• Aucun résultat trouvé

تقنيات التحري في جريمة تبييض الأموال

N/A
N/A
Protected

Academic year: 2021

Partager "تقنيات التحري في جريمة تبييض الأموال"

Copied!
272
0
0

Texte intégral

(1)‫الجمهـوريـة الجـزائـرية الديمقـراطيـة الشعبـيـة‬. ‫‪:‬‬. ‫‪:‬‬. ‫أعضاء لجنة المناقشة‪:‬‬ ‫‪ :‬زهدور سهلي‪ ..............‬أستاذ محاضر ( أ )‪......‬جامعة وهران‪...................‬رئيسا‪.‬‬ ‫العربي شحط عبد القادر‪...‬أستاذ التعليم العالي‪.......‬جامعة وهران‪.......‬مشرفا و مقررا‪.‬‬ ‫فاصلة عبد اللطيف‪ .........‬أستاذ محاضر ( أ )‪.....‬جامعة وهران‪..........‬عضوا مناقشا‪.‬‬ ‫إخلف عبد القادر‪ ...........‬أستاذ محاضر ( أ )‪......‬جامعة وهران‪.........‬عضوا مناقشا‪.‬‬. ‫‪.2103-2102 :‬‬.

(2)

(3) ‫‌‬. ‫‌أ‬.

(4) ‫‌‬ ‫‌‬ ‫‌‬. ‫‌ب‬.

(5) Table des principales abréviations 1 .‫ الصفحة‬:‫ص‬ .‫ اتفاقية فينا‬:‫ف‬.‫إ‬ .‫ اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية‬:‫ و‬.‫ م‬.‫ ج‬.‫ م‬.‫ م‬.‫ أ‬.‫إ‬ .‫ قوة المهمات المالية‬:‫ م‬.‫ م‬.‫ق‬. 2 P : page. Pp : pages. Crim : criminel. Vol : volume. Op.cit : l’ouvrage cite. U .N : United Nation. C .A .P : cour d’appel de paris. CTRF Cellule de traitement des renseignements financiers. éd. édition.. GAFI Groupe Financière sur le Blanchiment de Capitaux.. ‫‌ج‬.

(6) ‫إن ما شهده القرن العشرون في السنوات األخيرة من تقدم هائل و ما يشهده في بداية‬ ‫القرن الحالي يفوق ما تم على مدى كل القرون السابقة‪ ،‬فالتقدم التقني في ميدان تطور اآللة‬ ‫و الصناعة و الدخول في عصر العولمة و سرعة االتصال و المواصالت توَلد عنه أنواعا‬ ‫جديدة من اإلجرام‪ ،‬في سبيل جمع المال و اإلثراء غير المشروع‪.1‬فقد ظهرت العولمة‬ ‫و ترتب عنها أن دول العالم أضحت قرية مترامية األطراف مرتبطة مع بعضها البعض في‬ ‫ظل ثورة االتصاالت‪ ،‬فضال عن زيادة حجم التبادل التجاري و تدفق رؤوس األموال و اتجاه‬ ‫غالب ية بلدان العالم نحو سياسة االقتصاد الحر ‪ ،‬كلها عوامل خلقت بيئة مالئمة لظهور أنواع‬ ‫مستجدة من اإلجرام و من أخطرها تبييض األموال‪.‬‬ ‫إن موضوع دراستنا هذا يعد من المواضيع الشائكة و البالغة األهمية بما كان‪ ،‬و التي‬ ‫أسالت إن لم نقل أ ْد مت حبر أقالم فقهاء القانون و االقتصاد ‪ ،‬و ال تزال تَشْغَل بال حكومات‬ ‫الدول ‪ ،‬فأشعلت فتيل نهضة جديدة الستحداث مفاهيم القانون الجنائي بما يتماشى و معطيات‬ ‫العصر الحديث الذي تجاوز العديد من المفاهيم الكالسيكية للجريمة و تقنيات التحري عنها‬ ‫إلى مفاهيم اضمحالل الحدود اإلقليمية و السياسية و الحديث عن الجرائم الدولية التي أخذت‬ ‫مفهوما متطورا مع تطور فكرة العولمة في جميع ميادينها‪،‬و استحداث تقنيات للتحري‬ ‫تتماشى و طبيعة اإلجرام المنظم‪.‬‬ ‫إن تزايد االهتمام الدولي بمكافحة عمليات تبييض األموال مع اتساع نطاق الظاهرة‬ ‫عالميا و البحث عن تقنيات و أساليب مستجدة للتحري عنها بما يتماشى و طابع الجريمة‬ ‫المستحدث‪ ،‬في ظل ثورة المعلوماتية و االتصال و غياب الشفافية في التعامالت التجارية‬ ‫في كثير من أنحاء العالم‪ ،‬األمر الذي ترتب عليه مجموعة من اآلثار التي انعكست سلبا على‬ ‫الجوانب االجتماعية‪،‬األمنية و على وجه الخصوص االقتصادية نتيجة االرتباط الملحوظ بين‬ ‫هذه العمليات و عصابات اإلجرام المنظم‪.‬‬ ‫و قد شهد العقد الماضي اهتماما بالغا من قبل الحكومات و المنظمات في أنحاء العالم‬ ‫بقضية تبييض األموال ذات المصدر الغير مشروع فبادرت نحو إصدار االتفاقيات‬ ‫و التشريعات من أجل أن تأخذ المصارف و المؤسسات المالية جانب من الحيطة و الحذر في‬. ‫‪ -1‬نادر عبد العزيز شافي‪ ،‬تبييض األموال ( دراسة مقارنة) ‪ .‬منشورات الحلبي الحقوقية‪ ،‬بيروت لبنان ‪،‬سنة‬ ‫‪، 1002‬ص ‪.12‬‬ ‫‪-1-‬‬.

(7) ‫أية عمليات محتملة لتبييض األموال‪ ،‬ذلك لحماية أجهزتها المصرفية و المالية من أية أنشطة‬ ‫لتمرير األموال الغير مشروعة عبر مسالكها اإليداعية أو االستثمارية ‪.1‬‬ ‫و على كل فقد بادرت الجزائر في إطار مشروع إصالح العدالة‪ ،‬ال سيما ما تعلق منه‬ ‫بمحور مراجعة المنظومة التشريعية‪ ،‬إلى تحديث نظامها التشريعي في هذا المجال خصوصا‬ ‫بعد المصادقة على اتفاقية األمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الحدود الوطنية بتاريخ‬ ‫‪ 00‬فيفري ‪ ، 1001‬المعتمدة من قبل الجمعية العامة لمنظمة األمم المتحدة بتاريخ ‪ 20‬نوفمبر‬ ‫‪ 1000‬باتخاذ إجراءات استعجاليه مؤقتة‪ ،‬تمثلت في إدخال تدابير وقائية و أخرى جزائية‬ ‫ضمن قانون المالية لسنة ‪ 1002‬من المواد ‪ 201‬إلى ‪ 220‬و الملغاة بموجب أحكام القانون‬ ‫رقم ‪ ، 02-00‬إضافة إلى إنشاء خلية معالجة االستعالم المالي‪ ،‬بمقتضى المرسوم التنفيذي‬ ‫‪ 211-01‬هذا كمرحلة أولية‪ .‬ليليها في مرحلة ثانية‪ ،‬مراجعة قانوني العقوبات و اإلجراءات‬ ‫الجزائية‪ ،‬ثم صدور القانون المتعلق بالوقاية من تبييض األموال و تمويل اإلرهاب‬ ‫و مكافحتهما‪.‬‬ ‫و سعيا من الجزائر إلى تعزيز التعاون الدولي و تبادل المعلومات مع عدد من الدول‬ ‫األعضاء في مجوعة العمل المالي لمكافحة تبييض األموال و مراقبتها حركة األموال في‬ ‫قطاعات مختلفة‪ 2‬أهمها قطاع المصارف و األمالك العقارية و التي تعتبر أحد المسالك الهامة‬ ‫نحو تبييض األموال‪ ،‬و اإلفالت من وسائل التحري و الرقابة‪.‬‬ ‫هذا و قد أدى تنامي تبييض األموال كظاهرة و كجريمة إلى تزايد خطورتها على‬ ‫المجتمع الدولي ‪ ،‬نتيجة التقدم التكنولوجي الكبير‪ ،‬الذي أتاح التنويع في أساليب تبييض‬ ‫األموال‪ ،‬و استخدام أساليب مستحدثة و أكثر مرونة عبر قنوات متشعبة ومعقدة‪ ،‬أتاحت‬ ‫الوصول باألموال القذرة إلى المالذ اآلمِن‪.‬‬ ‫كما يكتسب موضوع تقنيات التحري عن جريمة تبييض األموال أهمية خاصة في‬ ‫مجال التعاون الدولي لمكافحة هذه الظاهرة‪،‬و من بين القضايا الهامة المعروضة على الساحة‬ ‫الدولية في الوقت الراهن‪ ،‬نظرا لما يمثله من خطورة كبيرة على االقتصاد ‪ ،‬حيث أن النجاح‬ ‫في مثل هذه العمليات غير المشروعة‪ ،‬يترتب عليه إفالت مرتكبي األنشطة اإلجرامية‬ ‫و حصولهم على ثمار نشاطهم اإلجرامي‪ ،‬بل أن األخطر من ذلك‪ ،‬يكمن في الزيادة الهائلة‬ ‫لقدرات هؤالء الجنات و العصابات المنظمة‪ ،‬مما يضاعف من قدراتهم على مواجهة سلطات‬ ‫القانون‪ ،‬و اإلفالت من جهود المكافحة المحلية و الدولية‪.‬‬ ‫و قد ارتبطت جريمة تبييض األموال بالجريمة المنظمة ‪ ،‬و على األخص جريمة‬ ‫المخدرات و جرائم اإلرهاب و تهريب األسلحة و الرقيق األبيض و غيرها‪ ،‬كما أن ظاهرة‬ ‫‪ -1‬كرم عبد الرزاق المشهداني‪ ،‬جرائم تبييض األموال بين المفهوم القانوني و أالستخدام السياسي "‪ .‬صحيفة‬ ‫الثورة اليمنية الصادرة بتاريخ ‪، 1002-01-02‬ص ‪. 00‬‬ ‫‪2‬‬ ‫ و يصطلح عليها ب )‪ (GAFI‬أنشأتها قمة الدول السبع األكثر تصنيعا في العالم سنة ‪.2101‬‬‫‪-2-‬‬.

(8) ‫تبييض األموال تتصل بالمؤسسات المالية ال سيما البنوك‪ ،‬لما توفره بعملياتها من قنوات‬ ‫كوسيلة يقوم عن طريقها المتورطون في العمليات بتنظيف األموال‪.‬‬ ‫و لقد أدى نمو ظاهرة تبييض األموال إلى ظهور طائفة جديدة من المجرمين‪ ،‬منفصلين‬ ‫عن الطائفة التي قامت بالجريمة األولية التي أنتجت األموال غير النظيفة‪ ،‬و هذه الطائفة‬ ‫الجديدة من المجرمين‪ ،‬تؤدي خدمات إلى مرتكبي الجرائم المنظمة‪ ،‬و هي تضم على سبيل‬ ‫المثال المستشارين القانونيين و المصرفيين و المحاسبين ورجال األعمال‪.‬‬ ‫و يبدو أن التطور المتزايد لحجم التجارة االلكترونية و االنفتاح االقتصادي‪ ،‬سيشكل‬ ‫تحديا عالميا أمام مكافحة جريمة تبييض األموال‪ ،‬حيث يبلغ متوسط عمليات تبييض األموال‬ ‫أكثر من ضعف قيمة الناتج العالمي من البترول سنويا و هذا حسب إحصائيات صندوق النقد‬ ‫الدولي‪ ،‬في ظل كثير من العوامل التي ساعدت على تفشي هذه الجريمة‪ ،‬مثل عدم وجود‬ ‫األنظمة القانونية الرادعة و ضعف الرقابة على البنوك و انعدام الشفافية في الحسابات‬ ‫المصرفية و التوسع في وسائل االتصال الحديثة‪.‬‬ ‫و يعتبر تبييض األموال شكال من أشكال الجرائم االقتصادية المنظمة الحديثة‪ ،‬خاصة‬ ‫بعد اعتماد بعض المؤسسات العالمية‪ ،‬التعامل النقدي عبر االنترنت‪ ،‬مما أدى إلى ظهور ما‬ ‫يسمى بالتبييض الرقمي‪ ،‬و ال تزال عمليات تبييض األموال‪ ،‬تتطور أشكالها و صورها حتى‬ ‫أصبحت أكثر تعقيدا و استخدمت فيها احدث التقنيات‪ ،‬إلخفاء مصادر و حقيقة هذه األموال‪.‬‬ ‫و يثير هذا الموضوع العديد من اإلشكاالت القانونية الجديرة بالدراسة و التمحّص ‪ ،‬فإن‬ ‫كانت جريمة تبييض األموال تعد من الجرائم الماسة باالقتصاد الدولي و الوطني فما هي‬ ‫التقنيات المستحدثة و الميكانيزمات الجديدة التي أقرها المجتمع الدولي في سبيل التحري عن‬ ‫هذه الجريمة؟ و هل كان للتشريعات الوطنية المقارنة دور في تفعيل هذه اإلجراءات ال سيما‬ ‫و ما تفرضه عليها االلتزامات الناشئة عن انضمامها لالتفاقيات الدولية ؟و ما هي تداعياتها‬ ‫على ارض الواقع؟ ‪.‬‬ ‫و لكون أن الجزائر تلعب دورا جيوستراتيجي فيما تعلق بحركة رؤوس األموال و سوقا‬ ‫اقتصادية له دوره في التأثير على الموازنات الدولية ‪ ،‬فما هي التقنيات و الوسائل الجديدة التي‬ ‫تم استحدثها في سبيل التحري عن هذا النوع من اإلجرام المنظم؟‪،‬و ما مدى نجاعة و مسايرة‬ ‫هذا التقنيات و اإلجراءات للوقاية من تبييض األموال و مكافحتها؟‪.‬‬ ‫كلها إشكاالت و تساؤالت عَمدنا على دراستها محاولين اإلجابة عنها مستندين في ذلك‬ ‫للمنهج التحليلي المقارن بالنظر إلى كون هذه الجريمة ذات طابع إجرامي منظم عابر للحدود‪.‬‬ ‫و هو ما يفرض بدوره عرضها و تحليل اإلجراءات و التقنيات الكفيلة بالتحري عنها قصد‬ ‫مكافحتها ضمن مختلف التشريعات دولية و الوطنية و تبيان موقف التشريع الجزائري من كل‬ ‫ذلك‪.‬‬. ‫‪-3-‬‬.

(9) ‫فقد اعتمدنا ترتيبا منطقيا ينسجم و التسلل الكرونولوجي للتشريعات التي عالجت هذا‬ ‫الموضوع ‪،‬إذ استهلينا هذه الدراسة بفصل تمهيدي يتمحور حول مقومات جريمة تبييض‬ ‫األموال من خالل مبحثين ‪ ،‬تضمن أولها مفهومها و ثانيها طبيعتها القانونية ‪ ،‬و بعد ذلك‬ ‫تطرقنا إلى صلب الموضوع من خالل فصلين متتالين‪ ،‬فعالجنا في الفصل األول تقنيات‬ ‫التحري في جريمة تبييض ا ألموال على ضوء التشريعات الدولية بحجة أن المجتمع الدولي‬ ‫هو السباق نحو اكتشافها كظاهرة و المبادر إلى البحث عن التقنيات الكفيلة للتحري عنها‬ ‫و قمعها ‪ ،‬ليتفرع عن هذا الفصل مبحثين متتاليين درسنا من جهة ما تضمنته االتفاقيات‬ ‫و ما بادرت إليه األجهزة الدولية و من جهة أخرى ما تضمنه التشريع المقارن بخصوص‬ ‫هذا الشأن‪ .‬و لكون أن الجزائر صادقت و انضمت إلى العديد من المنظمات و األجهزة‬ ‫الدولية فتناولنا بالدراسة في الفصل الثاني تقنيات التحري في التشريع الجزائري من خالل‬ ‫مبحثين‪،‬تعرضنا في أولها ما ورد من تقنيات للتحري في قانون اإلجراءات الجزائية و في‬ ‫مبحث ثان استعرضنا دور و فعالية الهيئات المساعدة مبرزين مدى نجاعتها‪.‬‬. ‫‪-4-‬‬.

(10) ‫‪.‬‬ ‫تبييض األموال كأي فكرة تطفو على سطح الواقع ‪ ،‬البد من أن تثير االهتمام حول معرفة‬ ‫المقصود بها و آلياتها التي تتم من خاللها ال سيما و أن تبييض األموال يختلف عن كل الظواهر‬ ‫المسماة" باإلجرام المعاصر" في أنه يجمع بين القانون و االقتصاد إلى حد كبير أبعد مما قد يكون‬ ‫بالنسبة للجرائم االقتصادية األخرى‪ ،‬و هذا في الحقيقة يوضح لنا المدى الكبير من االهتمام الذي يوليه‬ ‫الفقه االقتصادي لهذا الموضوع‪.‬‬ ‫و تشكل األموال عصب االقتصاد الـذي يعتبر عماد الحياة المعاصرة و أحـد مقومات األنظمة‬ ‫السياسية و االجتماعية السائدة في العـالم ‪ ،‬كما يقاس رقـي و تقـدم الشعوب برقي و تقـدم‬ ‫اقتصادها‪ ،‬ف قـد أصبح االقتصاد نظاما عالميا ارتبطت بـه األسرة الدولية بصورة عضوية ‪ ،‬فأصبح‬ ‫يشكل كيانا مترابطا تتفاعـل أجزاءه فتتأثر و تؤثر في متغيرات العالم المعاصر ‪.‬‬ ‫و الشك في أن سالمة االقتصاد الوطني عامـل أساسي فـي استقرار الحيـاة السياسية‬ ‫و االجتماعية ‪ ،‬إذ يوفر التوازن بين اإلمكانات و الرغبات مما يعطي للسياسة مفهومـها األصيل ‪ ،‬إذ‬ ‫يعرف الفارابي‪ -‬فـي مؤلفه السياسة المدنية‪ -‬على أن السياسة فـن إدارة المدينة و هـذا يؤكد ارتباط‬ ‫األمن السياسي باألمـن االقتصـادي و ارتباط االثنين باألمن االجتماعي ‪.‬‬ ‫و تعتبر جريمة ت بييض األموال مـن التعبيرات التي تداولت مؤخرا في كافة المحافل المحلية‬ ‫و اإلقليمية و الدولية ‪،‬لذلك و حتى تتضح معالم هذا الموضوع و قبل الخوض في صلبه من حيث تبيان‬ ‫التقنيات المستحدثة للتحري عنها ارتأينا أن نتناول في هـذا الفصل التمهيدي مفهوم جريمة تبييض‬ ‫األموال في مبحث أول ‪ ،‬ثـم التطرق إلى طبيعتها القانونية في مبحث ثان ‪.‬‬. ‫‪-5-‬‬.

(11) ‫تعد ظاهرة تبييض ا ألموال من الظواهر الحديثة نسبيا‪ ،‬و إلى وقت قريب لم يكن هذا المصطلح‬ ‫أي "غسيل األموال" أو باألحرى "تبييضها" معروفا‪ ،‬بل على العكس من ذلك كان يبدو غريبا‬ ‫للكثيرين من الناس‪ ،‬سواء أكانوا أفرادا عاديين أو متخصصين في المجال القانوني أو االقتصادي على‬ ‫حد سواء ‪.‬و عليه فإن اختالف الزاوية الذي يمكن من خاللها النظر إلى هذه الظاهرة المستحدثة يفضي‬ ‫بطبيعة الحال إلى نتيجة مؤداها عدم إمكانية التوصل إلى اتفاق عام لتحديد معالمها ‪،‬علما و أن‬ ‫مصطلح "الظاهرة اإلجرامية" يعد جنينا تمخض عن تزاوج علم االجتماع ‪-‬و الذي يمتاز بنسبية‬ ‫حقائقه‪ -‬بالعلوم الجنائية التي أضحت توصف بعدم االستقرار لسرعة تطور المفاهيم ‪.1‬‬ ‫و في سبيل تحديد مفهوم جريمة تبييض األموال ‪،‬يتعين علينا أن نتعرض في مرحلة أولى إلى‬ ‫إبراز معالم نشأتها و أسس تعريفها فقها و تشريعا محددين بذلك مراحلها ناهيك عن أساليب ارتكابها‪،‬‬ ‫ثم و كمرحلة ثانية نتعرض إلى اإلطار القانوني لهذه الظاهرة من خالل تحديد أركانها القانونية و التي‬ ‫تجعلها متمايزة عن بعض الجرائم المشابهة لها‪.‬‬. ‫إن تبييض األموال كظاهرة اجتماعية له امتداد في التاريخ‪ ،‬بل و يعد من أقدم الظواهر‬ ‫االجتماعية و ليست وليدة العصر الحالي‪ ،‬إال أن تطورها كان خالل حقب زمنية متتالية‪ ،‬أين تطورت‬ ‫بالموازاة مع أساليب و طرق ارتكابها‪.‬‬ ‫فقد بدأت ظاهرة تبييض األموال منذ زمن بعيد‪ ،‬أين اقترنت منذ البداية بأعمال القرصنة البحرية‬ ‫التي كانت تمارس في أعالي البحار و المحيطات و من أشهرها العمليات التي قام بها شخص يسمى ب‬ ‫(هنري أنري‪ ( Henry Enery -‬بمساعدة عصابته في المحيطين األطلنطي و الهندي ‪،‬حيث تمكن‬ ‫ضل‬ ‫القرصان المذكور و عصابته من جمع أطنان كثيرة من المجوهرات و الذهب‪ ،‬ثم بعد ذلك ف ّ‬ ‫التقاعد و االستمتاع بالغنائم التي استولى عليها حيث تسلل إلى قرية تسمى (بايدفورد) و هي إحدى‬ ‫قرى دنقشير الساحلية و عاش فيها باسم مستعار حتى ال ينكشف أمره و سعى إلى تحريك أمواله من‬ ‫خالل أعمال تجارية قام بممارستها‪ .‬إال أن أسلوبه في عمليات تبييض األموال لم يكن موفقا بسبب‬ ‫‪ - 1‬محمد علي العريان‪،‬عمليات غسل األموال و آليات مكافحتها‪ .‬دار الجامعة الجديدة للنشر اإلسكندرية‪ ،0225،‬ص‪.07‬‬ ‫‪-6-‬‬.

(12) ‫رفض المتعاملين معه سداد ما عليهم من ديون له‪ ،‬كونهم كانوا يعلمون بمصدر الثروة التي لديه و لم‬ ‫يتمكن بالموازاة من تبليغ عناصر األمن بذلك خشية أن يكشف أمره و يفشى سره و تصادر أمواله مما‬ ‫دعاه إلى التزام الصمت‪.‬‬ ‫أما في الواليات المتحدة األمريكية فقد ظهر مصطلح "تبييض األموال" خالل فترة السبعينيات‬ ‫من القرن العشرون‪ ،‬حينما الحظت السلطات التشريعية و القضائية و األمنية على وجه الخصوص أن‬ ‫تجار المخدرات الذين يموّنون المدمنين بحوزتهم في نهاية كل يوم فئات صغيرة من النقود الورقية‬ ‫و المعدنية ‪ ،‬و عادة ما يتجهون إلى المغاسل الموجودة بالقرب من كل تجمع سكني الستبدال النقود من‬ ‫الفئات الصغيرة بنقود من الفئات الكبيرة‪ ،‬ليقوموا بعد ذلك بإيداعها في البنك القريب من أماكن‬ ‫تواجدهم‪.‬‬ ‫و نظرا ألن األوراق النقدية الصغيرة عادة ما تكون ملوثة بآثار المخدرات التي تكون عالقة‬ ‫في أيدي تجار التجزئة‪ ،‬فقد حرصت المغاسل على تنظيف األموال الملوثة بواسطة البخار و المواد‬ ‫الكيماوية قبل إيداعها في البنوك التي توجد بها حساباتهم‪ ،‬و من هنا جاء الربط بين تجارة المخدرات‬ ‫و تبييض األموال ‪ ،‬على اعتبار أن نشاط االتجار غير المشروع بالمخدرات يمثل حوالي ‪ %72‬من‬ ‫األموال الغير المشروعة الناتجة عن الجريمة المنظمة على مستوى العالم ‪ ،‬إضافة إلى أن أرباح هذه‬ ‫التجارة في المخدرات تعتبر أرباحا طائلة إذ كان يبلغ ثمن الكيلو غرام الواحد من نبات الكوكا ( الذي‬ ‫يصنع من مخدر الكوكايين) حوالي ‪ 0022‬دوالر خالل تلك الحقبة األمر الذي شجع تجار المخدرات‬ ‫على االستمرار في االتجار بها ما داموا قد نجحوا في االستفادة من حصيلة هذه التجارة الممنوعة‬ ‫دوليا‪.1‬‬ ‫كما أن اصطالح "تبييض األموال" أو باألحرى "غسيل األموال" على حد سواء‪ ،‬يرجع من‬ ‫حيث مصدره أيضا إلى عصابات المافيا ‪ ،‬حيث كان يتوفر بيد هذه العصابات أموال نقدية طائلة‬ ‫ غالبا ما تكون من فئات صغيرة ‪ -‬ناجمة عن األنشطة غير المشروعة وفي مقدمتها المخدرات‬‫والقمار و األنشطة اإلباحية واالبتزاز وتجارة المشروبات المهربة وغيرها ‪ .‬وقد احتاجت هذه‬ ‫العصابات إ لى أن تضفي المشروعية على مصادر أموالها عوضا عن الحاجة إلى حل مشكلة توفر‬ ‫النقد بين يديها ومشكلة عدم القدرة على حفظها داخل البنوك ‪ ،‬وكان أحد أبرز الطرق لتحقيق هذا‬ ‫الهدف شراء الموجودات وإنشاء المشاريع ‪ ،‬وهو ما قام به أحد أشهر قادة المافيا المسمى( ألفونس‬ ‫ألكبون )‪ ،‬وقد أحيل عام ‪ 0390‬إلى المحاكمة ‪ ،‬لكن ليس بتهمة تبييض األموال التي لم تبرز في األفق‬ ‫حينها كجريمة مستقلة بذاتها‪ ،‬وإنما بتهمة ارتكابه جريمة التهرب الضريبي‪.‬‬ ‫وقد أ خذ الحديث مداه عن المصادر غير المشروعة لهذه األموال في تلك المحاكمة خاصة عند‬ ‫إدانة "‪ "Meyer Lansky‬لقيامه بالبحث عن وسائل إلخفاء األموال باعتباره المحاسب والمصرفي‬ ‫العامل مع آل كابون ‪ ،‬ولعل ما قام به "‪"Meyer Lansky‬في ذلك الوقت وفي بدايات تطور النشاط‬. ‫‪ - 1‬رمزي نجيب القسوس‪ ،‬غسيل األموال جريمة العصر دراسة مقارنة‪.‬دار وائل للنشر ‪،‬الطبعة األولى‪،0220 ،‬ص ‪.01-05‬‬ ‫‪-7-‬‬.

(13) ‫المصرفي يمثل أحد أبرز وسائل تبييض األموال فيما بعد‪ ،‬وهي االعتماد على تحويل النقود إلى‬ ‫مصاريف أجنبية وإعادة الحصول عليها عن طريق القروض‪.‬‬ ‫و روي أيضا بأن عمليات تبييض األموال بالوسائل الفنية الحديثة تمت ممارستها بشكل منظم‬ ‫منذ سنة ‪ 0390‬بواسطة المسمى"‪، "Meyer Lansky‬و الذي كان يمثل آنذاك حلقة الوصل بين‬ ‫"المافيا األمريكية" و التي يطلق عليها "‪ "Cosa Nostra‬في فترة الحرب العالمية الثانية و "المافيا‬ ‫االيطالية" بصقلية ‪ ،‬و ذلك من أجل تسهيل دخول القوات البحرية للحلفاء إلى الجزيرة‪ .‬و من أجل‬ ‫ذلك كان يتم اللجوء إلى البنوك السويسرية حتى يتم التمكن من استخراج النقود من الواليات المتحدة‬ ‫ا ألمريكية و إيداعها في حسابات رقمية بسويسرا من خالل القروض الوهمية و كذلك االستثمارات‬ ‫المباشرة التي تتم بوساطة وهمية‪ .‬و عن طريق هذه األموال التي تم تبييضها تمكن كل من " ‪Meyer‬‬ ‫‪ "Lansky‬و "‪ "Benjamin Bugsy Siegel‬من إنشاء مدينة ألعاب القمار في منطقة " ‪Las‬‬ ‫‪"Vegas‬بالواليات المتحدة ا ألمريكية بعد إقناع الديكتاتور الكوبي آنذاك"‪ "Fulgencia Batista‬بهذه‬ ‫الفكرة الطارئة‪.‬‬ ‫و جدير بالذكر أن"‪ "Meyer Lansky‬يعتبر أحد ممولي المافيا األمريكية حينذاك ‪،‬و قد كان‬ ‫صديقا و شريكا لفترة طويلة ل "‪ "Lucky Luciano‬مؤسس المافيا األمريكية و التي أطلق عليها اسم‬ ‫"‪."Cosa Nostra‬‬ ‫أما "‪"Benjamin Bugsy Siegel‬فإنه كان شريكا و صديقا " ‪ "Lansky Luciano‬في‬ ‫"نقابة الجريمة‪ ، "Le syndicat de crime -‬و يعتبر هو بمثابة المخترع الحقيقي لمدينة القمار في‬ ‫"‪ " Le Flamingo‬و قد دفعه‬ ‫ب "‪ " Las Vegas‬كما أنه يعتبر مؤسس الكازينو الشهير‬ ‫ازدراؤه للتوازن المالي بين عصابات المافيا إلى اغتياله في سنة ‪ 0307‬بواسطة "نقابة الجريمة‪Le -‬‬ ‫‪ . "syndicat de crime‬و قد كان الديكتاتور الكوبي "‪- "Fulgencia Batista‬و الذي أطيح به‬ ‫في انقالب عسكري بمعرفة "‪ "Fidel Castro‬سنة ‪ - 0353‬شريكا سابقا ل "‪"Meyer Lansky‬‬ ‫في القيام بمباشرة إدخال و تسويق الخمور إلى الواليات المتحدة األمريكية خالل فترة الحظر‬ ‫و كذلك في عملية استغالل "الكازينوهات" في كوبا عن طريق المافيا األمريكية في تلك الحقبة ‪.1‬‬ ‫و قد ظهر تعبير "غسيل األموال" ‪ 2‬بداءة و ألول مرة باللغة اإلنجليزية بما يصطلح عليه‬ ‫ب"‪ "Mony Laundering‬و ذلك عندما نشرت الصحف األمريكية في سنة ‪ 0379‬تقريرا عن‬ ‫فضيحة "‪ ، "Watergate‬و تتلخص وقائع هذه القضية في أنه في عام ‪ 0370‬تشكلت لجنة إعادة‬ ‫انتخاب الرئيس األمريكي نيكسون‪ ،‬بسبب قرب انتهاء مدة واليته‪،‬فقامت هذه اللجنة بجمع التبرعات‬ ‫التي كانت توجه لدعم حملة إعادة االنتخاب‪ ،‬و قامت بتنفيذ عدة عمليات تبييض لألموال التي يتم‬ ‫التبرع بها للحملة االنتخابية‪.‬‬. ‫‪ -1‬محمد علي سكيكر‪ ،‬مكافحة جريمة غسل األموال ‪،‬دار الجامعة الجديدة‪،0228 ،‬ص ‪.23 - 28‬‬ ‫‪ -2‬يصطلح عليها التشريع الفرنسي تسمية‪ ،"Blanchiment des capitaux ":‬وفي التشريع اإلنكليزي تسمية‪Money ":‬‬ ‫‪ ،" laundering‬أما في التشريع اإليطالي تسمية ‪ ،"Riciclaggio ":‬والتشريع السويسري‪."Blanchissage ":‬‬ ‫‪-8-‬‬.

(14) ‫و من أمثلة هذه العمليات قيام مدير شركة خطوط الطيران األمريكية "جورج سباتر" بإنشاء‬ ‫شركة وهمية لبنانية تحت اسم "عماركو" و تم تقديم فواتير مزورة على أنها قيمة العموالت المحققة‬ ‫لهذه الشركة من مبيعات قطع غيار لشركة طيران الشرق األوسط و من َثم قامت شركة الطيران‬ ‫األمريكية بدفع قيمة الفواتير المزورة لتقوم شركة عماركو بإيداع هذه العموالت في أحد البنوك‬ ‫السويسرية و ثَمة تحويلها برقيا لحسابهم في نيويورك‪ ،‬ثم قام مندوب الشركة هناك بسحب مبلغ مئة‬ ‫ألف (‪ 022.222‬دوالر أمريكي) نقدا‪ ،‬و تم تسليمها إلى "جورج سباتر" و الذي قام بدوره بتسليمها‬ ‫إلى لجنة دعم إعادة انتخاب الرئيس‪.1‬‬ ‫ظفها أغلب رجال القانون ‪ ،‬االقتصاد‬ ‫و إن أضحت هذه التسمية مألوفة في الوقت الراهن‪ ،‬يو ّ‬ ‫و السياسة في العالم في شتى المجاالت المختلفة بسبب الخطورة المترتبة على هذه الجريمة و تزايد‬ ‫معدالت ارتكابها المستمرة بنسبة عالية جدا و تباين الوسائل و الطرق المستخدمة في ارتكابها في‬ ‫معظم بلدان العالم‪ ،‬ذلك في ظل تدويل االقتصاد العالمي و ازدهاره و نمو فعاليات أسواق رأس المال‬ ‫الدولية‪ ،‬فقد أصبح من اليسير انتقال رؤوس ا ألموال عبر الدول‪ ،‬و قد حمل هذا في طياته تنافس حركة‬ ‫الجريمة االقتصادية المنظمة دوليا و تزايد حركة تداول أموال المنظمات اإلجرامية على الصعيد‬ ‫الدولي و المحلي‪ ،‬بهدف تغيير صفة األموال التي تم الحصول عليها بطرق غير مشروعة و إعادة‬ ‫إدراجها مرة أخرى في مجاالت و قنوات استثمار شرعية تبدوا كما لو كانت توّلدت من مصادر‬ ‫مشروعة بخالف الحقيقة‪.2‬‬. ‫إن عملية تبييض األموال كجريمة مستحدثة قد ألقت بظاللها على المحيطين الفقهي و القانوني‬ ‫عند محاولة تحديد المقصود بمصطلح تبييض أألموال كجريمة مستحدثة‪.‬و بناءا على ما سبق ذكره‬ ‫ و نحن بصدد دراسة موضوع تقنيات التحري الخاصة في جريمة تبييض األموال‪ -‬فإنه من‬‫الضروري أن نركز على تعريف جريمة تبييض األموال فقها و قانونا‪.‬‬. ‫يعرف "جيفري روبنسون" جريمة تبييض األموال على أنها‪ »:‬تعد بالدرجة األولى مسألة‬ ‫فنية‪،‬أي أنها عملية تحايل يتم من خاللها تحصيل ثروات طائلة‪ ،‬كما تعد القوة الحيوية لمهربي‬ ‫المخدرات والنصابين ومحتجزي الرهائن ومهربي األسلحة وسالبي األموال بالقوة وباقي المجرمين‬ ‫من هذا القبيل« ‪.3‬‬ ‫‪ -1‬محمود محمد سعيفان‪ ،‬تحليل و تقييم دور البنوك في مكافحة عمليات غسيل األموال‪ .‬جامعة عمان العربية للدراسات العليا‬ ‫الطبعة األولى‪،‬اإلصدار األول‪، 0228 ،‬ص ‪.07‬‬ ‫‪ -2‬محمد علي سكيكر‪،‬المرجع السابق‪.‬ص‪.23-28‬‬ ‫‪ -3‬جيفري روبنسون في تعريفه لجريمة تبييض األموال عن مرجع‪. OLIVIER JEZEZ:‬تبييض األموال‪ ،0338 ،‬ص ‪.02‬‬ ‫‪-9-‬‬.

(15) ‫كما تعرف أيضا من أنها‪» :‬إضفاء الصبغة القانونية على األموال القذرة‪ ،‬من خالل تحريكها‬ ‫عبر قنوات شرعية ‪ ،‬داخل و خارج الجهاز المصرفي‪ ،‬بما يؤدي إلى طمس و إخفاء المصدر الحقيقي‬ ‫الغير مشروع لتلك األموال‪ ،‬لتبدو‪-‬على خالف الحقيقة‪-‬أنها متأتية من نشاطات مشروعة‪ ،‬و هو ما‬ ‫يوصف في النهاية بتعبير تبييض األموال أو تطهير األموال« ‪.1‬‬ ‫كما تعرف أيضا من أنها‪ » :‬تحويل أو نقل األموال التي تم الحصول عليها بطرق غير شرعية‬ ‫أو المهربة من االلتزامات القانونية إلى أشكال أخرى من أشكال االحتفاظ بالثروة للتغطية على‬ ‫مصدرها و التجهيل بها« ‪. 2‬‬ ‫و يذهب أحد فقهاء القانون إلى القول بأن تبييض األموال»كل عملية من شأنها إخفاء المصدر‬ ‫غير المشروع الذي اكتسبت منه األموال« ‪.3‬‬ ‫و يعرف تبييض األموال الخبير بالشرطة الفرنسية "ليجو جيرارد" بأنها‪»:‬المحاولة بوسائل‬ ‫متعددة مأخوذة من دنيا رجال األعمال‪،‬إلخفاء مصدر الكسب غير المشروع لألموال التي يمكن‬ ‫استثمارها دون خوف من إمكانية مصادرتها في قنوات مشروعة مالية كانت أو اقتصادية« ‪.4‬‬ ‫و هناك تعريف آخر لتبييض األموال بأنه » كل عملية تحول دون معرفة مصدر و حركة النقود‬ ‫بحيث يمكن استخدامها في النشاط االقتصادي المشروع بدون خشية من أية عقوبات جنائية أو مدنية‬ ‫أو قانونية« ‪.5‬‬ ‫كما ع ّرف تبييض األموال بأنه‪ » :‬سلسلة من التصرفات أو اإلجراءات التي يقوم بها صاحب‬ ‫الدخل غير المشروع أو الناتج عن الجريمة بحيث يبدو الدخل أو المال كما لو كان مشروعا تماما مع‬ ‫صعوبة إثبات عدم مشروعيته« ‪.6‬‬ ‫‪ -1‬مصطفى طاهر‪ ،‬المواجهة التشريعية لظاهرة غسيل األموال المتحصلة من جرائم المخدرات‪ .‬الطبعة الثانية‪ ،‬مطابع الشرطة‬ ‫للطباعة و النشر و التوزيع‪ ،‬مصر‪.0225 ،‬ص ‪.20‬‬ ‫‪ -2‬السيد أحمد عبد الخالق‪،‬اآلثار االقتصادية و االجتماعية لغسيل األموال‪.‬كلية الحقوق‪،‬جامعة المنصورة‪. 0337،‬مشار إليه من‬ ‫شوربجي عبد المتولي‪ :‬عمليات تبييض األموال و انعكاساتها على المتغيرات االجتماعية و االقتصادية‪.‬المجلة العربية للدراسات‬ ‫األمنية و التدريب‪،‬الرياض العدد‪،0333 ،08‬ص ‪.29‬‬ ‫‪ -3‬محمد فتحي عيد‪،‬اإلجرام المعاصر‪ .‬منشورات أكاديمية نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬الرياض‪ ،0333 ،‬ص‪.082‬‬ ‫‪ -4‬ليجو جيرارد‪،‬تنظيف رأس المال‪ .‬تقرير مقدم للمؤتمر العالمي لخبراء مكافحة المخدرات‪،‬سلسلة مطبوعات العلوم‬ ‫الجنائية‪،‬أبو ضبي‪،0330 ،‬ص‪.8‬مشار إليه من محمد فتحي عيد‪،‬اإلجرام المعاصر‪ .‬منشورات أكاديمية نايف العربية للعلوم‬ ‫األمنية‪،‬الرياض‪،0333 ،‬ص‪.082‬‬ ‫‪ -5‬مجلة الدراسات المالية و المصرفية‪ ،‬تحليل اقتصادي لتنظيف النقود‪ .‬معهد الدراسات المالية و المصرفية ‪ ،‬عمان‪ ،‬المجلد‬ ‫السادس‪ ،‬العدد‪ ،0338 ،20‬ص‪ .00‬و ما يالحظ على هذا التعريف أنه فضال عن كونه قد قصر تبييض األموال على النقود‬ ‫فقط‪ ،‬فإنه يحدد جزاء عملية تبييض األموال بالقول أنه عقوبات جنائية أو مدنية أو قانونية‪ ،‬فماذا يقصد بالقانونية أليست‬ ‫العقوبات الجزائية و المدنية هي ذاتها عقوبات قانونية‪.‬‬ ‫‪ -6‬حمدي عبد العظيم‪،‬غسيل األموال جريمة العصر البيضاء‪ .‬الشركة المصرية للنشر العربي و الدولي‪ ،‬القاهرة‪0222 ،‬‬ ‫ص‪.03‬‬ ‫‪- 10 -‬‬.

(16) ‫ذهب رأي إلى تعريف تبييض األموال بأنها‪» :‬عملية قبول األموال القذرة‪-‬و هي كل مال ذي‬ ‫منشأ إجرامي ال تعرف أصوله‪-‬في األسواق المحلية و الدولية و بالذات المصارف لتمكين أصحابها‬ ‫بعد ذلك من استعمالها في شراء السلع« ‪.1‬‬ ‫و يعرف» ‪ « Christopher Kent‬تبييض األموال بأنها‪» :‬جزء حيوي من أي نشاط إجرامي‬ ‫يدر عائدا ماليا هدفه جعل مرتكب النشاط اإلجرامي قادرا على االستهالك و االدخار و االستثمار‬ ‫لألموال القذرة في نشاط اقتصادي مشروع بعد إخفاء أو تمويه هذه األموال« ‪.2‬‬ ‫ع َرف تبييض األموال بعض رجال القانون العراقي من المهتمين بدراسة هذا الموضوع‬ ‫بأنه‪ »:‬إخفاء أو تمويه حقيقة أموال متحصله من جريمة منصوص عليها في القانون الوطني أو الدولي‬ ‫أو مصدر تلك األموال أو مكانها أو طريقة التصرف بها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق الشخصية‬ ‫أو العينية المتعلقة بها على أن يكون الفاعل عالما من أن تلك األموال متحصله من جريمة« ‪.3‬‬ ‫أما الفقيه "مفيد نايف الدلمي" لدى دراسته لهذا الموضوع عبر عنها بقوله‪»:‬نجد أن تبييض‬ ‫األموال ما هو إال عملية تتيح لجماعات اإلجرام المنظم و غيرهم من مرتكبي الجرائم التي تدر عائدا‬ ‫ماليا‪ ،‬التسلل داخل المؤسسات المالية و التجارية و الصناعية المشروعة سواء في داخل الدولة أو‬ ‫خارجها لتوظيف و استثمار أموالها المستمدة من أنشطة إجرامية‪ ،‬فبوجود مثل هذه المشاريع‬ ‫المشروعة يتاح لهم التستر على أعمالهم غير المشروعة و تمويه مصدر األموال الموظفة فيها« ‪.4‬‬ ‫و المظهر هنا ركن أساسي‪ ،‬إذ أن المال القذر في معظم القوانين الجنائية ال يصبح نظيفا‬ ‫أو مشروعا‪،‬فالتبييض مجرد إظهار المال في أعين الناس الذين أخفيت عنهم الحقيقة و كأنه مال نظيف‬ ‫جمع من مصادر مشروعة و بأساليب مشروعة ‪.5‬‬ ‫يبدو للعيان من أنه ُ‬. ‫‪ -1‬محمد محي الدين عوض‪ ،‬تحديد األموال القذرة و مدلول غسلها و صور عملياته‪.‬مجلة األمن و الحياة‪،‬أكاديمية نايف العربية‬ ‫للعلوم األمنية‪،‬الرياض‪،‬العدد‪،088‬سنة ‪،0338‬ص‪.08‬‬ ‫‪ -2‬محمد الكيالني‪،‬غسيل األموال و أثره و أسلوب مكافحته‪.‬مجلة البنوك األردنية‪،‬عمان‪ ،‬لسنة ‪، 0331‬ص‪.92-03‬‬ ‫‪-Christopher Kent: The Canadian and International war against Money Laundering (Legal‬‬ ‫‪perpectuer) Criminal law Quarterly.vol.35-1992.p.22.‬‬ ‫‪-3‬عبد الواهب التحافي‪،‬غسيل األموال القذرة‪.‬مجلة الشرطة‪،‬مديرية الشرطة العامة‪،‬بغداد‪،‬العدد األول‪،0222،‬ص‪.05‬يالحظ أن‬ ‫هذا التعريف و غيره من التعريفات أألخرى يشترط لتحقق الركن المعنوي في جريمة تبييض األموال أن يكون الشخص عالما‬ ‫بأن األموال المراد تبييضها متحصله من جريمة‪ ،‬و هذا من القواعد العامة في قانون العقوبات‪.‬‬ ‫‪ -4‬مفيد نايف الدلمي‪،‬غسيل األموال في القانون الجنائي‪.‬دراسة مقارنة‪،‬دار الثقافة للنشر و التوزيع ‪،0221،‬ص‪.99-90‬‬ ‫‪ -5‬محمد أألمين البشري‪،‬التحقيق في الجرائم المستحدثة‪ .‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية‪،‬مركز الدراسات و البحوث‬ ‫الرياض‪،0220 ،‬ص ‪.085‬‬ ‫‪- 11 -‬‬.

(17) ‫إن حداثة تبييض األموال كجريمة و سرعة تطورها في آن واحد ‪ -‬الذي يساير تطور‬ ‫التكنولوجيا الحديثة و كثرة األساليب المستعملة في ارتكابها و تنوعها‪ -‬أدى إلى بروز العديد من‬ ‫المحاوالت الفقهية السالفة الذكر في الوسط القانوني الرامية إلى حصر تعريف خاص بها‪ ،‬و هو ما‬ ‫أدى بدوره إلى نتيجة حتمية مؤداها اختالف المعايير الفقهية المعتمدة في ذلك‪:‬‬. ‫أوال‪-‬‬. ‫إذ يعرف تبييض األموال كونه فن توظيف الوسائل‬. ‫المشروعة في ذاتها من مصرفية خصوصا و اقتصادية على وجـه العمـوم لتأمين حصـاد و إخفـاء‬ ‫المحصالت غير المشروعة إلحدى الجرائم‪.‬‬. ‫ثانيا‪-‬‬. ‫تستهدف ضـخ األمـوال غيـر النظيفة كأمـوال التجـارة‬. ‫بالمخدرات و السرقات و سرقة األعمال الفنية و االتجار غـير المشروع في األسلحة و التجارة في‬ ‫الرقيق عبر مختلف شبكاته‪...‬الخ ‪،1‬و ذلك داخل حيز األنشطة االقتصادية و االستثمارية المشـروعة‬ ‫سواء على المستوى الوطني أو العالمي على نحو يكسبها صفة المشروعية في نهاية المطاف‪ ،‬و هكذا‬ ‫تتخلص األموال من مصدرها األصلي غيـر النظيف و تنحدر بذلك و من جديد وسط اقتصـاد طبيعي‬ ‫مشروع‪.‬‬. ‫ثالثا‪-‬‬. ‫لعل أهم ما يميز هذه الجريمة أنها جريمة تبعية من ناحية و قابلة‬. ‫للتداول من ناحية أخرى‪.‬‬ ‫ فمن حيث أنها جريمة تبعية‪ ،‬فإنها تفترض وقوع جريمة أصلية سابقة و ينصب نشـاط تبييض‬‫األموال بالتالي على األموال أو المحصالت الناتجة عن هذه الجريمة األصلـية‪.‬‬ ‫ أما من حيث قابليتها للتدويل ‪،‬فإنها تفترض ارتكاب سلوكات مجرمة على إقليم دولة ما بينـما‬‫تتوزع باقي نشاطات تبييض األموال على إقليم دولة أو دول أخرى و هكذا تتبعثـر األركان المكـونة‬ ‫للجريمة عبر الحدود‪، 2‬و هو األمر الذي يصعب من المتابعة الجزائية ال سيما مـع ما يثيره ذلك من‬ ‫‪ - 1‬إن تبييض األموال يفترض عموما مزاولة نشاط ظاهري مشروع في ذاته ( كالمطاعم الفاخرة و محالت بيع المالبس و‬ ‫المجوهرات و كازينوهات القمار ) ‪ ،‬أين يعتبر ذلك غطاء نشاط آخر غير مشروع كاالتجار في المخدرات و يتم إيداع األموال‬ ‫غير النظيفة المحصلة من نشاط إجرامي في الدورة االقتصادية كما لو كانت ناجمة من نشاط مشروع‪.‬‬ ‫‪ -2‬سليمان عبد المنعم‪ ،‬ظاهرة غسيل األموال غير النظيفة‪ .‬عن مجلة الدراسات القانونية الصادرة عن كلية الحقوق بيروت‬ ‫العدد األول‪ ،‬المجلد األول‪ ،0338 ،‬ص ‪.82‬‬ ‫‪- 12 -‬‬.

(18) ‫مشاكل جمة في مجالي االختصاص و مدى االعتراف بحجية األحكـام الجزائية الصادرة في موطن‬ ‫الجريمة األم‪. 1‬‬. ‫طفت جريمة تبييض األموال على سطح المحيط الدولي منذ عدة عقود وبشكل واضح في‬ ‫الواليات المتحدة األمريكية على الرغم من أن جذورها كظاهرة اجتماعية تعود إلى آالف السنين‬ ‫ولكنها كانت ترتكب على نطاق ضيق في ظل غياب التعاون الدولي وصعوبة االتصاالت في ذلك‬ ‫الحين‪ ،‬وقد ظلت طيلة العقود الماضية ترتبط بشكل أساسي بجرائم المخدرات وبصورة اقل في جرائم‬ ‫الرشوة والتهرب الضريبي وجرائم السياسيين‪.‬‬ ‫إال أن تفاعلها المتسارع على مسرح األحداث العالمي تفاقم على إثر الضربة الموجعة التي‬ ‫تعرضت لها الواليات المتحدة األمريكية في الحادي عشر من أيلول من سنة ألفين و احدي عشرة فقد‬ ‫تنّبه ساسة العالم إلى خطورة انتقال رؤوس األموال غير المؤسسات المالية الكبيرة‪ ،‬واستخدامها من‬ ‫قبل ما أطلق على تسميته (المنظمات اإلرهابية) وأصبح (اإلرهاب الدولي) مناط االهتمام الرئيس في‬ ‫الجهود الدولية لمكافحة تبييض األموال بالرغم من فشل المجتمع الدولي الذريع في االتفاق على‬ ‫تعريف محدد لمصطلح اإلرهاب‪.‬‬. ‫‪01‬‬ ‫‪8811‬‬ ‫تم اعتماد هذه االتفاقية في المؤتمر السادس لألمم المتحدة في جلسته العامـة المنعقدة في فيينا‬ ‫بتاريخ ‪ 02‬ديسمبر ‪ ، 0388‬أين جرمت في مادتها الثالثة األعمال التي من شأنها تحويل األمـوال‬ ‫أو نقلها مع العلم بأنها مستمدة من أية جريمة من جرائم المخدرات أو من فعل من أفعال االشتراك في‬ ‫مثل هـذه الجريمة أو الجرائم‪ ،‬بهـدف إخفاء أو تمويه المصـدر غـير المشروع لألموال قـصد مساعدة‬ ‫أي شخص متورط في ارتكاب هـذه الجريمة على اإلفالت من العواقب القانونية ‪.‬‬. ‫‪-1‬جالل وفاء محمدين‪،‬دور البنوك في مكافحة تبييض األموال‪.‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬اإلسكندرية‪،0220 ،‬ص‪.71-75‬‬ ‫‪- 13 -‬‬.

(19) ‫كما ينبغي أن نشير إلى أن تعريفات تبييض األموال التي صدرت عن الوثائق و االتفاقيات‬ ‫الدولية من خالل األمم المتحدة ترتكز مجملها على حول اتفاقية فينا لسنة ‪ 0388‬كأصل عام‪،‬و مع ذلك‬ ‫فإن هذه األخيرة لم تتضمن تعريفا حول مصطلح تبييض األموال و لكنها في ذات الوقت أشارت‬ ‫إلى ماهية السلوك المكون للركن المادي لهذه الجريمة و الذي حصرته في صور أساسية في المادة‬ ‫الثالثة منها تحت عنوان الجرائم و الجزاءات و هي‪:‬‬ ‫‪ :‬تحويل األموال أو نقلها مع العلم بأنها مستمدة من أية جريمة أو جرائم‬ ‫منصوص عليها في الفقرة الفرعية (أ) من هذه الفقرة ‪ ...‬أو مستمدة من فعل من أفعال االشتراك في‬ ‫مثل هذه الجريمة أو الجرائم بهدف إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع لألموال أو قصد مساعدة‬ ‫أي شخص متور ط في ارتكاب مثل هذه الجريمة أو الجرائم على اإلفالت من العواقب القانونية‬ ‫ألفعاله‪.1‬‬ ‫‪ :‬إخفاء أو تمويه حقيقة األموال‪،‬أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها‬ ‫أو حركتها أو الحقوق المتعلقة بها أو ملكيتها‪ ،‬مع العلم من أنها مستمدة من جريمة أو جرائم منصوص‬ ‫عليها في الفقرة الفرعية (أ) من هذه الفقرة‪،‬أو مستمدة من فعل من أفعال االشتراك في مثل هذه‬ ‫الجريمة أو الجرائم‪.2‬‬ ‫‪:‬مع مراعاة ال مبادئ الدستورية و المفاهيم األساسية‪ ،‬القانون يجرم اكتساب‬ ‫أو حيازة أو استخدام األموال مع العلم وقت تسلمها بأنها مستمدة من جريمة أو جرائم منصوص عليها‬ ‫في الفقرة الفرعية (أ) من هذه الفقرة أو مستمدة من فعل من أفعال االشتراك في مثل هذه الجريمة‬ ‫أو الجرائم‪.3 .‬‬ ‫و يذهب خبراء التدريب ببرامج األمم المتحدة الدولي لمكافحة المخدرات إلى القول بأن تبييض‬ ‫األموال »عملية يلجأ إليها من يتعاط االتجار الغير مشروع بالعقاقير المخدرة إلخفاء وجود دخل‬ ‫أو إلخفاء مصدره غير المشروع أو استخدام الدخل ليجعله يبدو و كأنه دخل مشروع‪.‬و هو بعبارة‬ ‫‪4‬‬ ‫أبسط التصرف في النقود بطريقة تخفي مصدرها و أصلها الحقيقي«‪.‬‬. ‫‪ -1‬المادة الثالثة‪/0/‬ب من إ‪.‬ف‪.0388.‬‬ ‫‪ -2‬المادة الثالثة‪/0/‬ب من نفس االتفاقية‪.‬‬ ‫‪ -3‬المادة الثالثة‪ 0/‬و ‪/0‬ج من نفس االتفاقية‪.‬‬ ‫‪ -4‬محمد فتحي عيد‪ ،‬المرجع السابق‪ .‬ص‪ .082‬و المالحظ على هذا التعريف أنه قصر عملية تبييض األموال على األموال‬ ‫المتأتية من االتجار غير المشروع بالمخدرات في حين أنه يشمل كل مال ذي منشأ إجرامي سواء نجم عن تجارة المخدرات أو‬ ‫األسلحة أو األعضاء البشرية ‪ ،‬فقصر نشاط تبييض األموال على أموال المخدرات يضيق من نطاق الموضوع و هذا ما لم يعد‬ ‫يجد له قبوال لدى المشرع الدولي أو الوطني‪.‬‬ ‫‪- 14 -‬‬.

(20) ‫و يصبح مؤدى ما تقدم صيرورة صورة من السلوك المشار إليها و كأنها بمثابة تعريفا لعملية‬ ‫تبييض األموال‪ ، 1‬و هذا التعريف لم يؤثر فحسب على االتفاقيات الدولية الالحقة ‪ ،‬بل أيضا على‬ ‫التشريعات الوطنية لكثير من الدول‪.‬‬. ‫‪20‬‬ ‫»‪«Pasle‬‬ ‫عـرف اإلعالن فـي مقدمته تبييض األموال بأنه جميع العمليات المصرفية التي تهدف إلى إخفاء‬ ‫المصدر الجرمي لألموال‪.‬‬ ‫و قد جاء النص الحرفي لهذا اإلعالن‪:‬‬ ‫‪«Criminal and their associates use the financial system to make payment‬‬ ‫‪and transfers from one amount to another to hide the source and beneficial‬‬ ‫‪ownership . . . of money: and to provide stockade from bank-notes through a‬‬ ‫‪safe deposit facility these activities are commonly referred to as money‬‬ ‫‪laundering» .‬‬ ‫وهذا التعريف األخير يعني بتبييض األموال‪ » 2‬كل فعل يقصد به تمويه أو إخفاء مصدر األموال‬ ‫الناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن ارتكاب إحدى الجرائم المذكورة سلفا«‪.‬‬. ‫‪8882‬‬. ‫‪23‬‬. ‫يعد هذا التعريف األكثر شموال ‪ 3‬وتحديدا لعناصر تبييض األموال من بين التعريفات التي‬ ‫تضمنتها عدد مـن الوثائق الدولية والتشريعات الـوطنية‪ ،‬ووفقا للدليـل المذكور فإن تبييض األمـوال‪:‬‬ ‫»عملية تحويل األموال المتحصل عليها من أنشطة جرميه تهدف إلى إخفاء أو إنكار المصدر غير‬ ‫الشرعي و المحظور لهذه األموال أو مساعدة أي شخص ارتكب جرما ليتجنب المسؤولية القانونية عن‬ ‫االحتفاظ بمتحصالت هذا الجرم«‪.4‬‬ ‫‪ -1‬فجل الصور التطبيقية لعمليات تبييض األموال وفقا لتعريف اتفاقية فينا لعام ‪ 0388‬تفصح ال محال عن اعتناق مفهوم ضيق‬ ‫لجريمة تبييض األموال‪ ،‬إذ تقتص ر هذه الصور على الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الفرعية (أ) و هي إجماال جرائم‬ ‫المخدرات و المؤثرات العقلية‪ ،‬و ما يتفرع عنها من جرائم منصوص عليها في البنود (‪ ،)5(،)0(،)9(،)0(،)0‬من هذه الفقرة‪.‬‬ ‫‪-2‬نادر عبد العزيز الشافي‪ :‬تبييض األموال ( دراسة مقارنة )‪،‬تقديم غسان رباح ‪،‬منشورات الحلبي ‪،‬بيروت‪،‬سنة‬ ‫‪،0220‬ص‪.73‬‬ ‫‪ -3‬يونس عرب ‪:‬دراسة في ماهية و مخاطر جرائم تبييض األموال و االتجاهات الدولية لمكافحتها و بيان مخطط المصارف‬ ‫لمواجهة هذه الجرائم‪،‬نشرت في مجلة البنوك في األردن ‪،‬العدد األول لشهر فيفري ‪. 0220‬‬ ‫‪ -4‬مأخوذ من مقال أعده مهدي أبو فطيم أستاذ بجامعة لبنان حول‪ :‬جريمة تبييض األموال ‪،‬منشور على شبكة اإلنترنيت على‬ ‫الموقع ‪. WWW . fadha .com :‬‬ ‫‪- 15 -‬‬.

(21) ‫و عملية اإلخفاء تمتد لحقيقة أو مصدر أو موقع أو حـركة أو ترتيبات أو طبيعة الحقوق‬ ‫المتحصلة من هذه األموال أو ملكيتها مع توافر العلم أن هـذه األمـوال متحصلة من جريمة جنائية‬ ‫ووفقا لهذا التعريف فإن تبييض األموال بالمعنى البسيط هو‪:‬‬ ‫» إظهار المال الناتج عن جرائم جنائية كترويج المخدرات واإلرهاب أو الفساد أو غيرها‬ ‫بصورة أموال لها مصدر قانوني ومشروع«‪.‬‬ ‫كما يتضح من خالل هذه التعريفات أن هذه الوثائق الدولية تباين اتجاهها بين اعتناق المفهوم‬ ‫الموسع لتبييض األموال و الضيق منها‪ ،‬فمنها من لم تشر ال من قريب و ال من بعيد إلى ماهية‬ ‫الجرئمة األولية المتحصلة منها هذه األموال أو النقود أو العائدات غير المشروعة‪،‬و بالتالي يمكن أن‬ ‫يكون جريمة مخدرات أو دعارة أو تجارة رقيق‪...‬الخ‪ .‬و تعرف أيضا جريمة تبييض األموال على أنها‬ ‫» عبـارة عن عملية يلجأ إليـها مـن يتعاط االتجار غير المشروع بالمخدرات إلخفاء وجود دخل‬ ‫أو إلخفاء مصدره غير المشروع أو استخدام الدخل في وجه غير مشروع ‪ ،‬ثم يقوم بتمويه ذلك الدخل‬ ‫ليجعله يبدو و كأنه دخـل مشروع« ‪ ،1‬أي بعبـارة أبسط التصرف فـي النقود بطريقة تخفـي مصدرها‬ ‫و أصلها الحقيقيين‪.‬‬. ‫‪24‬‬. ‫‪0222‬‬. ‫قد أشارت هيأة االتفاقية إلى تجريم عدة أفعال عندما ترتكب بطريق العمد و في عدة صور‬ ‫وردت بالمادة السادسة منها تحت عنوان »تجريم تبييض عائدات الجرائم« و هي‪:‬‬ ‫(أ)‪ -20-‬تحويل الممتلكات أو نقلها‪ ،‬مع العلم بأنها عائدات جرائم‪ ،‬بغرض إخفاء أو تمويه‬ ‫المصدر الغير مشروع لتلك الممتلكات أو مساعدة أي شخص ضالع في ارتكاب الجرم األصلي الذي‬ ‫تأتت على اإلفالت من العواقب القانونية لفعلته ‪.2‬‬ ‫‪ -20‬إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقية للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها‬ ‫أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها‪ ،‬مع العلم عائدات من جرائم‪.‬‬ ‫و أخيرا جرمت ما يلي‪:‬‬ ‫(ب)‪-20-‬اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو استخدامها مع العلم ‪-‬وقت تلقيها‪-‬من أنها عائدات‬ ‫جرائم‪.‬‬. ‫‪ -1‬عن دليل األمم المتحدة للتدريب على تنفيذ قوانين العقاقير المخدرة‪ ،‬ص ‪ ،0‬بنسخة ديسمبر ‪ ،0330‬مصلحة العالقات‬ ‫الخارجية للمديرية العامة لألمن الوطني‪ ،‬مكتب التسيير‪.‬‬ ‫‪ -2‬المادة ‪(-0/21‬أ) من إ‪-‬أ‪-‬م‪-‬م‪-‬ج‪-‬م‪-‬و‪ ،‬اعتمدت و عرضت للتوقيع و التصديق و االنضمام بموجب قرار الجمعية العامة لألمم‬ ‫المتحدة في دورتها الخمسة و العشرون و المؤرخة في ‪ 05‬نوفمبر ‪ ،0222‬المصادق عليها من قبل الجزائر بموجب المرسوم‬ ‫الرئاسي رقم ‪55-20‬المؤرخ في ‪.0220-20-25‬‬ ‫‪- 16 -‬‬.

(22) ‫‪-20‬المشاركة في ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة ‪ ،‬أو التواطؤ‬ ‫أو التآمر على ارتكابها‪ ،‬و محاولة ارتكابها و المساعدة و التحريض على ذلك و تسهيله و إسداء‬ ‫المشورة بشأنه ‪.1‬‬ ‫و ليس هناك من شك من أن هذه االتفاقية بهذا النهج المتقدم إنما تفصح عن اعتناقها للتعريف‬ ‫الموسع لعمليات تبييض األموال المشبوهة‪ ،‬إذ أن تعبير »عائدات الجرائم« المنصوص عليها غير‬ ‫ذات مرة في هذه المادة إنما يعني أيّ ممتلكات تتأتى أو يتحصل عليها بشكل مباشر أو غير مباشر من‬ ‫ارتكاب جرم ما ‪،‬و هذا خالفا لما تضمنته اتفاقية فينا لسنة ‪.0388‬‬. ‫ثانيا‬ ‫يمكن القول أن نشاط تبييض األموال واستخدام عائدات الجرائم أضحى يشـكل جريمة مستقلة‬ ‫ال تلتبس بغيرها من األوصاف الجزائية األخرى‪،‬وقد استجابت معظم الدول إلى تجريم هذا الفعل في‬ ‫تشريعاتها الداخليـة وفقـا لمـا تنص عليه اتفاقية األمم المتحدة فينا عام ‪ ، 0388‬وكذا اتفاقيـة مجلس‬ ‫أوربا في ستراسبورغ عام ‪ ، 0332‬ألنهما حجر الزاوية في هـذا الخصوص وصارت العديد من‬ ‫التشريعات تتضمن نصوصا خـاصة تع ّرف هـذه الجريمة وتعاقب فاعليها وكانت من بين الدول‬ ‫السباقة إلى تعريف هـذه الجريمة في قوانينها الداخلية فرنسا ‪ ،‬الواليات المتحدة األمريكية و ألمانيا‪.‬‬ ‫و سوف نتعرض في مـا يلي إلى تعريف تبييض األموال وفقا للتشريع الفرنسي‪ ،‬ثم التشريعات‬ ‫األمريكي و كذا المصري‪ ،‬و نبين موقف المشرع الجزائري من ذلك‪.‬‬. ‫‪-28‬‬ ‫تعتبر الواليات المتحدة األمريكية من أكثر الدول في العالم تضررا من ظاهرة تبييض األموال‬ ‫بحيث أن التقدير الحالي للمبالغ الملوثة سنويا يقـدر ب ‪ 922‬بليون دوالر أمريكي أي ‪ %95‬من‬ ‫األمـوال القذرة بفعـل جريمة تبييض األموال في الـعالم ‪،‬لذلك لجأ المشرع األمريكي إلى تجريمها‬ ‫مبكرا في سـنة ‪ 0381‬أي حتى قبـل ظهـور اتفاقية فيينا ‪ ،‬وقـد عرفـها القانـون األمريكي لسنة ‪0381‬‬ ‫في إحدى مواده بأنهـا » كل عمل يهدف إلى إخفـاء طبيعة أو مصـدر األمـوال الناتجة عن النشاطات‬ ‫الجرمية « ‪2‬أخذا بذلك بالتعريف الفقهي الواسع لهـذه الجريمة ‪.‬‬. ‫‪20‬‬ ‫يمكن القول أن تعريف تبييض األموال ‪-‬بوجه خاص في دول االتحاد األوربي مثل فرنسا‪ -‬ال‬ ‫يخرج عما ورد في االتفاقيات الدولية و بخاصة ما ورد بالمجلس األوربي في شأن تبييض األموال‬ ‫‪ -1‬المادة ‪(-20/21‬ب) من نفس االتفاقية‪.‬‬ ‫‪- Barbara Webster and Michel Campbell: international Money laundering - National‬‬ ‫‪Iinstitution of Justice (September 1998), research in Brief.p .112.‬‬ ‫‪2‬‬. ‫‪- 17 -‬‬.

(23) ‫المشار إليها في ما سبق‪ ،‬و ليس أدل على ذلك من أن المشرع الفرنسي قد نص على جريمة تبييض‬ ‫األموال في المادة ‪ 900‬من قانون العقوبات المعدل و المضافة إلى قانون ‪ 930-31‬الصادر في ‪09‬‬ ‫ماي ‪ 0331‬بقوله ‪ » :‬تبييض األموال هو تسهيل التبرير الكاذب بـأي طريقة كانت لمصدر أموال‬ ‫أو دخول لفاعل جناية أو جنحة تحصل منها فائدة مباشرة أو غير مباشرة «‪.‬‬ ‫ويعتبر أيضا من قبيل تبييض األمـوال‪ 1‬وفقا للفقرة ‪ 20‬من المادة ‪ 900‬قانون العقوبات‬ ‫الفرنسي‪ »:‬تقديم المساعدة في عمليات إيداع أو إخفاء أو تحويل العائد المباشر أو غير المباشر لجناية‬ ‫أو جنحة «‪ .‬ويستخلص مـن نص المادة ‪ 0 / 900‬و ‪ 0‬من قانون العقوبات الفرنسي مظهران للسلوك‬ ‫المكون لتبيض األموال واستخدام عائدات الجرائم هما‪:‬‬ ‫‪ -0‬تمويه مصدر األموال‪.‬‬ ‫‪ -0‬المساعدة في عمليات إيداع أو إخفاء أو تحويل متحصالت جناية أو جنحة‪.‬‬ ‫وبذلك يكون المشرع الفرنسي قد وسع مكافحة تبييض األموال ليشمل كافة الجرائم دون‬ ‫حصرها بأموال المخدرات و يكون بذلك قد تأثر بالتعريف الفقهي الواسع‪.‬‬. ‫‪23‬‬ ‫تعتبر مصر من الدول المتحمسة لمكافحة تبييض األموال‪ ،‬و قـد وقـعت على اتفاقيتين دوليتين‬ ‫لمكافحة تبييض األمـوال ‪ :‬اتفاق األمـم المتحـدة في فيينا ‪ 0388‬و االتفاق العربي في تونس‬ ‫‪.0330‬و قد انتهت الحكومة المصرية من إعداد مشروع قانون مكافحة تبييض األموال و يتألف من‬ ‫‪ 92‬مادة‪ ،‬أين تمت مناقشته في شعبة القطاع المـالي و السياسات النقدية كـما ناقشه مجلس الشورى‪.‬‬ ‫و حسب منظور هـذا التشريع تبييض األموال ‪»:‬هو كـل سلوك ينطوي على اكتساب مال أو حيازته‬ ‫أو التصرف فيه أو تحويله إذا كان متحصال على الجريمة من الجرائم المنصوص عليها في المادة‬ ‫الثانية متى كان القصد مـن هـذا السلوك إخفاء أو تمويه مصدر األمـوال أو تغيير حقيقته أو الحيـلولة‬ ‫دون اكتشاف ذلك أو عرقلة التوصل إلى شخص من ارتكب الجريمة المتحصل منها المال «‪.‬‬. ‫‪24‬‬ ‫تماشيا مع المخطط االستعجالي الذي بادرت به الحكومة الجزائرية السيما وزارة العدل سنة‬ ‫‪ ، 0220‬و تجسيدا للتوصيات المنبثقة عن اللجنة الوطنية إلصالح العدالة المتعلقة بضرورة إعادة‬ ‫النظر في مجمل النصوص القانونية لهذا القطاع ‪ ،‬و قصد جعل قانون العقوبات يساير التحوالت‬ ‫‪ -1‬يرجع السبب في االستعانة بهذا المصطلح تبييض األموال »‪ « Le blanchiment de l’ argent‬إلى أن هذا المصطلح‬ ‫يصف على نحو دقيق عملية المباشرة‪،‬حيث يخضع مقدار من المال غير المشروع ‪-‬أي القذر‪-‬لدورة تسويات تهدف جعله‬ ‫مشروعا أي بمعنى تبييضه‪ ،‬و بعبارة أدق هو التعتيم ع لى مصدر األموال المتحصلة عن طريق غير مشروع ‪ ،‬من خالل‬ ‫سلسلة متوالية من العمليات ‪ ،‬حتى إلى اللحظة التي يمكن فيها لهذه األموال أن تظهر مرة أخرى على نحو نهائي في شكل أرباح‬ ‫مشروعة‪.‬‬ ‫‪- 18 -‬‬.

Références

Documents relatifs

1) Under the conditions for asymptotic stability obtained by application of LaSalle’s Invariance Principle: The parameter values given in Table VI satisfy the conditions (12)

Analysis of the root-zone soil moisture from surface observations using (top) an ensemble Kalman filter and (bottom) a simplified 1DVAR method, for 2001–04 over the SMOSREX

Velocity Dealiased Spectral Estimators of Range Migrating Targets using a Single Low-PRF Wideband Waveform.. IEEE Trans- actions on Aerospace and Electronic Systems, Institute

ﺦﻟا .( لﺎﺟﻣ ﻲﻓ ﺔﺻﺎﺧ ﻲﻧطوﻟا دﺎﺻﺗﻗﻻا ﺔﯾﻣﻧﺗ ﻲﻓ ﺎﻣﮭﻣ ارود رﺋازﺟﻟا ﻲﻓ ﺔﺣﺎﯾﺳﻟا عﺎطﻗ بﻌﻟ ،مﻟﺎﻌﻟا تﺎﮭﺟ فﻠﺗﺧﻣ نﻣ حﺎﯾﺳﻟا بﺎطﻘﺗﺳا ﺎﯾدﺎﺻﺗﻗا ﻼﻘﺛ ﺔﺣﺎﯾﺳﻟا

To facili- tate the harmonization with the IGBP vegetation classes in the remote sensing dataset, only 6 broad vegetation classes are considered: evergreen broadleaf trees

In 2014, Evalita also successfully opens a track on sentiment analysis with SENTIPOLC, the task on sentiment and po- larity classification of Italian Tweets (Basile et al., 2014)..

Dans tout ce qui suit, u désigne une suite minimale non périodique, point fixe d’une substitution injective uniforme de module Q sur un alphabet A..

In this paper, we derive the exact rate of convergence of some approximation schemes associated to scalar stochastic differential equations driven by a fractional Brownian motion