرﯾﺗﻬﺎ ﻓﻲ ﺗرﺗﯾب اﻟﻛﻠﻣﺎت وﻣن ﻫذﻩ اﻟوﺟﻬﺔ ﯾﻣﯾز‬ ‫ﻏﺎﻟﺑﺎ ﺑﯾن ﻧوﻋﯾن ﻣن اﻟﻠﻐﺎت "اﻟﻠﻐﺎت ذات اﻟﺗرﺗﯾب اﻟﺣر واﻟﻠﻐﺎت ذات اﻟﺗرﺗﯾب اﻟﺛﺎﺑت"‪،‬‬ ‫وﺗﻧﺗﻣﻲ اﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ إﻟﻰ اﻟﻧوع اﻷول‪ ،‬وﯾﺳﻣﺢ اﻹﻋراب ﻓﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﺣرﻛﺔ وﺗﻐﯾر‬. ‫أﻣﺎﻛن اﻹﺟراء اﻟﻣﺷﻛﻠﺔ ﻟﻠﺟﻣﻠﺔ)‪.(2‬‬. ‫واﻻﻟﺗﻘﺎء ﻓﻲ اﻟﻛﻼم ﯾﺗﻘﻧﻪ ﻓﻘط اﻟﻌﺎرﻓون ﺑﺎﻟﺑﻼﻏﺔ و اﻟﻔﺻﺎﺣﺔ وﻓﺿﻼ ﻋن ذﻟك‬ ‫ﻓﻬو ﯾﺧﻠص اﻟﻛﻼم ﻣن ﺗﻛ اررﯾﺗﻪ وﯾﻣﻧﺣﻪ اﻟطﻼوة واﻟﺣﻼوة ﺑﺗﻌﺑﯾر اﻟﻘدﻣﺎء‪ ،‬ﯾﻘول‬ ‫‪ -1‬رﺟﺎء ﻋﯾد‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪،‬ص ‪.149‬‬. ‫‪ -2‬ﻋﺑد اﻟﺣﻛﯾم راﺿﻲ‪ ،‬اﻟﻣرﺟﻊ اﻟﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.57‬‬ ‫‪21‬‬.