• Aucun résultat trouvé

بدائل اجراءات الدعوى العمومية

N/A
N/A
Protected

Academic year: 2021

Partager "بدائل اجراءات الدعوى العمومية"

Copied!
372
0
0

Texte intégral

(1)‫وزارة التعلمي العايل والبحث العلمي‬ ‫جامعة ابتنة ‪ -1-‬احلاج خلرض‬ ‫لكية احلقوق والعلوم الس ياس ية‬ ‫قسم احلقــوق‬. ‫بدائل اجراءات ادلعوى العمومية‬ ‫أطروحة مقدمة لنيل شهادة دكتوراه يف العلوم‬ ‫ختصص‪ :‬علوم جنائية‬ ‫اعداد الطالب‪:‬‬. ‫ارشاف الس تاذ ادلكتور‪:‬‬. ‫بلـــولهيي مراد‬. ‫بنيـــــــــين أمحد‬. ‫جلنـــــــة املناقشــــــة‪:‬‬ ‫الامس واللقـب‬ ‫دليــةل مباريك‬ ‫أمحد بنيــــــين‬ ‫وردة بن بوعبد هللا‬ ‫رمزي حوحو‬ ‫كامل فرشــــة‬ ‫عامر كوســــة‬. ‫الرتبة العلمية‬ ‫أس تاذ التعلمي العايل‬ ‫أس تاذ التعلمي العايل‬ ‫أس تاذ حمارض (أ)‬ ‫أس تاذ التعلمي العايل‬ ‫أس تاذ حمارض (أ)‬ ‫أس تاذ حمارض (أ)‬. ‫الصفة‬ ‫رئيسا‬ ‫مرشفا ومقررا‬ ‫عضوا مناقشا‬ ‫عضوا مناقشا‬ ‫عضوا مناقشا‬ ‫عضوا مناقشا‬. ‫الس نة اجلامعية‪2019/2018 :‬‬. ‫اجلامعة الصلية‬ ‫جامعة ابتنة ‪1‬‬ ‫جامعة ابتنة ‪1‬‬ ‫جامعة ابتنة ‪1‬‬ ‫جامعة بسكرة‬ ‫جامعة برج بوعريرجي‬ ‫جامعة سطيف‬.

(2) ‫اهـداء‬ ‫اىل أحب الناس عىل قليب وأقرهبم ايل‬ ‫أيب رمحه هللا وأيم أطال هللا يف معرها‬ ‫زوجيت وابناي محمد رايض ويوسف‬ ‫مجيع اخويت‬ ‫اىل لك الزمالء اذلين وقفوا اىل جانيب‬ ‫وأخص ابذلكر الزمالء حططاش عبد العزيز‪ ،‬بورسي عبد اللطيف‪،‬‬ ‫بن عيىس العمري‪ ،‬بوعبد هللا رضوان‪ ،‬بدور رضا وسامل عبد الوهاب‪.‬‬.

(3) ‫شكر وعرفان‬ ‫بعد محد هللا وشكره حق قدره عىل أن وفقين لمتام هذا البحث بفضهل ومنته أتقدم‬ ‫ابلشكر اجلزيل اىل الس تاذ ادلكتور بنيين أمحد لتكرمه ابلرشاف عىل أطروحيت‬ ‫هذه وعىل لك ما أمدين به من نصاحئ وتوجهيات قمية طيةل مدة اعدادها‪ ،‬فكل مين‬ ‫أس تاذي الفاضل خالص عبارات الشكر والتقدير‪.‬‬ ‫عيل بوقهتم المثني لقراءة‬ ‫كام أخص ابلشكر الوافر لك أعضاء جلنة املناقشة اذلين مل يبخلوا ّ‬ ‫هذه الطروحة ومناقش هتا‪.‬‬ ‫كام أتوجه بشكري اجلزيل اىل لك من سامه يف اثراء هذا العمل املتواضع من قريب أو‬ ‫من بعيد‪ ،‬وأخص ابذلكر الس تاذ ادلكتور خلفي عبد الرحامن‪.‬‬.

(4) ‫قائمة املختصرات‬ ‫ا‬ ‫أوًل‪ :‬باللغة العربية‬ ‫م‬. ‫= مادة‬. ‫ف‬. ‫= فقرة‬. ‫ص‬. ‫= صفحة‬. ‫صص‬. ‫= من الصفحة الى الصفحة‬. ‫ق‪.‬ع‬. ‫= قانون العقوبات الجزائري‬. ‫ق‪.‬إ‪.‬ج‬. ‫= قانون اإلجراءات الجزائية الجزائري‬. ‫ق‪.‬إ‪.‬ف‬. ‫= قانون اإلجراءات الجزائية الفرنس ي‬. ‫ق‪.‬إ‪.‬م‬. ‫= قانون اإلجراءات الجنائية املصري‬. ‫ق‪.‬ج‬. ‫= قانون الجمارك‬. ‫س‬. ‫= سنة‬. ‫ع‬. ‫= عدد‬. ‫ج‪.‬ر‬. ‫= جريدة رسمية‬. ‫غ‪.‬ج‪.‬م‬. ‫= غرفة الجنح واملخالفات‬. ‫غ‪.‬ج‬. ‫= الغرفة الجنائية‬.

(5) ‫ا‬ ‫ باللغة الفرنسية‬:‫ثانيا‬ P. = page. PP. = de la page jusqu’à la page. N°. = numéro. c.p.p.F. = code de procédure pénale Français. Op.cit. = ouvrage précité. Ibid. = même endroit, même ouvrage. Vol. = volume. Doc. = document.

(6) ‫املقدمة‬.

(7) ‫مقدمة‬ ‫يتضمن القانون الجنائي في شقه املوضوعي مجموعة القواعد القانونية التي تحدد صور‬ ‫الجرائم والعقوبات املقررة لها‪ ،‬بحيث أنه وحينما تقع أي جريمة في املجتمع يتولد للدولة في مواجهة‬ ‫مرتكب الجريمة حق ّ‬ ‫يسمى بالحق في العقاب والذي تقتضيه عن طريق مباشرة إجراءات الدعوى‬ ‫العمومية‪.‬‬ ‫ومع تطور املجتمعات وتشابك العالقات اإلنسانية وتعقيدها ازدادت وتطورت الجريمة ً‬ ‫تبعا‬ ‫كما ً‬ ‫لذلك ً‬ ‫ونوعا‪ ،‬سواء تعلق األمر هنا باإلجرام التقليدي والذي تزايد ً‬ ‫كثيرا أو باإلجرام الحديث‬ ‫والذي ظهرت صور جديدة منه في كافة مجاالت الحياة‪ ،‬كتلك الواقعة على تشريع النقد‪ ،‬الصرف‪،‬‬ ‫تبييض األموال‪ ،‬املعلوماتية‪ ،‬التهريب‪ ،‬التهرب الضريبي‪ ،‬البيئة والعمران‪ ،‬التحرش الجنس ي‪ ،‬الهجرة‬ ‫غير الشرعية‪ ،‬تهريب املهاجرين‪ ،‬اإلتجار باألشخاص‪ ،‬اإلتجار باألعضاء البشرية‪...،‬إلخ‬ ‫ً‬ ‫ونوعا ّ‬ ‫وبازدياد وتطور الجريمة ً‬ ‫أحست الدولة بخطورتها وتهديدها لكيان املجتمع‬ ‫كما‬ ‫ً‬ ‫تشريعيا وذلك بالتجريم واملعاقبة على‬ ‫ومقوماته فأخذت توسع من استعمال آلتها العقابية‪ ،‬سواء‬ ‫كل سلوك مستجد تعتبر أنه يشكل جريمة‪ ،‬إلى درجة أنه ال يكاد يخلو أي قانون جديد من مادة‬ ‫ً‬ ‫قضائيا بالتصدي لها باستعمال أداة الدعوى العمومية‪.‬‬ ‫تجرم وتعاقب‪ ،‬أو‬ ‫ً‬ ‫ونتيجة لذلك اتسع نطاق التجريم ليشمل أفعاال ليست بتلك الدرجة الكبيرة من الخطورة‬ ‫التي تهدد أمن املجتمع واستقراره‪ ،‬هذا من جهة‪.‬‬ ‫ومن جهة ثانية‪ ،‬فقد أدى هذا التوسع في التجريم إلى اتساع في استخدام الدعوى العمومية‬ ‫باعتبارها األداة التي تقتض ي من خاللها الدولة حقها في العقاب‪ ،‬وترتب على ذلك كثرة عدد القضايا‬ ‫املطروحة على القضاء الجزائي بما يتجاوز حدود قدراته وإمكانياته‪ ،‬فاملتمعن ً‬ ‫حاليا في وضعية‬ ‫تسير وفق إجراءات معقدة تستغرق ً‬ ‫املحاكم‪ ،‬يالحظ جرائم يكثر عرضها عليها رغم بساطتها‪ّ ،‬‬ ‫وقتا‬ ‫ً‬ ‫طويال وتستهلك ً‬ ‫كثيرا غير متناسب مع أهميتها‪ ،‬وقد انعكس ذلك ً‬ ‫جهدا ً‬ ‫سلبا على أداء القضاء‬ ‫الجزائي ملهامه من جانبين‪.‬‬. ‫‪2‬‬.

(8) ‫فمن جهة خلق لديه مشكل طول آجال الفصل في امللفات‪ ،‬وهو ما ّ‬ ‫يخل بحق األفراد في‬ ‫املحاكمة خالل مدة معقولة‪ ،1‬وينال من حاسة العدالة لديهم ويهز ثقتهم بالقضاء‪.‬‬ ‫ومن جهة أخرى فإن كثرة عدد القضايا املطروحة على القضاء الجزائي أدت إلى مراعاته الكم‬ ‫على حساب النوعية وهو ما يحول دون تطبيقه ملبدأ تفريد العقوبة‪ ،‬كما يحول دون ممارسة‬ ‫األجهزة املختصة بتنفيذ العقوبة لدورها في تفريد التنفيذ العقابي بغية تحقيق هدف إصالح‬ ‫املحكوم عليه وإعادة تأهيله وإدماجه في املجتمع‪.‬‬ ‫وبالتالي أصبح لهذه املعاناة وجهين‪ ،‬وجه عقابي سببه التوسع واإلسراف في التجريم والعقاب‪،‬‬ ‫ووجه إجرائي سببه الدعوى العمومية بإجراءاتها الطويلة واملعقدة وهذا ما اصطلح على تسميته‬ ‫بأزمة العدالة الجنائية‪.‬‬ ‫وبغية البحث عن حلول لهذه األزمة سلكت السياسة الجنائية اتجاهين‪:‬‬ ‫أولهما موضوعي‪ ،‬ويتمثل في سياسة الحد من التجريم والعقاب‪ ،‬أي رفع وصف التجريم عن‬ ‫بعض السلوكات املجرمة وجعلها مباحة كونها لم تعد تتضمن اعتداء على مصالح املجتمع أو لم تعد‬ ‫محل استهجان واستنكار منه مثلما كانت من قبل‪ ،2‬أو بقاء بعض هذه السلوكات غير مشروعة‬ ‫ومحل تجريم دون توقيع جزاءات جنائية عليها‪ ،‬وإنما يتم توقيع جزاءات مدنية أو تأديبية أو إدارية‬ ‫أو أي من بدائل العقوبة عليها‪.‬‬ ‫وأساس هذا االتجاه هو التطور العميق الذي طرأ على القانون الجنائي في شقه املوضوعي‬ ‫والذي أدى إلى تقلص املضمون التقليدي لسلطة الدولة في العقاب‪ ،‬فالعدالة التي كانت في البداية‬ ‫عدالة عقابية ترتكز حول السلوك املجرم والعقوبة املناسبة له‪ ،‬تطورت إلى عدالة تأهيلية ترتكز‬ ‫ً‬ ‫اجتماعيا‪ ،‬لتظهر ً‬ ‫أخيرا ما يطلق عليه اليوم بالعدالة‬ ‫على املجرم وسبل تأهيله وإعادة إدماجه‬. ‫‪ - 1‬تنص الفقرة ‪ 3‬ج من املادة ‪ 14‬من العهد الدولي لحقوق االنسان السياسية واملدنية على أنه من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يحاكم‬ ‫دون تأخير ال مبرر له‪ ،‬وقد انضمت الجزائر إلى العهد الدولي لحقوق االنسان السياسية واملدنية بموجب املرسوم الرئاس ي رقم ‪ 67/89‬املؤرخ‬ ‫في ‪ 16‬مايو سنة ‪ ،1989‬ج‪.‬ر‪ ،‬ع ‪ 20‬املؤرخة في ‪ 17‬مايو سنة ‪ ،1989‬ص ‪.531‬‬ ‫‪ - 2‬مثال ذلك جنحة إصدار شيك في فرنسا والتي أزال عنها املشرع الفرنس ي الصفة الجنائية وأحالها على البنوك‪.‬‬ ‫‪3‬‬.

(9) ‫التصالحية والتي ترتكز على االهتمام بكافة أطراف الدعوى العمومية وذلك بإيالء عناية لجبر‬ ‫الضرر الالحق بالضحية‪ ،‬وإعادة اإلدماج االجتماعي للجاني وتعزيز السلم االجتماعي‪.‬‬ ‫وعلى اعتبار أن الدعوى العمومية كانت هي األداة أو الوسيلة القانونية للوصول إلى املضمون‬ ‫التقليدي لسلطة الدولة في العقاب‪ ،‬فإنه ال مناص من التحول عن هذه الوسيلة القانونية للوصول‬ ‫إلى املضمون الحديث لسلطة الدولة في العقاب‪ ،‬وهذا هو االتجاه الثاني الذي انتهجته السياسة‬ ‫الجنائية‪.‬‬ ‫فقد اتجهت السياسية الجنائية ً‬ ‫ً‬ ‫اتجاها إجر ً‬ ‫ائيا ويتمثل في الوسائل املمكنة في تيسير‬ ‫أيضا‬ ‫إجراءات الدعوى العمومية أو بدائل اتباع إجراءات الدعوى العمومية‪ ،‬وهذا هو موضوع بحثنا‪.‬‬ ‫التعريف باملوضوع‪:‬‬ ‫يمكن تعريف موضوع بحثنا هذا والذي هو بدائل إجراءات الدعوى العمومية بأنها‪" :‬تلك‬ ‫األنظمة القانونية التي تعطي دو ارا أكبر إلرادة أطراف الدعوى العمومية باإلضافة إلى املجتمع‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫تعقيدا وأكثر‬ ‫ممثًل بالنيابة العامة في إنهاء الدعوى العمومية بإجراءات رضائية أو تصالحية أقل‬ ‫ا‬ ‫سرعة في حسم املنازعات بدًل من اتباع اإلجراءات التقليدية للدعوى العمومية أو اًلستمرار‬ ‫فيها"‪.‬‬ ‫فالدعوى العمومية تقتض ي مباشرة إجراءات معينة عبر مراحلها املختلفة ابتداء من تحريك‬ ‫ً‬ ‫قانونا وتقديم الطلبات أمام قاض ي التحقيق‬ ‫الدعوى العمومية أو رفعها بإحدى الطرق املقررة‬ ‫والطعن في أوامره وتكليف املتهم بالحضور أمام املحكمة والتحقيق معه ومع كافة أطراف الدعوى‬ ‫اآلخرين واملرافعة وإبداء الطلبات والدفوع وإصدار األحكام ثم الطعن فيها ومتابعتها أمام الجهات‬ ‫املختصة لحين الفصل فيها بحكم نهائي وبات غير قابل ألي طريق من طرق الطعن‪ ،‬وهي تمتاز‬ ‫بخاصية العمومية وكذا عدم قابليتها للتنازل أو التفاوض‪.‬‬ ‫ً‬ ‫وبالتالي فهي إجراءات معقدة وطويلة وتستهلك ً‬ ‫ووقتا كثيرين‪ ،‬أما بدائل إجراءات‬ ‫جهدا‬ ‫ً‬ ‫الدعوى العمومية فهي تهدف إما إلى عدم تحريك الدعوى العمومية أصال وإما إلى عدم االستمرار‬. ‫‪4‬‬.

(10) ‫فيها بعد تحريكها‪ ،‬بحيث يتم االستغناء عن إجراءات الدعوى العمومية واستبدالها بإجراءات أخرى‬ ‫ً‬ ‫تعقيدا وأكثر سرعة في إنهاء املنازعات‪.‬‬ ‫أقل‬ ‫وجوهرها هو عنصر الرضا أي االعتراف بإرادة أطراف الدعوى العمومية في وضع حد لها في‬ ‫بعض الجرائم املاسة بهم أو املرتكبة من قبلهم وذلك باتباع إجراءات أخرى غير إجراءاتها التقليدية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأ ً‬ ‫حيانا يضاف إلى ذلك إرادة طرف آخر يتمثل في املجتمع ممثال بالنيابة العامة والذي يقدر مدى‬ ‫مالئمة إنهاء النزاع عن طريق هذه البدائل ودون إتباع اإلجراءات املعتادة‪ ،‬فتصبح بذلك هذه‬ ‫أساسا على الرضائية وتضاف لها ً‬ ‫البدائل قائمة ً‬ ‫أحيانا فكرة املالءمة‪.‬‬ ‫وهي في مفهومها تتضمن التحول من عدالة عقابية إلى عدالة رضائية أو تصالحية تقوم على‬ ‫مراعاة حقوق الضحية وجبر األضرار الالحقة به وتفعيل مشاركته في الخصومة الجنائية وكذا‬ ‫ً‬ ‫اجتماعيا وإصالح عالقته باملجني عليه لتحقيق السلم االجتماعي من‬ ‫تأهيل الجاني وإعادة ادماجه‬ ‫جانب واإلسراع في اإلجراء الجنائي من جانب آخر‪.‬‬ ‫وقد تم مناقشة موضوع هذه البدائل في العديد من املؤتمرات الدولية ومن ذلك مؤتمر‬ ‫القاهرة الخاص بالجمعية الدولية لقانون العقوبات سنة ‪ ،1984‬ومؤتمر األمم املتحدة العاشر ملنع‬ ‫الجريمة ومعاملة املجرمين املنعقد في فيينا في الفترة من ‪ 10‬إلى ‪ 17‬أفريل ‪ ،2001‬كما تم التطرق إلى‬ ‫هذه املسألة في تقرير األمين العام للمجلس االقتصادي واالجتماعي لألمم املتحدة املقدم إلى لجنة‬ ‫ً‬ ‫ترحيبا ً‬ ‫كبيرا في كثير من الدول والتي اتجهت إلى األخذ‬ ‫منع الجريمة والعدالة الجنائية‪ ،1‬كما القت‬ ‫بها‪.‬‬ ‫وتعد أنظمة التنازل عن الشكوى‪ ،‬الصلح واملصالحة الجزائية وكذا األمر الجزائي‪ ،‬من أول‬ ‫البدائل التي أخذت بهما التشريعات املختلفة ملواجهة الزيادة الهائلة في أعداد القضايا الجزائية‪،‬‬ ‫ليتم بعدها استحداث أنظمة أخرى مثل الوساطة الجزائية‪ ،‬التسوية الجزائية واملثول بناء على‬ ‫اعتراف مسبق بالجرم‪ ،‬وهو ما أخذ به املشرع الفرنس ي الذي أصدر العديد من القوانين الساعية‬ ‫‪ - 1‬تقرير األمين العام للمجلس االقتصادي واالجتماعي املقدم إلى لجنة منع الجريمة ومعاملة املجرمين‪ً ،‬‬ ‫وفقا للقرار رقم ‪ 26/1999‬والقرار‬ ‫رقم ‪ 14/2000‬في الدورة الحادية عشر املنعقد بفيينا من ‪ 16‬الى ‪ 25‬أفريل ‪ ،2002‬البند الثالث من جدول االعمال املؤقت‪ :‬إصالح نظام‬ ‫العدالة الجنائية‪ :‬تحقيق الفعالية واالنصاف‪ ،‬الوثيقة رقم ‪ 5/2002/15‬املؤرخة في ‪ 7‬جانفي ‪ ،2002‬ص ‪ ،3‬متوفر على موقع‪:‬‬ ‫‪ ، https://www.unodc.org/pdf/crime/commissions/11comm/5a.pdf,‬تاريخ الدخول‪.2018/03/14 :‬‬ ‫‪5‬‬.

(11) ‫نحو تبسيط إجراءات التقاض ي وإقرار أنظمة بديلة عن الدعوى العمومية‪ ،‬ويعد قانون مواءمة‬ ‫العدالة لتطورات الجريمة رقم ‪ 204 - 2004‬الصادر في ‪ 9‬مارس ‪ 2004‬أهم هذه القوانين‪ ،‬وقد أقره‬ ‫املشرع الفرنس ي بهدف التقليل من قرارات الحفظ‪ 1‬وفي ذات الوقت بهدف خفض عدد القضايا أمام‬ ‫القضاء الجزائي‪ ،‬فهذه األنظمة تمثل ما يسمى بالطريق الثالث‪ ،‬بمعنى أن هناك طريق ثالث يتمثل‬ ‫في اللجوء إلى بدائل الدعوى العمومية املنصوص عليها في املواد ‪ 2- 41 ،1- 41‬و‪ 3- 41‬من ق‪.‬إ‪.‬ف‬ ‫بدال من الطريقين التقليدين فقط وهما إحالة الدعوى للمحاكمة أو حفظها‪.‬‬ ‫وفي مصر أصدر املشرع القانونين رقم ‪ 74‬لسنة ‪ 2007‬و‪ 153‬لسنة ‪ 2007‬وذلك بتعديل بعض‬ ‫أحكام قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬وذلك بالتوسيع في نظامي التصالح واألمر الجنائي‪.‬‬ ‫أما في الجزائر فقد ّ‬ ‫كرس املشرع الجزائري منذ سنة ‪ 1966‬بعض البدائل والحلول التي من‬ ‫شأنها اختصار إجراءات التقاض ي ومن ذلك نظام التنازل عن الشكوى وكذا غرامة الصلح واألمر‬ ‫الجزائي في مواد املخالفات‪ ،‬ثم املصالحة الجزائية وبعدها نظام صفح الضحية في العديد من الجنح‬ ‫التي لها عالقة بالحياة الخاصة بالضحية وبحياتها األسرية وكذا سالمة جسمها والذي يعد أولى‬ ‫الخطوات التي يخطوها املشرع الجزائري نحو العدالة التصالحية‪.‬‬ ‫إال أن القانون األكثر أهمية هو األمر رقم ‪ 02 -15‬املؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ 2015‬املعدل واملتمم‬ ‫ً‬ ‫أحكاما جديدة تهدف إلى إحداث تغييرات أساسية في‬ ‫لقانون اإلجراءات الجزائية‪ ،2‬والذي تضمن‬ ‫سير القضاء الجزائي ورفع مستواه ونجاعته‪ ،‬بحيث تم استحداث نظام الوساطة الجزائية كآلية‬ ‫بديلة للمتابعة الجزائية في مادة املخالفات وبعض الجنح البسيطة التي ال تمس النظام العام‬ ‫واملحددة على سبيل الحصر والتي تؤدي فيها الوساطة دور الصلح‪ ،‬خاصة في قضايا الجوار‬ ‫والخالفات العائلية‪ ،‬وغيرها من القضايا التي ّ‬ ‫تحبب فيها الحلول التوافقية بين األطراف‪ ،‬كما تم‬ ‫‪ - 1‬بحيث بلغت عدد القضايا املحفوظة سنة ‪ 2.996.217 :2015‬قضية من مجموع ‪ 4.260.836‬قضية‪ ،‬أي ما يعادل ‪ ،% 70.31‬انظر‪:‬‬ ‫‪Les chiffres –clés de la justice 2016, p14, disponible sur le site : http://www.justice.gouv.fr/art_pix/stat_CC%202016.pdf,‬‬ ‫‪visité le 20-01-2018.‬‬ ‫كما بلغت سنة ‪ 3.112.642 :2016‬قضية من مجموع ‪ 4.479.808‬قضية‪ ،‬أي ما يعادل ‪ ،% 69.48‬انظر‪:‬‬ ‫‪Les chiffres –clés de la justice 2017, p14, disponible sur le site :‬‬ ‫‪http://www.justice.gouv.fr/art_pix/stat_Chiffres%20Cl%E9s%202017.pdf, visité le 20-01-2018‬‬ ‫‪ - 2‬أمر رقم ‪ 02- 15‬مؤرخ في ‪ 23‬يوليو سنة ‪ ،2015‬يعدل ويتمم األمر رقم ‪ 155- 66‬املؤرخ في ‪ 8‬يونيو ‪ 1966‬واملتضمن قانون اإلجراءات‬ ‫الجزائية‪ ،‬ج‪.‬ر‪ ،‬ع ‪ 40‬املؤرخة في ‪ 23‬يوليو سنة ‪ ،2015‬ص ‪.28‬‬ ‫‪6‬‬.

(12) ‫استحداث آلية األمر الجزائي في الجنح البسيطة التي من املحتمل أن تنحصر عقوبتها في الغرامة‬ ‫فقط‪.‬‬ ‫نطاق البحث‪:‬‬ ‫يقتصر نطاق البحث في هذه الدراسة على بدائل إجراءات الدعوى العمومية في القانون‬ ‫الجزائري والتي هي أنظمة التنازل عن الشكوى‪ ،‬املصالحة الجزائية‪ ،‬الوساطة الجزائية واألمر‬ ‫الجزائي‪ ،‬مع االستئناس ببعض البدائل األخرى من القانون الفرنس ي والتي يمكن األخذ بها في‬ ‫تشريعنا الوطني والتي هي نظامي التسوية الجزائية واملثول بناء على االعتراف املسبق بالجرم‪.‬‬ ‫أهمية البحث‪:‬‬ ‫يحتل بحثنا هذا في موضوع بدائل إجراءات الدعوى العمومية أهمية كبيرة ً‬ ‫نظرا لحداثته‪،‬‬ ‫ف ً‬ ‫تبعا للتطورات الحديثة للسياسة الجنائية تطور مفهوم العدالة من عدالة عقابية إلى عدالة‬ ‫رضائية أو تفاوضية‪ ،‬كما تحول مسار اإلجراءات الجزائية تدر ً‬ ‫يجيا من النظام التنقيبي نحو النظام‬ ‫االتهامي بفعل تزايد دور الخصوم في الدعوى العمومية‪ ،‬وخاصة املجني عليه الذي أصبح يحتل‬ ‫مكانة كبيرة ال تقل عن مكانة النيابة العامة واملتهم‪.1‬‬ ‫ً‬ ‫وهذا ما ترك ً‬ ‫واضحا على الطبيعة القانونية للدعوى العمومية التي بدأ ينظر إليها على أنها‬ ‫أثرا‬ ‫نوع من امللكية الخاصة للمتهم واملجني عليه التي يكون لهما حق التصرف فيها أو التفاوض عليها‬ ‫وظهر ما يعرف بخصخصة الدعوى العمومية‪.‬‬ ‫وهذا ما يقتض ي دراسة تلك البدائل في تشريعنا الوطني من أجل تسليط الضوء على مختلف‬ ‫هذه التطورات واملستجدات‪ ،‬وأوجه النقص والقصور التي تعتري تشريعنا الوطني‪ ،‬والذي هو في‬ ‫حاجة ماسة إلى التحيين والتعديل في كثير من أحكامه حتى يتماش ى مع االتجاهات الحديثة‬ ‫للسياسة الجنائية‪.‬‬ ‫ومن جهة ثانية فإن موضوع بحثنا هذا يحتل أهمية كبيرة في املمارسة القضائية كونه ذو صلة‬ ‫بالواقع املعاش‪ ،‬ذلك أنه يهدف إلى البحث عن وسائل بديلة عن اتباع إجراءات الدعوى العمومية‬ ‫‪1‬‬. ‫ وهو األمر الذي مهد لظهور علم الضحية ‪. Victimologie‬‬‫‪7‬‬.

(13) ‫ً‬ ‫لتخفيف العبء على كاهل جهاز القضاء الذي أصبح مثقال بعدد كبير من القضايا‪ ،‬وبالتالي فإن‬ ‫القضاء الجزائي يكون في حاجة ماسة ألن یتعرف على هذه البدائل‪ ،‬ألنها تعد أفضل وسیلة تمكنه‬ ‫من حسم أكبر قدر ممكن من الدعاوى العمومية الكثيرة املعروضة أمامه‪.‬‬ ‫أهداف البحث‪:‬‬ ‫يهدف البحث إلى دراسة الصور املختلفة لبدائل إجراءات الدعوى العمومية في تشريعنا‬ ‫الوطني وبيان حاالت وكيفيات تطبيقها ودور أطراف الدعوى العمومية في ذلك وكذا معرفة مدى‬ ‫فعاليتها في الحد من عدد القضايا الجزائية‪.‬‬ ‫كما يهدف هذا البحث إلى الوقوف على أحدث املستجدات والتطورات الواقعة على اإلجراءات‬ ‫الجنائية التقليدية‪ ،‬ومعرفة مدى مواكبة املشرع الجزائري لها مقارنة بالتشريعات األخرى‪.‬‬ ‫وأخيرا يهدف هذا البحث إلى معرفة مدى إمكانية تفعیل وتطوير البدائل املعمول بها ً‬ ‫حاليا‪،‬‬ ‫وكذا اقتراح أرضية تفكير إلدخال بدائل جديدة أخرى في تشريعنا الوطني‪.‬‬ ‫أسباب اختياراملوضوع‪:‬‬ ‫في الواقع أن الذي دعانا الى دراسة موضوع بدائل إجراءات الدعوى العمومية هو التطورات‬ ‫التشريعية نحو إقرار هذه البدائل في العديد من التشريعات املقارنة وخاصة تشريعنا الوطني‪ ،‬وكذا‬ ‫ما تمثله من تطورات على اإلجراءات الجنائية التقليدية‪ ،‬باإلضافة إلى صلتها بالواقع املعاش‬ ‫واملمارسة القضائية‪.‬‬ ‫الدراسات السابقة‪:‬‬ ‫سبق دراسة أجزاء أو فصول من موضوع بحثنا هذا في العديد من أطروحات الدكتوراه تمت‬ ‫اإلشارة إليها في قائمة املراجع‪ ،‬وأهم عناوين هذه الدراسات هي‪:‬‬ ‫ أطروحة دكتوراه مقدمة من الباحث محمد حكيم حسين الحكيم تحت عنوان‪ :‬النظرية العامة‬‫للصلح وتطبيقاتها في املواد الجنائية‪ ،‬دراسة مقارنة‪.‬‬. ‫‪8‬‬.

(14) ‫ أطروحة دكتوراه مقدمة من الباحث أحمد محمد براك تحت عنوان‪ :‬العقوبة الرضائية في‬‫الشريعة اإلسالمية واألنظمة الجنائية املعاصرة‪ ،‬دراسة مقارنة‪.‬‬ ‫ أطروحة دكتوراه مقدمة من الباحث أسامة حسنين عبيد تحت عنوان‪ :‬الصلح في قانون‬‫اإلجراءات الجنائية‪ ،‬ماهيته والنظم املرتبطة به‪.‬‬ ‫ أطروحة دكتوراه مقدمة من الباحث رامي متولي عبد الوهاب إبراهيم القاض ي تحت عنوان‪:‬‬‫الوساطة كبديل عن الدعوى الجنائية‪.‬‬ ‫ أطروحة دكتوراه مقدمة من الباحث ‪ Jean-Baptiste PERRIER‬تحت عنوان‪ :‬املصالحة في املواد‬‫الجزائية " ‪." la transaction en matière pénale‬‬ ‫ أطروحة دكتوراه مقدمة من الباحثة‪ Sarah-Marie CABON :‬تحت عنوان‪ :‬التفاوض في املواد‬‫الجزائية " ‪." la négociation en matière pénale‬‬ ‫والجديد في دراستنا هذه باملقارنة مع الدراسات السابقة أنها تتناول بالتفصيل جميع بدائل‬ ‫إجراءات الدعوى العمومية وليس البعض منها فقط وذلك على ضوء القانون الجزائري واملمارسة‬ ‫القضائية في الجزائر‪.‬‬ ‫صعوبات البحث‪:‬‬ ‫واجهتنا أثناء إعداد هذه الدراسة صعوبات عدة أهمها عدم توفر اإلحصائيات الرسمية من‬ ‫وزارة العدل بغية تدعيم هذا البحث‪ ،‬وهو ما دفعنا لالستدالل بإحصائيات من القضاء الفرنس ي‬ ‫وكذا إحصائيات محلية من مفتشية أقسام الجمارك ببرج بوعريريج ومن اللجنة املحلية للمصالحة‬ ‫في جرائم الصرف بسطيف‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك لجأنا إلى دراسة حالة إحدى محاكم الوطن‪.‬‬ ‫إشكالية البحث‪:‬‬ ‫لقد جاء في عرض أسباب األمر رقم ‪ 02 - 15‬املؤرخ في ‪ 23‬جويلية ‪ 2015‬املعدل واملتمم لقانون‬ ‫اإلجراءات الجزائية أن من أهم ما أبرزته املعاينة والتقييم الشامل للقضاء الجزائي هو الحجم‬ ‫املتزايد للقضايا والجهود‪ ،‬في بعض األحيان تعوق الجهود املبذولة من القضاء لتحسين مستوى‬ ‫‪9‬‬.

(15) ‫األداء‪ ،‬وللتكفل بهذا املشكل يأتي هذا النص في إطار إصالح عميق وشامل لوضع آليات جديدة‬ ‫تضمن رد فعل مالئم ومتناسب مع الجرائم قليلة الخطورة التي وصلت نسبتها إلى ‪ % 80‬على مستوى‬ ‫الجهات القضائية من املجموع العام للجرائم التي تعالجها املحاكم سنويا‪.1‬‬ ‫ا‬ ‫وعلى ضوء ذلك يتعين التساؤل حول ما إذا كان يمكن لكل هذه البدائل أن تجد مكانا لها في‬ ‫املمارسة القضائية وأن تحد من الزيادة الهائلة في أعداد القضايا الجزائية‪.‬‬ ‫وتندرج تحت هذه اإلشكالية عدة أسئلة فرعية وأهمها‪:‬‬ ‫ ما مدى اعتماد املشرع الجزائري على بدائل إجراءات الدعوى العمومية مقارنة بالتشريعات‬‫األخرى‪ ،‬وما مدى مواكبته للمستجدات والتطورات الواقعة على اإلجراءات الجنائية التقليدية؟‬ ‫ هل تؤسس بدائل إجراءات الدعوى العمومية لقضاء جزائي بديل عن القضاء الجزائي التقليدي‬‫أم هي مكمل له؟‬ ‫ً‬ ‫ هل تعد بدائل إجراءات الدعوى العمومية شكال من أشكال خصخصة الدعوى العمومية؟ وهل‬‫هي مؤشر على تغير مسار اإلجراءات الجزائية من النظام التنقيبي إلى النظام االتهامي؟‬ ‫ً‬ ‫تصادما مع املبادئ العامة للمحاكمات الجزائية‬ ‫ أال تشكل بدائل إجراءات الدعوى العمومية‬‫وأهمها مبادئ الفصل بين الوظائف القضائية‪ ،‬املساواة أمام القانون‪ ،‬قضائية العقوبة‪ ،‬العلنية‪،‬‬ ‫الوجاهية‪ ،‬الشفوية‪ ،‬حقوق الدفاع‪ ،‬خاصية عمومية الدعوى العمومية وعدم قابليتها للتنازل أو‬ ‫التفاوض‪.‬‬ ‫منهج البحث‪:‬‬ ‫سیتم اعتماد املنهج الوصفي التحلیلي‪ ،‬وذلك ً‬ ‫وصفا ملضامين هذه الدراسة وما تحمله من‬ ‫ً‬ ‫موضوعات علمیة بما يساعد على فهمها وتحلیال ملوضوعها من مختلف جوانبه‪ ،‬وكافة أبعاده بهدف‬ ‫ً‬ ‫توضيح املالمح والجوانب املختلفة للموضوع وصوال إلى الحلول املناسبة‪.‬‬. ‫‪1‬‬. ‫ املجلس الشعبي الوطني‪ ،‬الجريدة الرسمية للمناقشات‪ ،‬السنة الرابعة‪ ،‬رقم ‪ 15 ،194‬أكتوبر سنة ‪ ،2015‬ص ‪.12‬‬‫‪10‬‬.

(16) ‫وإثراء للموضوع سنستعين باملنهج املقارن كلما كان لذلك محل من خالل عقد مقارنة للوضع‬ ‫في تشريعنا وما يقابله في تشريعات أجنبية تشابهه أو التي استمد منها بعض أحكامه وكذا تلك التي‬ ‫ً‬ ‫نجاحا في هذا املجال‪ ،‬فيتم االستعانة بما توصلت إليه من حلول تتواءم‬ ‫خاضت تجارب وأحرزت‬ ‫وقيم مجتمعنا‪.‬‬ ‫باإلضافة إلى ذلك سنستعين ً‬ ‫أيضا باملنهج اإلحصائي وذلك بإيراد اإلحصائيات التي تعكس‬ ‫وتعبر عن موضوع بحثنا في التشريعات املقارنة وفي تشريعنا الوطني‪ ،‬كما أنه وفي ظل عدم توفر‬ ‫اإلحصائيات الرسمية من وزارة العدل فقد لجأنا إلى دراسة حالة إحدى محاكم التراب الوطني ذات‬ ‫نشاط قضائي متوسط قصد الوصول إلى تعميمات تعكس ً‬ ‫واقعا ً‬ ‫فعليا ملوضوع بحثنا‪.‬‬ ‫خطة البحث‪:‬‬ ‫لقد اقتض ى منا موضوع البحث وإشكاليته‪ ،‬تقسيم الدراسة إلى بابين معتمدين في ذلك على‬ ‫جوهر هذه البدائل والذي هو عنصر الرضائية‪ ،‬وهي اللبنة األساس تضاف إليها في حاالت أخرى‬ ‫عنصر آخر وهو املالءمة‪ ،‬بحيث قسمنا الدراسة إلى بابين‪:‬‬ ‫في الباب األول‪ :‬نتناول بدائل إجراءات الدعوى العمومية التي تقوم على الرضائية فقط والتي‬ ‫ً‬ ‫هي نظامي التنازل عن الشكوى واملصالحة الجزائية‪ ،‬بحيث خصصنا فصال لكل منهما‪.‬‬ ‫وفي الباب الثاني‪ :‬نتناول بدائل إجراءات الدعوى العمومية التي تقوم على الرضائية واملالءمة‬ ‫ً‬ ‫والتي هي نظامي الوساطة الجزائية واألمر الجزائي‪ ،1‬بحيث خصصنا ً‬ ‫أيضا فصال لكل منهما‪.‬‬ ‫وقد قسمنا كل فصل من فصول هذه الدراسة إلى مبحثين نتناول في األول ماهية كل بديل وفي‬ ‫الثاني نظامه القانوني‪.‬‬ ‫لننهي الرسالة بخاتمة تتضمن خالصة ما توصلنا إليه وكذا االقتراحات التي نوص ي بها‪.‬‬ ‫‪ - 1‬هناك عدة تقسيمات لبدائل إجراءات الدعوى العمومية‪ ،‬فهناك من يقسمها إلى بدائل تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬وهي األنظمة التي يمكن‬ ‫مباشرتها قبل تحريك الدعوى العمومية كالوساطة الجزائية‪ ،‬وبدائل إنهاء أو االستمرار في الدعوى العمومية‪ ،‬والتي يتم مباشرتها بعد تحريك‬ ‫الدعوى العمومية كاملصالحة في الجرائم االقتصادية والتنازل عن الشكوى‪ ،‬بينما يذهب آخرون إلى تقسيمها إلى بدائل عقابية وأخرى‬ ‫ً‬ ‫تقسيما يعتمد على جوهرها وهو الرضائية واملالءمة‪ ،‬أي بدائل تقوم على الرضائية فقط والتي هي نظامي‬ ‫إجرائية‪ ،‬إال أننا نرى تقسيمها‬ ‫التنازل عن الشكوى واملصالحة الجزائية وبدائل تقوم على الرضائية واملالءمة والتي هي الوساطة الجزائية واألمر الجزائي‪.‬‬ ‫‪11‬‬.

(17) ‫الباب األول‬.

(18) ‫الباب األول‬ ‫بدائل إجراءات الدعوى العمومية التي تقوم على الرضائية فقط‪1‬‬. ‫منحت بعض التشريعات ‪-‬ومنها املشرع الجزائري‪ -‬لألفراد الحق في وضع حد للدعوى العمومية‬ ‫في بعض الجرائم املاسة بهم أو املرتكبة من قبلهم‪ ،‬ولم تشترط سوى اتجاه إرادتهم إلى إحداث هذا‬ ‫األثر‪ ،‬دون أن تمنح الجهات القضائية أي سلطة تقديرية تجاه ذلك‪ ،‬ما دام القانون قد ّ‬ ‫نص عليها‬ ‫وأجازها‪ ،‬فجعلت من هذه األنظمة قائمة على الرضائية فقط‪.‬‬ ‫والرضائية في هذا املقام تعني إحالل بعض اإلجراءات البديلة محل إجراءات الدعوى‬ ‫العمومية أو إجراء تعديالت على الدعوى العمومية واالعتراف بإرادة أطراف الدعوى العمومية في‬ ‫تحديد مصيرها باالستمرار فيها أو بانقضائها‪.‬‬ ‫والرضائية مفهوم دخيل على الحقل الجنائي الذي ّ‬ ‫ظل لفترة طويلة ال يعترف إلرادة األفراد بأي‬ ‫دور في إدارة الدعوى العمومية ألنها متصلة بالنظام العام‪ ،‬إال أنه ومع التطور الذي وصل إليه‬ ‫الفكر الجنائي فيما يتعلق بمضمون سلطة الدولة في العقاب والتعاصر بين بدائل العقوبة وبدائل‬ ‫الدعوى العمومية انعكس ذلك على طبيعة الدعوى العمومية من خالل تبسيط إجراءاتها‬ ‫واالعتراف بالرضائية في نطاقها‪.‬‬ ‫وقد ّ‬ ‫عرفت الرضائية في نطاق الدعوى العمومية بأنها‪" :‬االعتراف بإرادة أطراف الدعوى‬ ‫الجنائية في تحديد مصير هذه الدعوى باالستمرار أو باالنقضاء"‪.2‬‬ ‫وإذا ما بحثنا عن تطبيقات الرضائية املطلقة في نطاق الدعوى العمومية في القانون الجزائري‬ ‫أين يتم إحالل بعض اإلجراءات البديلة محل إجراءات الدعوى العمومية‪ ،‬نجد لها نموذجين وهما‬ ‫نظام التنازل عن الشكوى ونظام املصالحة الجزائية‪ ،‬أين يكون إنهاء الدعوى العمومية بإجراءات‬ ‫ً‬ ‫بديلة عن إجراءاتها التقليدية موقوفا أو يخضع ملطلق إرادة أطراف الدعوى العمومية‪ ،‬وهذا ما‬ ‫سنتناوله في هذا الباب من الرسالة‪.‬‬ ‫‪ - 1‬ونعني بالرضائية هنا في مجال قانون اإلجراءات الجزائية وليس من الناحية املوضوعية‪.‬‬ ‫‪ - 2‬محمود جالل طه‪ ،‬أصول التجريم والعقاب في السياسة املعاصرة‪ ،‬دراسة في استراتيجيات استخدام الجزاء الجنائي وتأصيل ظاهرتي الحد‬ ‫من التجريم والعقاب‪ ،‬رسالة دكتوراه منشورة‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.393‬‬ ‫‪13‬‬.

(19) ‫الفصل األول‬ ‫التنازل عن الشكوى‬ ‫مع قيام الثورة الفرنسية وما تضمنته من مناداة بالحرية واألخوة واملساواة وحقوق اإلنسان‬ ‫بدأ التحول نحو معاملة أفضل للمتهم على حساب املجني عليه‪ ،‬والذي أصبح ً‬ ‫بعيدا عن الدعوى‬ ‫العمومية وليس له بها أي حقوق‪ ،‬وبالتالي ال يجوز له التنازل عنها أو املصالحة بشأنها‪ ،‬إال أنه وفي‬ ‫النصف الثاني من القرن العشرين بدأت تظهر اتجاهات حديثة في السياسة الجنائية‪ ،‬وارتفعت‬ ‫ً‬ ‫أصوات كثيرة تدعو إلى كفالة حقوق املجني عليه وضرورة إعطائه دو ًرا فعاال في الدعوى العمومية‪،‬‬ ‫ً‬ ‫خصما فيها‪.‬‬ ‫واعتباره‬ ‫ولذلك تم االعتراف له بحق تقييد سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى العمومية عن‬ ‫ً‬ ‫وأيضا وقف سير هذه الدعوى وإنهائها في أي وقت إلى غاية صدور‬ ‫بعض الجرائم التي تتصل به‪،‬‬ ‫ً‬ ‫حكم بات فيها إذا رأى أن مصلحته كمجني عليه قد تتعارض والسير فيها‪ ،‬وهذا إعماال لفكرة‬ ‫الشكوى والتنازل عنها‪.‬‬ ‫والتنازل عن الشكوى يعد في املجال اإلجرائي أحد بدائل إجراءات الدعوى العمومية كونه‬ ‫يحقق أهداف السياسة الجنائية الحديثة التي تدعو إلى التوسع في نطاق الجرائم التي يجوز‬ ‫التصالح فيها بين املجني عليه والجاني‪ ،‬وعلى هذا النحو فإن املشرع يمنح املجني عليه كل اإلمكانيات‬ ‫للتصالح مع الجاني ومن ثمة التنازل عن شكواه‪ ،1‬ففلسفة نظام الشكوى والتنازل عنها تقوم على‬ ‫تقیید حریة النیابة العامة في تحریك الدعوى العمومية أو االستمرار فيها‪ ،‬مما یترك لطرفي النزاع‬ ‫ً‬ ‫وبمشاركة املجتمع مساحة لتمكين الجاني من إرضاء املجني علیه وتعويضه ً‬ ‫معنويا‪ ،‬وهو ما‬ ‫ماديا أو‬ ‫قد یدفعه إلى التنازل عنها‪ ،‬و بالتالي انقضاء الدعوى العمومية بصورة رضائیة‪.‬‬ ‫ولدراسة نظام التنازل عن الشكوى كأحد بدائل إجراءات الدعوى العمومية في القانون‬ ‫الجزائري فإننا قسمنا هذا الفصل إلى مبحثين‪ ،‬نتناول في األول ماهيته‪ ،‬أي تناول هذا النظام من‬ ‫جانبه النظري أو املفاهيمي وفي الثاني نظامه القانوني‪.‬‬ ‫‪ - 1‬أحمد فتحي سرور‪ ،‬بدائل الدعوى الجنائية‪ ،‬التقارير املقدمة من أعضاء الجمعية املصرية للقانون الجنائي إلى املؤتمر الدولي الثالث عشر‬ ‫لقانون العقوبات (القاهرة من ‪ 1‬إلى ‪ 7‬أكتوبر سنة ‪ ،)1984‬مطبعة جامعة القاهرة‪ ،1984 ،‬ص‪.11‬‬ ‫‪14‬‬.

(20) ‫املبحث األول‬ ‫ماهية التنازل عن الشكوى‬ ‫تتفق خطة القوانين التي أخذت بنظام جرائم الشكوى على منح املجني عليه الذي تقدم‬ ‫بالشكوى الحق في التنازل عنها بإرادته املنفردة في أي وقت إلى غاية أن يصدر في الدعوى حكم نهائي‪،‬‬ ‫ويعد التنازل الصادر منه في هذه الحالة أحد األسباب الخاصة التي تنقض ي بها الدعوى العمومية‪،‬‬ ‫سببا إر ً‬ ‫وفي نفس الوقت ً‬ ‫اديا يعود إلى إرادته املنفردة‪ ،‬بحيث يؤدي إلى انقضاء الدعوى العمومية‬ ‫دون تعليق هذا األثر على قبول املتهم‪.‬‬ ‫ولبيان ماهية التنازل عن الشكوى فقد قسمنا هذا املبحث إلى مطلبين‪ ،‬نتناول في األول‬ ‫مفهومه وفي الثاني طبيعته القانونية‪.‬‬ ‫املطلب األول‬ ‫مفهوم التنازل عن الشكوى‬ ‫لبيان مفهوم التنازل فإن ذلك يقتض ي بداية التطرق إلى تعريفه وبيان العلة والحكمة التي‬ ‫ش ّرع من أجلها‪ ،‬ثم بيان أطرافه وأ ً‬ ‫خيرا تمييزه عن باقي األنظمة املشابه له‪.‬‬ ‫الفرع األول‬ ‫تعريف التنازل عن الشكوى ومبرراته‬ ‫ً‬ ‫وسوف نتناول أوال تعريفه ثم نتولى بيان مبرراته والحكمة من إقراره‪.‬‬ ‫ا‬ ‫أوًل‪ :‬تعريف التنازل عن الشكوى‬ ‫لم تتضمن أي من التشريعات التي نصت على حق املجني عليه في التنازل عن شكواه على‬ ‫تعريف محدد له‪ ،‬وإنما بينت األحكام الخاصة به ورتبت على تحققه انقضاء الدعوى العمومية‬ ‫فقط‪.‬‬. ‫‪15‬‬.

(21) ‫أما على صعيد الفقه‪ ،‬فقد تعددت التعاريف التي أوردها الفقهاء لتعريف التنازل عن الشكوى‬ ‫وتحديد معناه‪ ،‬ومن ذلك تعريفه بأنه‪" :‬عبارة عن تصرف قانوني صادر من جانب واحد يعبر فيه‬ ‫صاحبه عن إرادته في أال تتخذ هذه اإلجراءات‪ ،‬أو وقف األثر القانوني لشكواه‪ ،‬أي وقف السير في‬ ‫إجراءات الدعوى"‪ ،1‬أو هو‪" :‬عمل قانوني يصدر من املجني عليه يتضمن التعبير عن إرادته في عدم‬ ‫السير في إجراءات الدعوى"‪ ،2‬كما ّ‬ ‫عرفه البعض اآلخر بأنه‪" :‬عبارة عن تصرف قانوني صادر عن‬ ‫إرادة املجني عليه‪ ،‬يتم بمقتضاه التعبير عن نيته الصريحة في وقف سير إجراءات املتابعة في‬ ‫مواجهة املتهم‪ ،‬وذلك قبل الفصل ً‬ ‫نهائيا وبحكم بات في الدعوى العمومية"‪ ،3‬كما ّ‬ ‫عرفه األستاذ‬ ‫محمود نجيب حسني بأنه‪" :‬تعبير املجني عليه عن إرادته في أال تتخذ اإلجراءات الجنائية أو أال‬ ‫تستمر"‪.4‬‬ ‫ومن جانبنا فإننا نعرف التنازل عن الشكوى بأنه‪" :‬تصرف قانوني صادر عن املجني عليه‬ ‫ بوصفه صاحب الحق في الشكوى ‪ -‬يعبر من خًلله عن إرادته في وقف السير في إجراءات‬‫الدعوى العمومية التي تم تحريكها بناء على شكواه بصدد إحدى الجرائم التي يتطلب القانون‬ ‫لتحريك الدعوى العمومية بشأنها شكوى من املجني عليه أو يجيز صفحه بشأنها‪ ،‬وذلك قبل‬ ‫الفصل فيها بحكم بات ويترتب عليه انقضاء الدعوى العمومية"‪.‬‬ ‫فهذا التعريف في نظرنا يحتوي على جميع العناصر األساسية للتنازل عن الشكوى وهي كاآلتي‪:‬‬ ‫ أنه تصرف قانوني‪.‬‬‫ أنه صادر عن شخص محدد وهو املجني عليه بوصفه صاحب الحق في الشكوى‪.‬‬‫ أنه يجب أن يكون صاد ًرا قبل صدور حكم بات في الدعوى العمومية‪.‬‬‫ أن موضوعه ومضمونه هو التعبير عن إرادة املجني عليه في وقف السير في إجراءات الدعوى‬‫العمومية‪ ،‬فهو بديل لهذه اإلجراءات التقليدية‪.‬‬ ‫‪ - 1‬حسنين إبراهيم صالح عبيد‪ ،‬شكوى املجني عليه ‪ -‬تاريخها‪ ،‬طبيعتها‪ ،‬أحكامها ‪( -‬دراسة مقارنة)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دار النهضة العربية‪،‬‬ ‫القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1975 ،‬ص ‪.111‬‬ ‫‪ - 2‬إدوار غالي الذهبي‪ ،‬اإلجراءات الجنائية في التشريع املصري‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مكتبة غريب للنشر‪ ،‬الفجالة‪ ،‬مصر‪ ،1990 ،‬ص ‪.97‬‬ ‫‪ - 3‬عبد الرحمان الدراجي خلفي‪ ،‬الحق في الشكوى كقيد على املتابعة الجزائية (دراسة تأصيلية تحليلية مقارنة)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬منشورات‬ ‫الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2012 ،‬ص ص ‪.240-239‬‬ ‫‪ - 4‬محمود نجيب حسني‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الطبعة الثانية‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1988 ،‬ص ‪.130‬‬ ‫‪16‬‬.

(22) ‫ أنه يجب أن يتعلق بإحدى الجرائم التي يتطلب القانون لتحريك الدعوى العمومية بشأنها شكوى‬‫من املجني عليه أو يجيز صفحه بشأنها‪ ،‬وهذا ما يميزه عن باقي األنظمة األخرى كترك الدعوى املدنية‬ ‫أو التنازل عنها‪.‬‬ ‫ أن أثره القانوني هو انقضاء الدعوى العمومية‪ ،‬فهو من األسباب الخاصة النقضاء الدعوى‬‫العمومية‪.‬‬ ‫ا‬ ‫ثانيا‪ :‬مبررات التنازل عن الشكوى‬ ‫يجمع غالبية الفقه‪ 1‬على أن االعتبارات التي ّ‬ ‫قيد بها املشرع حرية النيابة العامة في تحريك‬ ‫الدعوى العمومية على شكوى املجني عليه هي ذات االعتبارات التي دعت إلى النص على حق املجني‬ ‫عليه في التنازل عن الشكوى‪ ،‬فاملجني عليه هو األجدر على تقدير مدى مالئمة تحريك الدعوى‬ ‫العمومية واتخاذ اإلجراءات الجزائية ضد املتهم وهو ً‬ ‫أيضا األجدر على تقدير مدى مالئمة االستمرار‬. ‫في الدعوى أو إنهائها بتنا له عن شكواه‪ ،‬إذا ما ّ‬ ‫قدر أثناء السير فيها أن مصلحته تتحقق بتفادي‬ ‫ز‬ ‫النتائج املترتبة على صدور حكم نهائي في الدعوى يمس مصالحه الخاصة ومصالح أسرته أكثر مما‬ ‫تمس املصلحة العامة للمجتمع‪.‬‬. ‫فالدولة ال تضار من تعليق اقتضاء حقها في العقاب على شكوى املجني عليه أو التنازل عنها‪،‬‬ ‫على اعتبار أنها تتعلق بجرائم يتعذر فيها على الدولة ذاتها أن تحدد مالءمة السعي إلى اقتضاء حقها‬ ‫في معاقبة مرتكب الجريمة في كل حالة على حدا‪ ،‬وبالتالي ال مناص للدولة من أن تترك زمام هذه‬ ‫املالئمة للمجني عليه وحده فهو أجدر منها على تقييمها‪.2‬‬ ‫ويمكن تقسيم هذه االعتبارات إلى أربعة‪:‬‬ ‫‪ - 1‬عزت الدسوقي‪ ،‬قيود الدعوى الجنائية بين النظرية والتطبيق‪ ،‬رسالة للحصول على درجة الدكتوراه في القانون‪ ،‬كلية الحقوق‪ ،‬جامعة‬ ‫القاهرة‪ ،1986 ،‬ص ‪ ،272‬حسن صادق املرصفاوي‪ ،‬في أصول اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬منشأة املعارف‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،1998 ،‬ص ص‬ ‫‪ ،100 - 99‬أسامة عبد هللا قايد‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2007 ،‬ص ‪ ،287‬فوزية‬ ‫عبد الستار‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات الجنائية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1996 ،‬ص ‪ ،94‬محمد زكي أبو عامر‪،‬‬ ‫اإلجراءات الجنائية‪ ،‬الطبعة السادسة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2005 ،‬ص ‪.351‬‬ ‫‪ - 2‬فاطمة الزهراء فيرم‪ ،‬بدائل الدعوى الجنائية ودورها في الحد من أزمة العدالة الجنائية‪ ،‬مجلة الحقوق واالعلم اإلنسانية‪ ،‬جامعة زيان‬ ‫عاشور الجلفة‪ ،‬املجلد العاشر‪ ،‬ع ‪ 15 ،3‬سبتمبر ‪ ،2017‬ص ‪.106‬‬ ‫‪17‬‬.

(23) ‫‪ - 1‬أن الحق املعتدى عليه في بعض الجرائم يتصل بعالقات عائلية‪ ،‬وبالتالي فإن املجني عليه هو‬ ‫أفضل من يقدر خطورة هذا االعتداء وجدارته بأن تتخذ إجراءات الدعوى العمومية في شأنه‬ ‫واستمرارها من عدمه‪ ،‬ومثال ذلك جريمة الزنا‪.‬‬ ‫‪ - 2‬الصالت العائلية بين الجاني واملجني عليه‪ ،‬حتى وإن كان الحق املعتدى عليه غير ذي طابع عائلي‪،‬‬ ‫ومثال ذلك السرقة بين األقارب والحواش ي واألصهار إلى غاية الدرجة الرابعة‪ ،‬فيخش ى املشرع أن‬ ‫يكون إضرار اإلجراءات بهذه الصالت وباملجتمع ً‬ ‫تبعا لذلك أكثر من الفائدة التي يمكن أن يحققها‪،‬‬ ‫فيترك للمجني عليه تقدير ذلك‪.‬‬ ‫‪ - 3‬حماية شعور املجني عليه الذي انتهك باالعتداء على شرفه واعتباره ومثال ذلك جرائم القذف‬ ‫والسب‪ ،‬فيترك له تقدير مالءمتها‪.1‬‬ ‫‪ - 4‬أن الضرر الناجم عن الجريمة تافه أو يسير وال يتضمن إهدا ًرا ً‬ ‫كبيرا إلحدى املصالح االجتماعية‬ ‫الهامة املحمية بنصوص قانون العقوبات‪ ،‬وبالتالي فإن حق املجتمع في العقاب يضحى به إذا لم‬ ‫ً‬ ‫تحقيقا ملصلحة شخصية خاصة تفوق املصلحة العامة‬ ‫يطالب املجني عليه باقتضائه‪ ،‬ألن في ذلك‬ ‫في عقاب الجاني‪.2‬‬ ‫الفرع الثاني‬ ‫أطراف نظام التنازل عن الشكوى‬ ‫وهما صاحب حق التنازل عن الشكوى والذي هو املجني عليه أو وكيله أو ممثله من جهة‬ ‫واملتهم من جهة أخرى‪ ،‬وهذا ما سنتناوله فيما يلي‪.‬‬ ‫ا‬ ‫أوًل‪ :‬صاحب حق التنازل عن الشكوى‬ ‫إن القاعدة التي تحكم التنازل عن الشكوى من حيث تحديد صاحب الحق فيه تتمثل في‬ ‫سريان جميع أحكام الشكوى على التنازل‪ ،‬على اعتبار أن التنازل هو الوجه اآلخر للحق في الشكوى‪،‬‬ ‫‪ - 1‬محمود نجيب حسني‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.116- 115‬‬ ‫‪ - 2‬محمد صالح حسين أمين‪ ،‬دور النيابة العامة في الدعوى العمومية في القانون املقارن‪ ،‬رسالة لنيل درجة الدكتوراه في القانون‪ ،‬كلية‬ ‫الحقوق‪ ،‬جامعة القاهرة‪ ،1980 ،‬ص ‪.261‬‬ ‫‪18‬‬.

(24) ‫ولذلك فإن صاحبه هو صاحب الحق في تقديم الشكوى‪ ،‬وهو املجني عليه‪ ،1‬بحيث يمكنه أن يتنازل‬ ‫عن شكواه إذا أرى أن مصلحته قد تتعارض والسير في إجراءات الدعوى العمومية‪.‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ويشترط فيه ‪-‬املجني عليه ‪ -‬أن يكون أهال للشكوى ليكون أهال للتنازل عنها‪ ،‬وإال فإن هذا الحق‬ ‫ينتقل ملن يمثله ً‬ ‫قانونا سواء أكان وليه أم وصيه أم ّ‬ ‫القيم عليه‪ ،‬كما يمكن له أن يوكل غيره في القيام‬ ‫بالتنازل نيابة عنه‪ ،2‬وفيما يلي نعرض لكل واحد ممن تقدم وذلك على النحو اآلتي‪.‬‬ ‫أ ‪ -‬املجني عليه‪ :‬يعد املجني عليه صاحب الحق األول في التنازل عن الشكوى‪ ،‬ويتميز حقه في التنازل‬ ‫عن الشكوى بكونه حق شخص ي مثله مثل الحق في الشكوى ال يثبت إال له وحده وال ينتقل إلى‬ ‫الورثة‪.‬‬ ‫واملجني عليه هو‪" :‬الشخص الذي قصد بارتكاب الجريمة اإلضرار به أ ً‬ ‫ساسا وإن لم يصبه‬ ‫ضرر أو تعدى الضرر إلى غيره من األفراد"‪ ،3‬كما ّ‬ ‫عرفته محكمة النقض املصرية بقولها‪" :‬املجني‬ ‫عليه هو الذي يقع عليه الفعل أو يتناوله الترك املؤثم ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫معنويا‪،‬‬ ‫طبيعيا أو‬ ‫شخصا‬ ‫قانونا‪ ،‬سواء كان‬ ‫ً‬ ‫بمعنى أن يكون هذا الشخص نفسه محال للحماية القانونية التي يهدف إليها املشرع"‪.4‬‬ ‫وبالتالي فإن املجني عليه هو الشخص الطبيعي أو املعنوي الذي وقع االعتداء بالجريمة على‬ ‫إحدى مصالحه املحمية جز ً‬ ‫ائيا‪ ،‬سواء أصابته الجريمة بضرر أم لم تصبه وعرضته ملجرد الخطر‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ومن ثمة ال يجوز لغيره أن يتنازل عن الشكوى‪ ،‬فاملضرور من الجريمة أو املدعي املدني مثال ال يحق‬ ‫له التنازل عن الشكوى إذا لم يكن هو املجني عليه في الوقت ذاته‪ ،‬ألنه في األصل ال يكون له الحق في‬ ‫تقديم الشكوى وبالتبعية ال يكون له الحق في التنازل عنها‪.‬‬. ‫‪ - 1‬أسامة أحمد محمد النعيمي‪ ،‬دور املجني عليه في الدعوى الجزائية‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار الجامعة الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪،‬‬ ‫‪ ،2013‬ص ‪.318‬‬ ‫‪ - 2‬شوقي إبراهيم عبد الكريم‪ ،‬إيقاف سير الدعوى الجنائية وإنهاؤها بدون حكم في الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪ ،‬دراسة مقارنة‪ ،‬الطبعة‬ ‫األولى‪ ،‬مكتبة الوفاء القانونية‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2013 ،‬ص ‪.578‬‬ ‫‪ - 3‬حسن صادق املرصفاوي‪ ،‬دعوى التعويض أمام املحاكم الجنائية‪ ،‬تقرير مقدم ملؤتمر الثالث للجمعية املصرية للقانون الجنائي‪،1989 ،‬‬ ‫دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،1990 ،‬ص ‪.288‬‬ ‫‪ - 4‬نقض مصري بتاريخ ‪ ،1960/02/02‬مجموعة أحكام محكمة النقض‪ ،‬س ‪ ،11‬ع ‪ ،1‬ص ‪ ،142‬مشار إليه لدى عبد اللطيف عبد العال‪،‬‬ ‫مفهوم املجني عليه في الدعوى الجنائية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2006 ،‬ص ‪.26‬‬ ‫‪19‬‬.

(25) ‫ً‬ ‫شخصا آخر غير املجني عليه‪ ،‬هذا األخير ال‬ ‫ذلك أنه يمكن أن يكون املضرور من الجريمة‬ ‫يشترط فيه إصابته بضرر فعلي‪ ،‬بل يكفي أن تكون مصلحته قد تعرضت ملثل هذا الضرر ولو لم‬ ‫يكن قد تحقق بالفعل ومثال ذلك جرائم الشروع‪ ،‬ففي هذه الحالة يكون لدينا مجني عليه إال أنه لم‬ ‫يصبه ضرر‪ ،‬كما أنه وفي جنحة القتل الخطأ فإن املجني عليه يكون قد توفي‪ ،‬في حين أن ذوي‬ ‫حقوقه يكونون هم املضرورون من الجريمة‪ ،‬كما يمكن أن يكون املجني عليه هو املضرور وهذا في‬ ‫أغلب الحاالت‪.1‬‬ ‫فاملناط في تحديد صفة املجني عليه هو كونه صاحب الحق املشمول بحماية القاعدة‬ ‫الجنائية‪ ،‬واملناط في تحديد صفة املضرور هو الضرر الذي أصابه‪.2‬‬ ‫ً‬ ‫جنائيا‪ ،‬والتي يتحدد بموجبها املجني عليه‬ ‫فالتفرقة بينهما تكون على أساس املصلحة املحمية‬ ‫ً‬ ‫جنائيا والتي أضرت بها الجريمة أو عرضتها للخطر في حين‬ ‫باعتباره صاحب هذه املصلحة املحمية‬ ‫ً‬ ‫تثبت لغيره من أصحاب املصالح األخرى صفة املضرور‪ ،‬ففي جنحة خيانة األمانة مثال‪ ،‬إذا كان‬ ‫املودع ليس هو مالك الش يء‪ ،‬فاملجني عليه هو الشخص املودع وليس مالك الش يء‪ ،‬هذا األخير‬ ‫الذي يعد هو املضرور‪ ،‬فاملصلحة املحمية جن ً‬ ‫ائيا في جنحة خيانة األمانة هي الثقة في املعامالت‬ ‫وليست امللكية‪ ،‬فالعبرة باملصلحة املحمية بنص التجريم‪ ،‬فإذا كانت املصلحة التي أصابها االعتداء‬ ‫ً‬ ‫مجنيا عليه‪ ،‬وهذا بخالف ما إذا كانت هذه‬ ‫محمية بنص تجريمي اعتبر صاحب هذه املصلحة‬ ‫املصلحة محمية بنص آخر غير نص التجريم‪ ،‬فيعتبر صاحبها مضرو ًرا من الجريمة‪.3‬‬ ‫ً‬ ‫ويترتب على التفرقة السابقة أنه ال يجوز التنازل إال للمجني عليه‪ ،‬فال يقبل من ورثته مثال‬ ‫حتى ولو تضرروا من الجريمة‪ ،‬في حالة ما إذا كان قد توفي بعد تقديمه لشكواه وقبل أن يتنازل عنها‪.‬‬ ‫وإذا تعدد املجني عليهم وكان كل منهم قد تقدم بشكوى فإن التنازل عن الشكوى ال يترتب عنه‬ ‫انقضاء الدعوى العمومية إال إذا تقدم جميعهم بالتنازل‪ ،‬ذلك أن التنازل املقدم من أحدهم دون‬ ‫‪ - 1‬عبد الرحمان الدراجي خلفي‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ص ‪.77- 76‬‬ ‫‪ - 2‬سماتي الطيب‪ ،‬حماية حقوق الضحية خالل الدعوى الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬مذكرة ماجستير‪ ،‬كلية الحقوق والعلوم السياسية‪،‬‬ ‫جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬السنة الجامعية ‪ ،2007 /2006‬ص ‪.11‬‬ ‫‪ - 3‬داليا قدري أحمد عبد العزيز‪ ،‬دور املجني عليه في الظاهرة اإلجرامية وحقوقه في التشريع الجنائي املقارن‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار الجامعة‬ ‫الجديدة‪ ،‬اإلسكندرية‪ ،‬مصر‪ ،2013 ،‬ص ص ‪.100- 99‬‬ ‫‪20‬‬.

(26) ‫الباقي ال يترتب عنه انقضاء الدعوى العمومية‪ ،‬ونفس الحكم يطبق إذا توفي أحدهم فقط حتى لو‬ ‫صدر التنازل عن جميع املجني عليهم الباقين على قيد الحياة ‪ ،1‬كما أنه ال عبرة بتنازل املجني عليهم‬ ‫ً‬ ‫الذين امتنعوا عن تقديم الشكوى ولم يكن لهم دخل في تحريك الدعوى العمومية أصال‪ ،2‬فيأخذ‬ ‫هنا بتنازل املجني عليه الذي تقدم بالشكوى رغم تعدد املجني عليهم والذين لم يتقدموا بشكوى‪.‬‬ ‫أما فيما يتعلق بتنازل من انضم إلى الدعوى العمومية ولم يكن ً‬ ‫سببا في تحريكها‪ ،‬فهناك رأي‬ ‫يعتبره من ضمن من قدموا الشكوى‪ ،‬وبالتالي يشترط تنازله هو ً‬ ‫أيضا حتى تنقض ي الدعوى‬ ‫العمومية‪ ،‬في حين يرى رأي آخر ‪ -‬وهو الرأي الراجح‪ -‬عدم اشتراط تنازله على أساس أنه لم يكن‬ ‫ً‬ ‫سببا في تحريك الدعوى العمومية‪ ،‬وإنما هو طرف منضم ال يثبت له الحق إال في التعويض املدني‪.3‬‬ ‫وبالنسبة ملن يشترط فيهم القانون صفة معينة أثناء تقديم الشكوى‪ ،‬مثل صفة الزوجية في‬ ‫جنحة الزنا‪ ،‬فيرى جانب من الفقه‪ 4‬أنه ال يشترط بقاء هذه الصفة املطلوبة أثناء تقديم الشكوى إلى‬ ‫ً‬ ‫طالقا ً‬ ‫بائنا أن تتنازل عن شكواها ويرتب‬ ‫غاية التنازل عنها‪ ،‬وبالتالي فإنه يجوز للزوجة املطلقة‬ ‫التنازل أثره املتمثل في انقضاء الدعوى العمومية‪ ،‬ويؤسس أصحاب هذا الرأي موقفهم على‬ ‫حجتين‪ ،‬أولهما ارتباط الحق في التنازل بمن يثبت له الحق في الشكوى‪ ،‬وثانيهما أن بعض التشريعات‬ ‫لم تشترط صفة خاصة في التنازل عن الشكوى مثل ما نصت عليه املادة ‪ 13‬من ق‪.‬إ‪.‬م‪ ،‬وبالتالي فإن‬ ‫القول بخالف ذلك سوف يؤدي إلى حرمان املجني عليه من الصفح مخالفة ملصلحة العائلة‪ ،‬وهو‬ ‫األمر الذي قصده املشرع عندما ّ‬ ‫خول لألوالد حق التنازل بعد وفاة مورثهم الشاكي‪.5‬‬. ‫‪ - 1‬علي عبد القادر القهوجي‪ ،‬شرح قانون أصول املحاكمات الجزائية‪ ،‬الكتاب األول‪( ،‬دعوى الحق العام ‪ -‬الدعوى املدنية)‪ ،‬دون طبعة‪،‬‬ ‫منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2009 ،‬ص ‪.225‬‬ ‫‪ - 2‬عبد الرحمان الدراجي خلفي‪ ،‬الحق في الشكوى كقيد على املتابعة الجزائية‪ ،‬املرجع السابق‪ ،‬ص ‪.252‬‬ ‫‪ - 3‬عبد الرحمان خلفي‪ ،‬الحق في الشكوى في التشريع الجزائري واملقارن‪ ،‬مجلة االجتهاد القضائي‪ ،‬مخبر أثر االجتهاد القضائي على حركة‬ ‫التشريع‪ ،‬جامعة محمد خيضر‪ ،‬بسكرة‪ ،‬ع ‪ ،9‬مارس ‪ ،2013‬ص ‪.19‬‬ ‫‪ - 4‬حمدي رجب عطية‪ ،‬دور املجني عليه في إنهاء الدعوى الجنائية‪ ،‬رسالة مقدمة للحصول على درجة الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬كلية الحقوق‪،‬‬ ‫جامعة القاهرة‪ ،1990 ،‬ص‪ ،109‬محمد عبد الحميد مكي‪ ،‬التنازل عن الشكوى كسبب خاص النقضاء الدعوى الجنائية‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار‬ ‫النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪ ،‬مصر‪ ،2000- 1999 ،‬ص‪.79‬‬ ‫‪ - 5‬عبد الرحمان الدراجي خلفي‪ ،‬الحق في الشكوى في التشريع الجزائري واملقارن‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪21‬‬.

(27) ‫ويذهب رأي آخر‪ 1‬إلى ضرورة حصول التنازل من شخص يحمل الصفة التي يشترطها القانون‬ ‫أثناء تقديم الشكوى‪ ،‬ففي جريمة الزنا يشترط توافر صفة الزوجية أثناء التنازل عن الشكوى‪ ،‬وإن‬ ‫تم الطالق فيجوز للشاكي التنازل عن الشكوى فقط في حالة ما إذا كان الطالق ر ً‬ ‫جعيا‪ ،‬أما إذا كان‬ ‫الطالق ً‬ ‫بائنا فال يجوز له التنازل‪ ،‬على اعتبار أن نص املادة ‪ 274‬من قانون العقوبات املصري‬ ‫تفترض قيام الزوجية عند التنازل عن الشكوى‪ ،‬وهو الحكم الذي ينطبق على جميع الجرائم األخرى‬ ‫املقيدة بشكوى ألن النص الوارد في جريمة الزنا جاء على سبيل املثال‪.‬‬ ‫أما بالنسبة للمشرع الجزائري‪ ،‬فتنص الفقرة األخيرة من املادة ‪ 339‬من ق‪.‬ع على أن الصفح‬ ‫يكون من طرف الزوج املضرور‪ ،‬وهو ما يفيد أن التنازل ال ينتج أثره في الصفح عن الزوج الزاني إال‬ ‫إذا كان املجني عليه ال زال ً‬ ‫زوجا‪ ،‬فإذا انقضت رابطة الزوجية بالطالق فال يملك حق التنازل عن‬ ‫الشكوى‪ ،2‬كما تنص أيضا الفقرة ‪ 4‬من املادة ‪ 330‬من ق‪.‬ع بأن ال تتخذ إجراءات املتابعة في‬ ‫الحالتين ‪ 1‬و ‪ - 2‬أي في حالة جنحة ترك مقر األسرة وجنحة التخلي عن الزوجة ‪ -‬إال بناء على شكوى‬ ‫الزوج املتروك‪ ،‬وهو ما يفيد أ ً‬ ‫يضا أن التنازل ال ينتج أثره في الصفح إال إذا كان املجني عليه املتروك‬ ‫ً‬ ‫زوجا‪.‬‬ ‫وهو ما أخذت به املحكمة العليا حينما قضت‪ " :‬ال صفة للزوج بعد الطالق في رفع شكوى من‬ ‫أجل الزنا"‪ ،3‬كما طبقت نفس املبدأ بخصوص الشكوى عن جنحة عدم دفع النفقة حينما قضت‪:‬‬ ‫"ال صفة وال مصلحة لألم الحاضنة في رفع دعوى عدم تسديد نفقة البنت بعد بلوغها سن الرشد"‪.4‬‬ ‫ً‬ ‫وهو الرأي الذي نرى أنه جدير بالتأييد‪ ،‬إذ أنه من غير املعقول مثال في جنحة الزنا أن يشترط‬ ‫قيام العالقة الزوجية عند ارتكاب الواقعة وعند تقديم الشكوى وال يتم اشتراطها عند التنازل عن‬ ‫الشكوى‪ ،‬باإلضافة إلى ذلك فإن العلة أو الغاية التي أراد املشرع تحقيقها من إجازة التنازل وهي‬ ‫‪ - 1‬جندي عبد امللك‪ ،‬املوسوعة الجنائية‪ ،‬الجزء الرابع‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مكتبة العلم للجميع‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ ،2005 /2004،‬ص ‪ 86‬و‪،93‬‬ ‫إبراهيم حامد طنطاوي‪ ،‬قيود حرية النيابة العامة في تحريك الدعوى الجنائية‪ ،‬الجزء األول (الشكوى)‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬دون دار وبلد النشر‪،‬‬ ‫‪ ،1994‬ص ‪.117‬‬ ‫‪ - 2‬أحمد شوقي الشلقاني‪ ،‬مبادئ اإلجراءات الجزائية في التشريع الجزائري‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬الطبعة الرابعة‪ ،‬ديوان املطبوعات الجامعية‪،‬‬ ‫الجزائر‪ ،2005 ،‬ص ‪.46‬‬ ‫‪ - 3‬املحكمة العليا‪ ،‬غ‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬قرار صادر بتاريخ‪ 2003/ 01/ 08 :‬في امللف رقم ‪ ،249349‬املجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،2‬س ‪ ،2003‬ص ‪.355‬‬ ‫‪ - 4‬املحكمة العليا‪ ،‬غ‪.‬ج‪.‬م‪ ،‬قرار صادر بتاريخ‪ 2002 / 07 / 02 :‬في امللف رقم ‪ ،269321‬املجلة القضائية‪ ،‬ع ‪ ،2‬س ‪ ،2003‬ص ‪.367‬‬ ‫‪22‬‬.

Références

Documents relatifs

The critical periods of pregnancy, working conditions, domestic load, economic insecurity, and violence expose women to health risks that should systematically be incorporated

In a cross-sectional perspective, cog- nitive functioning (autobiographical memory, shifting capacities, dysfunctional attitudes, mindful attention awareness and rumination habits)

For upper body strength a significant difference was found between participants with back pain of any intensity, or severe back pain, and those with no com- plaints, (t=2.19, P=0.029

The Sugeno integral generalizes the weighted maximum by using the notion of capacity. In this respect, it is acknowledged as the qual- itative counterpart of the Choquet integral

[12], our modelling language K ENDRICK design consists of two parts: the first part pro- vides domain concepts adapted for mathematical modelling of epidemiological models as well

The Affnet method [16], conceived to predict normalizing ellipse shapes for single patches based on a 3-variable parametrization, was used with HardNet [20] (a CNN- based SIIM

In interaction with the model of somatoform disorders, this article proposes a review of functional neuroimaging studies in patients with subjective complaints and discusses possible

Exemple n°2 : Sur les hauts-plateaux à Madagascar, les écosystèmes herbacés sont dominés par ceux d’origine anthropiques récents; les SRAG sont plus anecdotiques. La