المسؤولیة الإداریة دون خطأ وأھم تطبیقاتھا في القضاء الإداري

Texte intégral

(1)‫ﺟﺎﻣﻌـــﺔ اﻟﺣــــﺎج ﻟﺧﺿــــر ‪ -‬ﺑﺎﺗﻧــــﺔ‪-‬‬ ‫ﻛﻠﯾـــــﺔ اﻟﺣﻘـــــوق واﻟﻌﻠــــوم اﻟﺳﯾـــﺎﺳﯾﺔ‬ ‫ﻗﺳــــــم اﻟﺣﻘـــــوق‬. ‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأھم‬ ‫ﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﮭﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري‬ ‫اﻟﺟزاﺋريﻓﻲ اﻟﻌﻠوم اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫ﻣذﻛرة ﻣﻛﻣﻠﺔ ﻟﻧﯾل ﺷﮭﺎدة اﻟﻣﺎﺟﺳﺗﯾر‬ ‫ﺗﺧﺻص‪ :‬ﻗﺎﻧون إداري وإدارة ﻋﺎﻣﺔ‬ ‫إﻋداد اﻟطﺎﻟب‪:‬‬. ‫إﺷراف اﻟدﻛﺗورة‪:‬‬. ‫ﺑرﯾك ﻋﺑد اﻟرﺣﻣﺎن‬. ‫ﻣزﯾـﺎﻧﻲ ﻓرﯾـــدة‬. ‫ﻟﺟﻧﺔ اﻟﻣﻧﺎﻗﺷـــﺔ‪:‬‬ ‫اﻟرﺗﺑــــﺔ‬. ‫اﻟﺟﺎﻣﻌﺔ‬. ‫اﻟﺻﻔﺔ‬. ‫اﻹﺳم واﻟﻠﻘب‬. ‫أﺳﺗﺎذ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺎﻟﻲ‬. ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺗﻧـــﺔ‬. ‫رﺋﯾﺳـــــﺎ‬. ‫أﺳﺗﺎذ ﻣﺣﺎﺿر‬. ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺗﻧـــﺔ‬. ‫ﻣﺷرﻓﺎ وﻣﻘررا‬. ‫أ‪.‬د‪ .‬ﺑوﺿﯾﺎف ﻋﻣﺎر‬. ‫أﺳﺗﺎذ اﻟﺗﻌﻠﯾم اﻟﻌﺎﻟﻲ‬. ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺗﺑﺳـــﺔ‬. ‫ﻋﺿوا ﻣﻧﺎﻗﺷﺎ‬. ‫د‪.‬دراﺟﻲ ﻋﺑد اﻟﻘﺎدر‬. ‫أﺳﺗﺎذ ﻣﺣﺎﺿر‬. ‫ﺟﺎﻣﻌﺔ ﺑﺎﺗﻧـــﺔ‬. ‫ﻋﺿوا ﻣﻧﺎﻗﺷﺎ‬. ‫أ‪.‬د‪ .‬ﻋواﺷرﯾﺔ رﻗﯾﺔ‬ ‫د‪ .‬ﻣزﯾﺎﻧﻲ ﻓرﯾدة‬. ‫اﻟﺳﻧــﺔ اﻟﺟﺎﻣﻌﯾـــﺔ ‪2011 -2010‬م‬.

(2)

(3) ‫ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ ﷲ ﻋﻨﮭﻤﺎ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠّﻰ ﷲ ﻋﻠﯿﮫ‬ ‫وﺳﻠﻢ أﻧﮫ ﻗﺎل‪ » :‬أﻻ ﻛﻠﻜﻢ راع‪ ،‬وﻛﻠﻜﻢ ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ‬ ‫رﻋﯿﺘﮫ‪ ،‬ﻓﺎﻷﻣﯿﺮ اﻟﺬي ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺎس راع‪ ،‬وھﻮ ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ‬ ‫رﻋﯿﺘﮫ‪ ،‬واﻟﺮﺟﻞ راع ﻋﻠﻰ أھﻞ ﺑﯿﺘﮫ‪ ،‬وھﻮ ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻨﮭﻢ‪،‬‬ ‫واﻟﻤﺮأة راﻋﯿﺔ ﻋﻠﻰ ﺑﯿﺖ ﺑﻌﻠﮭﺎ ووﻟﺪه‪ ،‬وھﻲ ﻣﺴﺌﻮﻟﺔ‬ ‫ﻋﻨﮭﻢ‪ ،‬واﻟﻌﺒﺪ راع ﻋﻠﻰ ﻣﺎل ﺳﯿﺪه‪ ،‬وھﻮ ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻨﮫ‪ ،‬أﻻ‬ ‫ﻓﻜﻠﻜﻢ راع ﻣﺴﺌﻮل ﻋﻦ رﻋﯿﺘﮫ « ﻣﺘﻔﻖ ﻋﻠﯿﮫ‬.

(4) ‫إﻟﻰ روح واﻟﺪي اﻟﻄﺎھﺮة اﻟﺬي ﺟﺎھﺪ ﻓﻲ ﺳﺒﯿﻞ اﺳﺘﻘﻼل ھﺬا اﻟﻮطﻦ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ واﻟﺪﺗﻲ اﻟﺤﺒﯿﺒﺔ رﻣﺰ اﻟﺤﻨﺎن واﻟﻌﻄﺎء‪.‬‬ ‫إﻟﻰ زوﺟﺘﻲ رﻓﯿﻘﺔ اﻟﺪرب واﻟﺤﯿﺎة‪ ،‬وإﻟﻰ أﺑﻨﺎﺋﻲ اﻷﻋﺰاء‪ :‬ﺗﻘﻲ اﻟﺪﯾﻦ‪ ،‬إﺳﺮاء‪ ،‬ﻣﻌﺎذ‪ ،‬وإﻟﻰ‬ ‫اﻟﻤﻮﻟﻮد اﻟﺠﺪﯾﺪ أﻧﺲ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ إﺧﻮﺗﻲ وأﺧﻮاﺗﻲ وأﺑﻨﺎﺋﮭﻢ واﻟﺬﯾﻦ أﺣﺒﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌﺎ‬ ‫إﻟﻰ ﻛﻞ ﻏﯿﻮر وﻣﺨﻠﺺ ﻟﮭﺬا اﻟﻮطــــــــﻦ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻛﻞ طـــــــــــــــــــــــــــــــــــﺎﻟﺐ ﻋﻠــــــــــــﻢ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻛﻞ اﻷھﻞ واﻷﻗﺎرب‪.‬‬ ‫إﻟﻰ اﻷﺳﺘﺎذة اﻟﻤﺸﺮﻓﺔ اﻟﺪﻛﺘﻮرة‪ :‬ﻓﺮﯾﺪة ﻣﺰﯾﺎﻧﻲ‪ ،‬وﻛﻞ اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻟﺬﯾﻦ أطﺮوﻧﺎ ﻧﺤﻦ طﻠﺒﺔ‬ ‫اﻟﻤﺎﺟﺴﺘﯿﺮ ﻓﺮع اﻟﻘﺎﻧﻮن اﻹداري واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ دﻓﻌﺔ ﺳﻨﺔ ‪.2008‬‬ ‫إﻟﻰ أﻋﻀﺎء ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ اﻷﺳﺎﺗﺬة اﻷﻓﺎﺿﻞ ﻛﻞ واﺣﺪ ﺑﺎﺳﻤﮫ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻛﻞ اﻷﺻﺪﻗﺎء‪.‬‬ ‫إﻟﻰ زﻣﻼﺋﻲ اﻟﻄﻠﺒﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻮار اﻟﺪراﺳﻲ ﻟﺮﺳﺎﻟﺔ اﻟﻤﺎﺟﺴﺘﯿﺮ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ زﻣﻼﺋﻲ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﻤﮭﻨﺔ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺐ أو ﺑﻌﯿﺪ ‪.‬‬ ‫إﻟﻰ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺷﺠﻌﻨﻲ‪ ،‬وﻟﻮ ﺑﻜﻠﻤﺔ واﺣﺪة‪.‬‬ ‫إﻟﯿﮭﻢ ﺟﻤﯿﻌﺎ أھﺪي ھﺬه اﻟﻤﺬﻛﺮة وأﺗﻤﻨﻰ ﻣﻦ ﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ واﻟﺴﺪاد‬.

(5) ‫اﻟﺤﻤﺪ و‬. ‫ﺗﻮﻓﯿﻘﮫ‬. ‫ﻟﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻧﺠﺎز ھﺬه اﻟﻤﺬﻛﺮة ‪.‬‬ ‫ﺑﺪاﯾﺔ‪ ،‬أﺗﻘﺪم ﺑﺠﺰﯾﻞ اﻟﺸﻜﺮ وﻋﻈﯿﻢ اﻻﻣﺘﻨﺎن ﻟﻸﺳﺘﺎذة اﻟﺪﻛﺘﻮرة اﻟﻤﺤﺘﺮﻣﺔ ﻓﺮﯾﺪة ﻣﺰﯾﺎﻧﻲ‬ ‫رﻣﺰ اﻟﻤﺜﺎﺑﺮة واﻟﺠﺪ واﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪءوب واﻟﻨﻔﺲ اﻟﻄﻮﯾﻞ‪ ،‬ﻋﻠﻰ ﻗﺒﻮﻟﮭﺎ وﺑﺼﺪر رﺣﺐ اﻹﺷﺮاف‬ ‫ﻋﻠﻰ ھﺬه اﻟﻤﺬﻛﺮة‪.‬‬ ‫ﻛﻤﺎ اﻗﺘﺺ ﻣﻦ ﻋﺠﺎﻟﺔ اﻟﺰﻣﻦ ھﺬه اﻟﻠﺤﻈﺎت اﻟﺜﻤﯿﻨﺔ ﻷﺗﻘﺪم ﺑﺄﻏﻠﻰ ﻋﺒﺎرات اﻟﺜﻨﺎء ﻟﻸﺳﺘﺎذة‬ ‫اﻟﺪﻛﺘﻮرة رﻗﯿﺔ ﻋﻮاﺷﺮﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺮأﺳﮭﺎ ﻟﺠﻨﺔ اﻟﻤﻨﺎﻗﺸﺔ‪ ،‬ﺛﻢ اﻟﺸﻜﺮ ﻛﻞ اﻟﺸﻜﺮ ﻟﻸﺳﺘﺎذ اﻟﺪﻛﺘﻮر‬ ‫اﻟﻔﺎﺿﻞ ﻋﻤﺎر ﺑﻮﺿﯿﺎف واﻟﺪﻛﺘﻮر اﻟﻔﺎﺿﻞ ﻋﺒﺪ اﻟﻘﺎدر دراﺟﻲ ﻟﺘﻔﻀﻠﮭﻢ وﻗﺒﻮﻟﮭﻢ ﻣﻨﺎﻗﺸﺔ ھﺬه‬ ‫اﻟﻤﺬﻛﺮة‪.‬‬ ‫أﻏﺘﻨﻢ ھﺬه اﻟﻔﺮﺻﺔ ﻷﺷﻜﺮ ﻛﻞ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺪﻧﻲ ﻣﻦ ﻗﺮﯾﺐ أو ﺑﻌﯿﺪ ﻓﻲ إﻧﺠﺎز ھﺬه اﻟﻤﺬﻛﺮة ﻣﻦ‬ ‫اﻷﺻﺪﻗﺎء أو اﻟﺰﻣﻼء‪.‬‬.

(6) ‫ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻣﺨﺘﺼﺮات ھﺬا اﻟﺒﺤﺚ‬. ‫ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮات ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌﺮﺑﯿﺔ‬:‫أوﻻ‬. ‫ ﻗﺎﻧون ﻣدﻧﻲ ﺟزاﺋري‬:‫ ق م ج‬-1 ‫ ﻗﺎﻧون ﻣدﻧﻲ ﻓرﻧﺳﻲ‬:‫ ق م ف‬-2 ‫ ﻓﻘرة‬:‫ ف‬-3 ‫ دون رﻗم طﺑﻌﺔ‬:( ‫ ط‬،‫ ) د‬-4 ‫ دون ﺳﻧﺔ طﺑﻌﺔ‬:( ‫ ط‬،‫ س‬،‫ ) د‬-5. ‫ اﻟﻤﺨﺘﺼﺮات ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﯿﺔ‬:‫ﺛﺎﻧﯿﺎ‬ 1. Actualité juridique droit administratif (A.J.D.A) 2. Conseil constitutionnel (C. C) 3. Conseil d’Etat (C. E) 4. Dalloz (D) 5. Journal officielle (J. O) 6. La Semaine juridique (J. C. P) 7. Les grands arrêts de la jurisprudence administrative (G.A.J.A) 8. Librairie général de droit et de jurisprudence (L.G.D.J) 9. Revue droit public (R.D.P) 10- Recueil conseil d’état (Rec) ‫اﻟﻣﺟﻣوﻋﺔ اﻹدارﯾﺔ‬ 11- Revue Française droit administrative (R.F.D.A) 12- Revue pratique du droit administrative (R.P.D.A) 13- Tribunal des conflits (T.C) 14- Droit administratif (Dr.adm) 15- Assemblée (ass).

(7) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬.

(8) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫ﻟم ﺗﻛن اﻟدوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة ﻓﻲ ﻣواﺟﻬﺔ ﻣواطﻧﯾﻬﺎ‪ ،‬ﺣﯾث ﻛﺎن ﻣﺑدأ ﻋدم‬ ‫ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻫو اﻟﺳﺎﺋد‪ ،‬وظل ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺳﺎرﯾﺎ ﺣﺗﻰ ﺑﻌد ﻗﯾﺎم اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن‬ ‫اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر إو ﻋﻼن ﻣﺑدأ ﺳﯾﺎدة اﻷﻣﺔ‪ ،‬ﺣﯾث ﻛﺎن ﯾﺳود اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﻣﻧﺎﻓﺎة ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻣﻊ ﻣﺎ‬ ‫ﺗﺗﻣﺗﻊ ﺑﻪ ﻣن ﺳﯾﺎدة‪.‬‬ ‫ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻠﺗطورات اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ ﻣن دوﻟﺔ ﺣﺎرﺳﺔ ﺗﻛﺗﻔﻲ ﺑﺣﻣﺎﯾﺔ إﻗﻠﯾﻣﻬﺎ ﺿد‬ ‫اﻻﻋﺗداءات اﻟﺧﺎرﺟﯾﺔ‪ ،‬وﺗوﻓﯾر اﻷﻣن ﻓﻲ اﻟداﺧل‪ ،‬وﺗﺣﻘﯾق اﻟﻌدل ﺑﯾن اﻟﻣواطﻧﯾن إﻟﻰ دوﻟﺔ‬ ‫ﻣﺗدﺧﻠﺔ‪ ،‬ﺗﻣﺎرس اﻟﻌدﯾد ﻣن اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺗروﻛﺔ ﻣن ﻗﺑل ﻟﻸﻓراد أو اﻟﻘطﺎع اﻟﺧﺎص ﻓﻲ‬ ‫اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﺗﻌﻠﯾﻣﯾﺔ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ‪ ،‬وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟﻣﺟﺎﻻت اﻟﺗﻲ ﺗدﺧﻠت ﻓﯾﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ‬ ‫اﻟﻣﻌﺎﺻرة‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ اﻟﺗطور اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻲ اﻟﺣﺎﺻل ﻓﻲ اﻟﻣﯾدان اﻻﻗﺗﺻﺎدي‪ ،‬وﺣﺗﻰ‬ ‫اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪ ،‬وﻧﻣو اﻟوﻋﻲ اﻹﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﺿرورة ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻷﻓراد‪ ،‬اﻟﺗﻲ ﻫﻲ ﻣن أوﻟوﯾﺎت‬ ‫اﻟوظﺎﺋف اﻟﺗﻲ ﯾﺟ ب ﻋﻠﻰ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘﯾﺎم ﺑﻬﺎ‪ ،‬وأﻧﻪ ﻣن ﻏﯾر اﻟﻣﻣﻛن اﻟﻘﺑول ﺗﺣت أي ﺗﺑرﯾر أو‬ ‫ﺣﺟﺔ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ ﺣﻘوق اﻷﻓراد وﻟو ﻣن اﻟدوﻟﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ‪ ،‬وﻷن اﻟدوﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﻫﻲ دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون‪،‬‬ ‫وﻫذا ﯾﻌﻧﻲ أن اﻟدوﻟﺔ ﻧﻔﺳﻬﺎ ﻻﺑد أن ﺗﺧﺿﻊ ﻟﻠﻘﺎﻧون‪.‬‬ ‫أدى ذﻟك إﻟﻰ ﺗﻘرﯾر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻣﺎ ﻗد ﯾﺣدث ﻟﻸﻓ ارد ﻣن أﺿرار ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻟﻣﻣﺎرﺳﺗﻬﺎ‬ ‫ﻟﻬذﻩ اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ‪.‬‬ ‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن‬ ‫ﺣدث ذﻟك اﻟﺗﺣول ﺑﻔﺿل ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ‪ ،‬ﺣﯾث ﻗرر ﻓﻲ اﻟﺑداﯾﺔ ِ‬ ‫أﻋﻣﺎل اﻹدارة اﻟﻌﺎدﯾﺔ دون أﻋﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ أو اﻟﺳﯾﺎدة‪ ،‬ﺛم ﻗرر ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ‬ ‫اﻟﻣﺗﺻﻠﺔ ﺑﻣرﻓق اﻟﺷرطﺔ‪ .‬وﺑﻌد ذﻟك ﺗواﺗرت أﺣﻛﺎﻣﻪ ﻟﺗﻘرﯾر ﻣﺳﺋوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ‬ ‫ﻣﺎ ﺗﻘوم ﺑﻪ ﻣن أﻧﺷطﺔ وﻣﺎ ﺗﺿطﻠﻊ ﺑﻪ ﻣن أﻋﻣﺎل ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﺗﺞ ﻋﻧﻬﺎ أﺿرار‪.‬‬ ‫أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﻣﺳﺗﻘر ﻋﻠﯾﻪ اﻵن أن اﻟدوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋﻣﺎ ﯾﺻﯾب اﻷﻓراد ﻣن أﺿرار ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ‬ ‫ﻟﻐﺎﻟﺑﯾﺔ أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﻏﯾر اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ‪ ،‬وﯾﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻌوﯾض اﻟﺷﺧص اﻟﻣﺿرور ﻋن‬ ‫اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ ﺗﻠﺣق ﺑﻪ‪.‬‬. ‫أ‬.

(9) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫ﻗﺎم ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺑﺗﺄﺳﯾس ﻧظرﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ ﺑﺷﺄن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ‬ ‫ﻣﻧذ أن أﺻدر ﺣﻛم روﺗﺷﯾﻠد ﺳﻧﺔ ‪ ، 1855‬وأﻛدت ذﻟك اﻻﺗﺟﺎﻩ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎزع اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ ﻋﻧدﻣﺎ‬ ‫أﺻدرت ﺣﻛم ﺑﻼﻧﻛو )‪ ( BLANCO‬اﻟﺷﻬﯾر ﺳﻧﺔ ‪ ،1873‬وﻣﺎ ﺗﻠﻰ ذﻟك ﻣن اﻷﺣﻛﺎم اﻟﺗﻲ‬ ‫ﺻدرت ﻋﻧﻬﻣﺎ ﺑﻌد ذﻟك‪.‬‬ ‫وﺑذﻟك ﯾﻛون اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﺻﺎﺣب اﻟﻔﺿل ﻓﻲ ﺗﺄﺳﯾس ﻗواﻋد ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻼﺋم‬ ‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﺑﺻﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ واﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﻬدف إﻟﻰ ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺗوازن ﺑﯾن‬ ‫اﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﻌ ﺎﻣﺔ واﻟﻣﺻﻠﺣﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ﻟﻸﻓراد‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﻛون اﻹدارة ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﻏﯾر‬ ‫اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ ﺳواء ﻛﺎﻧت أﻋﻣﺎل ﻣﺎدﯾﺔ أو ﻗ اررات إدارﯾﺔ‪.‬‬ ‫أﺳس ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﺑﺎدئ‬ ‫اﻷﻣر‪ ،‬واﺳﺗوﺣﻰ ذﻟك اﻷﺳﺎس ﻣن ﻗواﻋد اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻘﺻﯾرﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬وﻣن ﺛم ﻓﺈن‬ ‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ ﺛﻼﺛﺔ أرﻛﺎن‪ :‬وﻫﻲ وﻗوع ﺧطﺄ ﻣن ﺟﺎﻧب اﻹدارة‬ ‫أو ارﺗﻛﺎب اﻹدارة ﻋﻣﻼ ﻏﯾر ﻣﺷروع ﯾﻧﺗﺞ ﻋﻧﻪ ﺿرر وﺗرﺑطﻬﻣﺎ ﻋﻼﻗﺔ ﺳﺑﺑﯾﺔ إو ذا ﺗواﻓرت ﻫذﻩ‬ ‫اﻷرﻛﺎن اﻟﺛﻼﺛﺔ ﺗﻘوم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬وﯾﺣﻛم اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﺑﺎﻟﺗﻌوﯾض ﻟﻠﻣﺿرور‪.‬‬ ‫ﺣدث ﺑﻌد ذﻟك ﺗطور ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻓﻲ ﻗﺿﺎء ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ‬ ‫اﻟﻔرﻧﺳﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻟﻰ ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ أﻧﺷﺄ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أﺧرى‬ ‫وﺻﻔت ﺑﺄﻧﻬﺎ اﺣﺗﯾﺎطﯾﺔ أو ﺗﻛﻣﯾﻠﯾﺔ‪ ،‬ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻻ ﺗﻠﻌب ﻓﯾﻬﺎ ﻓﻛرة اﻟﺧطﺄ أي دور؛ وﻫﻲ‬ ‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪.‬‬ ‫إن اﻟدﻋوة إﻟﻰ ﺗﺑﻧﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﻓﻲ ﺑﺎدئ اﻷﻣر ﻛﺎﻧت ﻣن طرف ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون‬ ‫اﻟﻣدﻧﻲ وﻣﻧﻬم » ﺟوﺳران وﺳﺎﻟﻲ« ‪ ،‬وﻫذا ﺑﻬدف إﻋﻔﺎء اﻟﻌﻣﺎل‪ ،‬ﺿﺣﺎﯾﺎ ﺣوادث اﻟﻌﻣل ﻣن إﺛﺑﺎت‬ ‫ﺧطﺄ ﺻﺎﺣب اﻟﻌﻣل واﻟذي ﯾﻛون ﻣﺳﺗﺣﯾﻼ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻷﺣﯾﺎن‪.‬‬ ‫ﺗﺑﻧﻰ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬وأﺳﻘط ﻣﻧﻬﺎ رﻛن اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﻷن اﻟدوﻟﺔ )اﻹدارة‬ ‫اﻟﻌﺎﻣﺔ( ﻓﻲ ﺳ ﺑﯾل ﺗﺣﻘﯾق اﻟﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﺎم ﺗﺄﺗﻲ ﻣن اﻷﻋﻣﺎل أو اﻷﻓﻌﺎل اﻟﻣﺷروﻋﺔ ﻣﺎ ﻗد ﯾﺳﺑب‬ ‫ب‬.

(10) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫أﺿ ار ار ﻟﻸﻓراد وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن ﻣﻧطق اﻟﻌداﻟﺔ واﻹﻧﺻﺎف ﯾﻔرض ﺣﺗﻣﯾﺔ ﺗﺣﻣل اﻹدارة ﻟﺗﺑﻌﺎت‬ ‫أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ وﺗﻌوﯾض اﻟﻣﺗﺿررﯾن ﻣن ﻫذﻩ اﻷﻋﻣﺎل‪.‬‬ ‫إن اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم ﺑﻬﺎ اﻹدارة ﺑوﺻﻔﻬﺎ أﻋﻣﺎل ﺳﯾﺎدة ﺗﺟﻌل اﻟﻘﺎﺿﻲ اﻹداري ﻻ‬ ‫ﯾﺗﻌرض ﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﻔﺣص واﻟﺗﺣﻠﯾل ﻟﻠﺑﺣث ﻋن اﻟﺧطﺄ ﻣﺻدر اﻟﺿرر أو ﻟﻠﺣﻛم ﻋﻠﯾﻬﺎ ﺑﺎﻟﻣﺷروﻋﯾﺔ أو‬ ‫ﻣن ﻋدﻣﻬﺎ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﺈن اﻟﺑﺣث ﻋن وﺟود اﻟﺧطﺄ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﺣﺎﻟﺔ ﻻ ﯾﺳﺗﻘﯾم‪.‬‬ ‫ﻛﻣﺎ إن ﻗﯾﺎم اﻹدارة ﺑﺎﺳﺗﺧدام اﻵﻻت ﻛﻣﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ و اﺳﺗﺧدام اﻷﺷﯾﺎء‬ ‫اﻟﺧطﯾرة واﻷ ﺳﻠﺣﺔ واﻟﺗﻲ ﺗﺣﺗﻣﻬﺎ ﺿرورات اﻟﺣﯾﺎة اﻟﻌﺻرﯾﺔ ﺗؤدي إﻟﻰ إﺳﻘﺎط ﺻﻔﺔ اﻟﺧطﺄ ﻋﻧﻬﺎ‬ ‫ﻣﻬﻣﺎ ﺳﺑﺑت ﻣن أﺿرار ﻟﻠﻐﯾر ﻷﻧﻬﺎ ﻏدت واﻟﺣﺎﻟﺔ ﻫذﻩ ﻣﺷروﻋﺔ‪.‬‬ ‫وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﻗﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﻟم ﯾﻌد ﻛﺎﻓﯾﺎ ﻟوﺣدﻩ ﻟﺗﻘرﯾر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة وﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق اﻷﻓراد ﺗﺟﺎﻩ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬ ‫وﻓﻲ ﺗطور آﺧر ﺣدﯾث ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪ ،‬ﺳﻠم اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ‬ ‫ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋن اﻷﺿرار اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن إﺻدار اﻟﻘواﻧﯾن واﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬وﻟﻛن ﺗﺑﻘﻰ ﻫذﻩ‬ ‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﺣدودة ﺑﺷروط ﺧﺎﺻﺔ ‪ ،‬ﺗﺧﺗﻠف ﻋن اﻟﺷروط اﻟﻣﻘررة ﻓﻲ اﻟﺣﺎﻻت اﻷﺧرى‪.‬‬ ‫أوﻻ‪ :‬أﻫﻣﯾﺔ اﻟﻣوﺿوع‬ ‫رﻏم أن ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺷﻛل ﻋﺎم ﻫو ﻣن اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﻛﻼﺳﯾﻛﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون‬ ‫اﻹداري‪ ،‬إﻻ أن ﺟﺎﻧب اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﺿﻣن ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻫو ﺣدﯾث وﻓﻲ ﺗطور‬ ‫ﻣﺳﺗﻣر‪ ،‬ﺣﺗﻰ إو ن ﻛﺎن ﯾﻧظر إﻟﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﺧطﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻬﺎ ذات طﺎﺑﻊ ﺗﻛﻣﯾﻠﻲ‬ ‫أو اﺣﺗﯾﺎطﻲ وأن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ﻫﻲ اﻷﺻل‪ ،‬وﻫذا ﻟﯾس ﻣن ﺑﺎب اﻟﺗﻘﻠﯾل‬ ‫ﻣن أﻫﻣﯾﺗﻬﺎ‪ ،‬وﻟﻛن ﻻﻋﺗﺑﺎرات ﻣﻌﯾﻧﺔ ﯾﻣﻛن اﺳﺗﻘراﺋﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻹداري ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ‬ ‫ﻫذا اﻟﻣﺟﺎل‪ ،‬وﻫذﻩ اﻻﻋﺗﺑﺎرات ﻓﻲ اﻟﺣﻘﯾﻘﺔ ﻫﻲ اﻋﺗﺑﺎرات ﻣﺎﻟﯾﺔ‪.‬‬. ‫ت‬.

(11) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫إن ﻓﻛرة اﻟﺧطﺄ ﻛﺄﺳﺎس ﻟﻘﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ أﺻﺑﺣت ﻗﺎﺻرة وﻋﺎﺟزة ﻋن ﺣﻣﺎﯾﺔ‬ ‫ﺣﻘوق اﻷﻓراد ﺗﺟﺎﻩ اﻹدارة‪ ،‬وﻫذا ﻓﻲ ظل اﻟﺗطورات اﻟﺗﻲ ﺗﻌرﻓﻬﺎ اﻟﻣﺟﺗﻣﻌﺎت‪ ،‬وﻓﻲ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﻣﻧﺎﺣﻲ‪،‬‬ ‫وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﻧظﺎم اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﯾﺣﺗﺎج إﻟﻰ ﺗطوﯾر ﻟﻣواﻛﺑﺔ ﻫذﻩ اﻟﺗﺣوﻻت‪ ،‬وأن اﻟﻣﺟﺎل‬ ‫اﻟﺧﺻب ﻟﻬذا اﻟﺗﺣول واﻟﺗطور ﯾﻛﻣن ﻓﻲ ﻓﻛرة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻘوم دون ﺧطﺄ‪.‬‬ ‫إن دراﺳﺔ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﺗﺄﺗﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﺗﺷﻬد ﻓﯾﻪ اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ ﺑوﺟﻪ ﻋﺎم واﻟﻣﻛﺗﺑﺔ‬ ‫اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﺑوﺟﻪ ﺧﺎص ﻗﻠﺔ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬وﻟﻬذا ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺳﺗﺣق اﻟدراﺳﺔ‬ ‫واﻻﻫﺗﻣﺎم ﻣن طرف اﻟﺑﺎﺣﺛﯾن ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري‪.‬‬ ‫إن ﻗﻠﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬ﻓﻲ‬ ‫ﺣﯾن أن ﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﺗﻌرف ﺗطو ار ﻛﺑﯾ ار ﻛﻣﺎ وﻧوﻋﺎ‪ ،‬ﺗدﻋوﻧﺎ إﻟﻲ ﺗﺳﻠﯾط‬ ‫اﻟﺿوء ﻋﻠﻰ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬اﻟذي أﺻﺑﺣت اﻟﺣﺎﺟﺔ ﻣﻠﺣﺔ ﻟدراﺳﺗﻪ ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻧظرﯾﺔ أو‬ ‫اﻟﻌﻣﻠﯾﺔ‪.‬‬ ‫ﻣن اﻟﻧﺎﺣﯾﺔ اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ أو اﻟﻧظرﯾﺔ ﯾﻌﺗﺑر ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻣن أﻫم اﻟﻣوﺿوﻋﺎت‬ ‫اﻟﺗﻲ ﯾﻌﻧﻰ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري‪ ،‬واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ إو ن ﻛﺎﻧت ﻗد ﻧﺷﺄت ﻓﻲ ظل‬ ‫اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺑﻔﺿل اﻻﺟﺗﻬﺎد اﻹداري ﺗﺑﻠورت وﺗطورت وﻏدت ﻧظرﯾﺔ ﻣﺗﻛﺎﻣﻠﺔ‪،‬‬ ‫وأﺻﺑﺣت ﺗﺷﻛل ﻣظﻬ ار ﻣن ﻣظﺎﻫر اﺳﺗﻘﻼﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬وﻻ زاﻟت ﺗﻌرف ﺗطو ار ﻣﺳﺗﻘﺑﻼ‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻓﻬﻲ ﺗﻛﺗﺳﻲ ﻗﯾﻣﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻣن ﺛم ﻓﻬﻲ‬ ‫ﻣﺟﺎل ﺧﺻب ﻟﻠﺑﺣث ﻓﯾﻬﺎ ودراﺳﺗﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻧﯾﺎ‪ :‬اﻷﻫداف اﻟﻣرﺟوة ﻣن ﻫذا اﻟﺑﺣث‬ ‫‪ -1‬ﻣﻌرﻓﺔ اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﻟوﺻول إﻟﻰ‬. ‫ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺗﻘدﻣﺔ وﻫﻲ‪ :‬ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﻘرﯾر اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪ ،‬وﻛﯾف ﺳﺎﻫﻣت اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت ﻫدﻩ‬ ‫اﻟﻣرﺣﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﺷﺄة وﺗﺑﻠور ﻓﻛرة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﻓﻲ ﻧطﺎق اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري‪.‬‬. ‫ث‬.

(12) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫‪ -2‬ﺗﺣدﯾد اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﺧطﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻷن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺛﯾر ﻧﻘﺎش‬ ‫وﺟدل واﺳﻌﯾن ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻔﻘﻪ اﻟﻔرﻧﺳﻲ وﺣﺗﻰ اﻟﻌرﺑﻲ‪.‬‬. ‫‪ -3‬ﻣﻌرﻓﺔ اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ اﻟذي ﺗﺑﻧﺎﻩ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ أﺣﻛﺎﻣﻪ اﻟﺧﺎﺻﺔ‬ ‫ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪.‬‬. ‫‪ -4‬ﻧطﺎق ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وأرﻛﺎﻧﻬﺎ وﺷروطﻬﺎ‪ ،‬وﺧﺎﺻﺔ اﻟﺷروط اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﺿرر اﻟﻣوﺟب‬ ‫ﻟﻠﺗﻌوﯾض‬. ‫‪ -5‬اﻷﺳﺑﺎب واﻟﺧﻠﻔﯾﺎت اﻟﺗﻲ دﻓﻌت ﺑﺎﻻﺟﺗﻬﺎد اﻹداري إﻟﻰ اﺷﺗراط ﺻﻔﺎت ﻣﻌﯾﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﺿرر‪،‬‬ ‫ﺑﺎﻟرﻏم ﻣن أن ﻣﻧطق اﻟﻌداﻟﺔ ﯾﻔرض ﺗﻌوﯾض اﻷﻓراد ﻋن ﻛل ﺿرر ﯾﺻﯾﺑﻬم ﻣن ﺟراء‬. ‫اﻷﻧﺷطﺔ اﻟﻣﺧﺗﻠﻔﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﺎرﺳﻬﺎ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻓﻲ ﺳﺑﯾل ﺗﺣﻘﯾق اﻟﻧﻔﻊ اﻟﻌﺎم ﻟﻠﻣﺟﺗﻣﻊ‪.‬‬ ‫‪ -6‬ﻣﻌرﻓﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎت ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬وﻛﯾف ﺗﻌﺎﻣل ﻫذا‬ ‫اﻟﻘﺿﺎء ﻣﻊ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﻛذا ﺷروط ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ‬. ‫ﻣﺎ ﺗﻌﻠق ﻣﻧﻬﺎ ﺑﺎﻟﺷروط اﻟواﺟب ﺗواﻓرﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺿرر اﻟﻣوﺟب ﻟﻠﺗﻌوﯾض‪ ،‬وﻣن ﺛم اﻟﺣﻛم‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣدى ﺗطور اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻣﺟﺎل ﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻪ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻏﯾر‬ ‫اﻟﺧطﺋﯾﺔ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻟﺛﺎ‪ :‬أﺳﺑﺎب اﺧﺗﯾﺎر ﻫذا اﻟﺑﺣث‬ ‫إن ﺣداﺛﺔ ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬واﻟﻧﻘﺎش واﻟﺟدل اﻟﻔﻘﻬﻲ اﻟﻛﺑﯾرﯾن ﻓﻲ ﻓﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧون‬ ‫اﻟﻌﺎم ﺑﺧﺻوص ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗﺣدﯾد اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬وﻛذا اﻟﻧﻘﺎش اﻟداﺋر ﺣول ﺷروط‬ ‫ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ وﺧﺎﺻﺔ ﻓﯾﻣﺎ ﯾﺗﻌﻠق ﺑﺎﻟﺷروط اﻟﺧﺎﺻﺔ ﺑﺎﻟﺿرر‪ ،‬ﺛم اﻟﻐﻣوض اﻟذي ﯾﻛﺗﻧف ﺑﻌض‬ ‫اﻟﻣﺻطﻠﺣﺎت ﺿﻣن ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻣﻧﻬﺎ أن اﻟﺑﻌض ﻣن ﻛﺗﺎب أو ﻓﻘﻬﺎء اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﯾرون ﺑﺄن‬ ‫ﻣﺻطﻠﺢ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر ﻣرادف ﺗﻣﺎﻣﺎ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﺧطﺋﯾﺔ‪،‬‬ ‫واﻟﺑﻌض اﻵﺧر ﯾرون أن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر ﺗﺷﻛل اﻟﻧوع اﻷول ﻣن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫إو ﻟﻰ ﺟﺎﻧﺑﻪ ﻧوع ﺛﺎﻧﻲ وﻫو‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ‬ ‫وﻫو ﻣﺑدأ دﺳﺗوري‪ ،‬وﻣن ﺛم ﻓﺈن ﻫذا اﻟﻣوﺿوع‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ‪ -‬ﯾﻛﺗﺳﻲ أﻫﻣﯾﺔ‬ ‫ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة‪ ،‬ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟﻰ أﻧﻪ ﻣن أﻫم ﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري ﻻرﺗﺑﺎطﻪ اﻟوﺛﯾق واﻟﻣﺑﺎﺷر‬ ‫ج‬.

(13) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫ﺑﺣﻘوق اﻟﻣواطﻧﯾن ﺗﺟﺎﻩ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﻣن اﻷﺳﺑﺎب أﯾﺿﺎ اﻓﺗﻘﺎر اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻋﻠﻰ وﺟﻪ‬ ‫اﻟﺧﺻوص إﻟﻰ دراﺳﺎت ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬إو ن وﺟدت ﻓﻬﻲ ﻗﻠﯾﻠﺔ‪ ،‬ﻛل ﻫذﻩ اﻷﺳﺑﺎب‬ ‫دﻓﻌﺗﻧﻲ إﻟﻰ اﻟﺑﺣث ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع اﻟذي ﯾﻛﺗﺳﻲ أﻫﻣﯾﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻗل ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟﺣﺎﻟﻲ‪.‬‬ ‫إن ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﯾﺄﺗﻲ ﻓﻲ وﻗت ﻣﻬم وﻣﻧﺎﺳب‪ ،‬ﺣﯾث أن ﻫذﻩ‬ ‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻛرس دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﺗﻲ ﺗﺻﺎن ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﻫﻲ اﻟﻬدف اﻟﻣﻧﺷود‬ ‫ﻟﻛل اﻟﺷﻌوب‪.‬‬ ‫ﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻟذاﺗﯾﺔ ﻫو رﻏﺑﺔ ﻣﻧﻲ ﻓﻲ اﻟوﻗوف ﻋﻠﻰ ﺣدود ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻫذﻩ اﻟﺣدود‬ ‫ﯾﻼﺣظ ﻋﻠﯾﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺗﺳﻊ ﯾوﻣﺎ ﺑﻌد ﯾوم‪ ،‬وﯾطﺎﻟﻌﻧﺎ ﻣوﺿوع ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ داﺋﻣﺎ ﺑﺎﻟﺟدﯾد ﻣن ﺣﯾث‬ ‫ﺣﺎﻻﺗﻬﺎ أو أﺳﺎﺳﻪ اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ‪ ،‬وﻣن اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺳﺗﺟدة ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻫﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن‬ ‫اﻷﺿرار اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻟﻘواﻧﯾن واﻻﺗﻔﺎﻗﺎت اﻟدوﻟﯾﺔ‪ ،‬وﺣﺗﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻷﺣﻛﺎم اﻟدﺳﺗورﯾﺔ وﻫو‬ ‫ﻣوﺿوع ﺣدﯾث ﺟدا ﯾﺳﺗرﻋﻰ اﻻﻧﺗﺑﺎﻩ واﻟﺑﺣث ﻓﯾﻪ‪.‬‬ ‫راﺑﻌﺎ‪ :‬إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ اﻟﺑﺣث‬ ‫ﯾرﻣﻲ ﻫذا اﻟﺑﺣث إﻟﻰ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋن إﺷﻛﺎﻟﯾﺔ ﻣﺣورﯾﺔ وﻫﻲ‪ :‬ﻋﻠﻰ أي أﺳﺎس أو أﺳس ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫ﺗﺗﺣﻣل اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋبء اﻟﺗﻌوﯾض ﻓﻲ ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﺎ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ؟ وﻫل ﺗوﺟد ﺷروط‬ ‫ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻬذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻣﯾزﻫﺎ ﻋن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺧطﺋﯾﺔ ؟ وﻛﯾف ﺗﻌﺎﻣل اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﺟزاﺋري‬ ‫ﻣﻊ ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺔ ﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻬﺎ وﻣن ﻧﺎﺣﯾﺔ ﻧطﺎﻗﻬﺎ وﺷروطﻬﺎ ؟‬ ‫ﺧﺎﻣﺳﺎ‪ :‬ﻣﻧﻬﺞ اﻟﺑﺣث‬ ‫اﻋﺗﻣدت ﻓﻲ ﻫذا اﻟﺑﺣث ﻋﻠﻰ ﻣﻧﻬﺟﯾن ﻫﻣﺎ‪ :‬اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺣﻠﯾﻠﻲ‪ ،‬وذﻟك ﻣن ﺧﻼل ﺟﻣﻊ اﻟﻣﺎدة‬ ‫اﻟﻌﻠﻣﯾﺔ ﺛم ﺗرﺗﯾب وﺗﻧظﯾم ﻫذﻩ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺿﻣن ﻓﻲ ﻣﺟﻣﻠﻬﺎ اﻵراء واﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ‪،‬‬ ‫ﺛم اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻷﺣﻛﺎم واﻻﺟﺗﻬﺎدات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﺑﻌد ﺟﻣﻊ اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت‪ ،‬ﺗﺄﺗﻲ ﻋﻣﻠﯾﺔ ﺗﺣﻠﯾل‬ ‫واﺳﺗﻘراء اﻟﻧﺻوص اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬واﻵراء واﻟﻧظرﯾﺎت اﻟﻔﻘﻬﯾﺔ‪ ،‬واﻷﺣﻛﺎم واﻻﺟﺗﻬﺎدات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣن‬. ‫ح‬.

(14) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫أﺟل اﺳﺗﺧﻼص اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ وﻫﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻠﻲ ﻋﻣﻠﯾﺗﻲ اﻟﺗﺣﻠﯾل واﻻﺳﺗﻘراء وﯾطﻠق ﻋﻠﯾﻬﺎ‪ :‬ﻣرﺣﻠﺔ‬ ‫اﻟﺗرﻛﯾب‪ ،‬ﺛم أﺧﯾ ار إﺧﺿﺎع ﻫذﻩ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ إﻟﻰ ﻋﻣﻠﯾﺗﻲ اﻟﻧﻘد واﻟﺗﻘوﯾم‪.‬‬ ‫اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺛﺎﻧﻲ اﻟذي اﻋﺗﻣدت ﻋﻠﯾﻪ ﻫو اﻟﻣﻧﻬﺞ اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ وذﻟك ﺑﺧﺻوص اﻟﻣراﺣل اﻟﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ‬ ‫اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﺑداﯾﺔ ﺑﺎﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت ﻧﺷﺄة اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ أو‬ ‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ وﻫﻲ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻟﺗﻲ ﺳﺎد ﻓﯾﻬﺎ ﻣﺑدأ ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻣرو ار ﺑﺎﻟﻣرﺣﻠﺔ‬ ‫اﻟﺗﻲ أﺻﺑﺣت ﻓﯾﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ ﻣﺳؤوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ وﻟو ﺟزﺋﯾﺎ‪ ،‬وﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ أﺳﺎﺳﻬﺎ اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﺛم‬ ‫اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷﺧﯾرة ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ ﻫذﻩ اﻟﻣراﺣل‪ ،‬وﻫﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﻻ ﺗزال ﺗﻌرف‬ ‫ﺗطو ار ﻣﺳﺗﻣرا‪ ،‬ﻧظ ار ﻟﺣداﺛﺗﻬﺎ وأﻫﻣﯾﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺻﻌﯾدﯾن اﻟﻌﻠﻣﻲ أو اﻟﻧظري واﻟﻌﻣﻠﻲ‪.‬‬ ‫اﺳﺗﺧدﻣت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻛﺄداة ﺑﺣث ﻣﻬﻣﺔ ﯾﻌﺗﻣد ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻓﻲ أﻏﻠب اﻟﺑﺣوث‪ ،‬وﻫﻲ ﻻ ﺗﺳﺗﺧدم‬ ‫ﻓﺣﺳب ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ إو ﻧﻣﺎ ﯾﻠﺟﺄ إﻟﯾﻬﺎ ﺣﺗﻰ ﻓﻲ اﻟدراﺳﺎت ﻏﯾر اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ‪ ،‬ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻧﺎوﻟت‬ ‫ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬وذﻟك ﺑﻣﻘﺎرﻧﺗﻬﺎ‬ ‫ﺑﺎﻟﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ‪ ،‬ﻷن ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻧﺷﺄت وﺗطورت ﻓﻲ ظل اﻻﺟﺗﻬﺎد‬ ‫اﻹداري ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ وﺑﻔﺿل ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻣن ﺧﻼل ﻫذﻩ اﻟﻣﻘﺎرﻧﺔ ﯾﻣﻛﻧﻧﺎ اﻟﺣﻛم ﻋﻠﻰ ﻣدى ﺗطور‬ ‫اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﺟزاﺋري ﻓﻲ ﻣﺟﺎل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﺧطﺋﯾﺔ إن ﻛﺎن ﻗد أﺧذ ﺑﻬﺎ‪.‬‬ ‫ﺳﺎدﺳﺎ‪ :‬اﻟدراﺳﺎت اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ‬ ‫ﻛﺛﯾرة ﻫﻲ اﻟﻣراﺟﻊ ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ أو ﺑﺎﻟﻠﻐﺔ اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ﻣوﺿوع اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ‪ ،‬وﻟﻛن ﺟل ﻫذﻩ اﻟﻣراﺟﻊ ﻫﻲ ﻣراﺟﻊ ﻋﺎﻣﺔ ﻏﯾر ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ ﻫذا‬ ‫اﻟﻣوﺿوع‪ ،‬ﻛل ﻫذﻩ اﻟﻣراﺟﻊ رﻛزت ﻓﻲ دراﺳﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎت ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻏﯾر‬ ‫اﻟﺧطﺋﯾﺔ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﻔرﻧﺳﻲ‪ ،‬وﻟم ﺗوﻟﻰ اﻷﻫﻣﯾﺔ اﻟﻛﺑرى ﻟﻣﺳﺄﻟﺔ أﺧرى ﺗﻌد ﻣﻬﻣﺔ ﺟدا‬ ‫ﻣن اﻟﺟﺎﻧب اﻟﻌﻠﻣﻲ أو اﻟﻧظري وﻫﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ اﻷﺳس اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﺧطﺋﯾﺔ‪،‬‬ ‫ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠدراﺳﺎت ﺣول ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﻲ اﻟﻣﻛﺗﺑﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ ﻓﻬﻲ ﺗﻛﺎد ﺗﻛون ﻣﻌدوﻣﺔ‬ ‫ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا ﻣؤﻟﻔﯾن ﻷﺳﺗﺎذﻧﺎ اﻟدﻛﺗور ﻣﺳﻌود ﺷﯾﻬوب اﻷول ﺑﻌﻧوان‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻟﻣﺧﺎطر‬. ‫خ‬.

(15) ‫ﻣﻘدﻣﺔ‬ ‫وﺗطﺑﯾﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري واﻟﺛﺎﻧﻲ ﺑﻌﻧوان‪ :‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋن اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم‬ ‫اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻣؤﻟف آﺧر ﻟﻠدﻛﺗور ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي ﺑﻌﻧوان‪ :‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪.‬‬ ‫ﺳﺎﺑﻌﺎ‪ :‬ﺻﻌوﺑﺎت ﻫذا اﻟﺑﺣث‬ ‫ﺗﻣﺛﻠت ﻫذﻩ اﻟﺻﻌوﺑﺎت ﻓﻲ ﻗﻠﺔ اﻟﻣراﺟﻊ اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ‪ ،‬وﻟم ﻧﻌﺛر ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻻت ﻛﺛﯾرة‬ ‫ﻣﺗﺧﺻﺻﺔ ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻣوﺿوع ﻓﯾﻣﺎ ﻋدا ﻣوﺿوع أو اﺛﻧﯾن ﻓﻲ إﺣدى اﻟﻣﺟﻼت اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫اﻟﻣﺗﺧﺻﺻﺔ وﻫﻲ‪ :‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ‪ ،‬وﻟﯾس ﻣن اﻟﺳﻬل اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻫذﻩ اﻟﻣﺟﻠﺔ‬ ‫ﺑﻛل أﻋدادﻫﺎ أو اﻟﻌدد اﻟﺟدﯾد ﻣﻧﻬﺎ ﻓﻬﻲ ﻏﯾر ﻣﺗوﻓرة ﻋﻠﻰ ﻣﺳﺗوى اﻟﻣﻛﺗﺑﺎت اﻟﺟزاﺋرﯾﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ أو‬ ‫اﻟﺧﺎﺻﺔ أو اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬وﻫﻲ ﻣﺟﻠﺔ ﻟﻬﺎ ﻗﯾﻣﺔ ﻋﻠﻣﯾﺔ ﻛﺑﯾرة‪.‬‬ ‫ﻓﻲ ﻣﺳﺄﻟﺔ ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬اﻟﺻﻌوﺑﺔ اﻟﺗﻲ‬ ‫واﺟﻬﺗﻧﺎ ﺗﺗﻣﺛل ﻓﻲ ﻋدم وﺟود ﻣدوﻧﺔ ﻛﺑرى ﺗﺗﺿﻣن اﻻﺟﺗﻬﺎدات اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻟﻠﻘﺿﺎء اﻹداري ﻣﻣﺛﻼ‬ ‫ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﻛﻣﺎ ﻫو اﻟﺣﺎل ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﺣﯾث ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻻﺟﺗﻬﺎدات ﻣﻧظﻣﺔ وﻣرﺗﺑﺔ وﻓق‬ ‫ﺗﺳﻠﺳﻠﻬﺎ اﻟزﻣﻧﻲ وﻣﺑوﺑﺔ ﺑﺣﺳب ﻧوﻋﯾﺔ اﻟﻣواﺿﯾﻊ اﻟﺗﻲ ﺗﻌﺎﻟﺟﻬﺎ‪ ،‬ﺣﺗﻰ ﯾﺳﻬل ﻋﻠﻰ اﻟﺑﺎﺣث‬ ‫اﻟﺣﺻول ﻋﻠﯾﻬﺎ واﻟﺑﺣث ﻓﯾﻬﺎ ﻋﻣﺎ ﯾﺣﺗﺎﺟﻪ ﻣن ﻗ اررات ﻓﻲ ﻣوﺿوﻋﻪ‪.‬‬ ‫ﺛﺎﻣﻧﺎ‪ :‬ﺧطﺔ اﻟﺑﺣث‬ ‫ﻗﺳﻣت ﻫذﻩ اﻟدراﺳﺔ إﻟﻰ ﻓﺻﻠﯾن‪،‬اﻟﻔﺻل اﻷول ﻋﻧوﻧﺗﻪ ﺑﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‬ ‫دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ﺛم ﻗﺳﻣت ﻫذا اﻟﻔﺻل إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن ﺗﻧﺎوﻟت ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻷول ﻧﺷﺄة‬ ‫وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾ ﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﻧﺎوﻟت اﻷﺳس اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪ ،‬وﻫذا اﻟﻔﺻل اﻷول ﻫو ذو طﺎﺑﻊ ﻧظري‪.‬‬ ‫اﻟﻔﺻل اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ﻓﯾﻪ ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري‬ ‫اﻟﺟزاﺋري‪ ،‬وﻗﻣت ﺑﺗﻘﺳﯾﻣﻪ إﻟﻰ ﻣﺑﺣﺛﯾن ﺗﻧﺎوﻟت ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬أﻫم ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻹدارﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر وﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ ﺗﻧﺎوﻟت ﻓﯾﻪ‪ :‬أﻫم ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‬ ‫ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻹﺧﻼل ﺑﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ‪.‬‬ ‫د‬.

(16) ‫‪‬‬ ‫ﺗﻄﻮر اﻟﻘﻀﺎء اﻟﺠﻨﺎﺋﻲ اﻟﺪوﻟﻲ‬. ‫اﻟﻔﺻل اﻷول‬ ‫ﻧﺸﺄة وﺗﻄﻮر اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻹدارﯾﺔ‬ ‫دون ﺧﻄﺄ وأﺳﺴﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ‬.

(17) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬. ‫اﻟﻔﺼﻞ اﻷول‬ ‫ﻧﺸﺄة وﺗﻄﻮر اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧﻄﺄ وأﺳﺴﮭﺎ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﯿﺔ‬ ‫إذا ﻛﺎﻧت ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺗرﺗﻛز ﺑﺻﻔﺔ أﺳﺎﺳﯾﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣؤﺳﺳﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺄ‪ ،‬أو أن‬ ‫اﻟﻘﺎﻋدة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻫﻲ أﻧﻪ ﻻ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪ ،‬إﻻ أﻧﻪ ﺳﻌﯾﺎ وراء ﺗﺣﻘﯾق ﻋداﻟﺔ أﻓﺿل ﺳﻠم اﻻﺟﺗﻬﺎد‬ ‫اﻹداري ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﻣﺟردة ﻣن اﻟﺧطﺄ ‪ la responsabilité sans faute‬ﻓﻲ ﺑﻌض‬ ‫اﻟﺣﺎﻻت اﻟﻣﺣددة‪ ،‬إذ رﻓض إﻋطﺎء ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﻔﻬوﻣﺎ ﻣطﻠﻘﺎ‪ ،‬ﻟﺋﻼ ﯾﻧزﻟق إﻟﻰ ﻧﺗﺎﺋﺞ ﺑﻌﯾدة ﻋن‬. ‫اﻟﻣﻧطق ‪ .1‬ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﺗﻘوم ﻋﻠﻰ رﻛﻧﯾن ﻫﻣﺎ‪ :‬رﻛن اﻟﺿرر ﻣن ﺟﻬﺔ وﻋﻼﻗﺔ اﻟﺳﺑﺑﯾﺔ ﺑﯾن ﻓﻌل‬ ‫اﻹدارة واﻟﺿرر اﻟﺣﺎﺻل ﻟﻸﻓراد ﻣن ﺟﻬﺔ أﺧرى‪ ،‬وﻫذا اﻟﻧوع ﻣن اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﻟﻪ دور ﺗﻛﻣﯾﻠﻲ‬ ‫إﻟﻰ ﺟوار اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ ‪.2‬‬. ‫ﯾرﺟﻊ اﻟﻔﺿل ﻓﻲ إرﺳﺎء ﻗواﻋد وأﺣﻛﺎم وﻣﺑﺎدئ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ إﻟﻰ اﻟﻘﺿﺎء‬ ‫اﻹداري‪ ،‬ﻣﻣﺛﻼ ﻓﻲ ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ‪ ،‬وﻓﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﺗدﺧل اﻟﻣﺷرع اﻟﻔرﻧﺳﻲ أﺣﯾﺎﻧﺎ‪،‬‬. ‫وﺣذا ﺣذوﻩ اﻟﻣﺷرع اﻟﺟزاﺋري ﻟﺗﺣدﯾد ﺑﻌض ﻣﺟﺎﻻت ﺗطﺑﯾق ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪.‬‬. ‫وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﺳﻧﺗﻧﺎول ﻓﻲ ﻫذا اﻟﻔﺻل ﻛل اﻟﺟواﻧب اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون‬ ‫ﺧطﺄ‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ‪ -‬ﻣن ﺧﻼل ﻓﻘﻪ اﻟﻘﺎﻧون اﻟﻌﺎم ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ‪ ،‬واﻟﻔﻘﻪ اﻟﻌرﺑﻲ وأﺣﻛﺎم‬ ‫اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ‪ ،‬وﺳﻧﺗﻌرض ﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻷول‪ :‬ﻟﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون‬. ‫ﺧطﺄ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣﺑﺣث اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ :‬اﻷﺳس اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ‪.‬‬. ‫‪ -1‬ﯾوﺳف ﺳﻌد اﷲ اﻟﺧوري‪ ،‬اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري اﻟﻌﺎم‪ ،‬اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬ط‪ ،1989 ،02‬ص ‪.429‬‬ ‫‪2- chapus Rene , droit administratif général, paris, ed Montchrestien, 1994, p1129.‬‬ ‫ ﻣﺣﻣود ﻋﺎطف اﻟﺑﻧﺎ‪ ،‬اﻟوﺳﯾط ﻓﻲ اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري‪ ،‬دار اﻟﻔﻛر اﻟﻌرﺑﻲ‪ ،‬اﻟﻘﺎﻫرة‪ ) ،‬د‪ ،‬ط (‪ ،1990 ،‬ص‪.295‬‬‫ ﺳﻌﺎد اﻟﺷرﻗﺎوي‪ ،‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬دار اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،1973 ،‬ص ‪.190‬‬‫‪11‬‬.

(18) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬. ‫اﻟﻤﺒﺤﺚ اﻷول‬ ‫ﻧﺸﺄة وﺗﻄﻮر اﻟﻤﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧﻄﺄ‬ ‫ﯾﻌﺗﺑر ﻣوﺿوع ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ )اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ( ﻣن أﺣدث ﻣوﺿوﻋﺎت اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري‪،‬‬ ‫وﻟﻌل اﻟﺳﺑب ﻓﻲ ذﻟك ﯾﻌود إﻟﻰ ﻫﯾﻣﻧﺔ ﻣﺑدأ ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻟﻣرﺣﻠﺔ ﺗﺎرﯾﺧﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ﻧﺳﺑﯾﺎ إﻟﻰ‬ ‫ﻏﺎﯾﺔ أواﺧر اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر‪ ،‬وﻟﻘد ﺳﺎد ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ‪ ،‬وﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار اﻟذي ﻛﺎن ﻣﻬدﻩ اﻷول‪،‬‬ ‫وﻓﻲ اﻟوﻻﯾﺎت اﻟﻣﺗﺣدة اﻷﻣرﯾﻛﯾﺔ‪ ،‬وﻛﺎن ذﻟك ﺑﺗﺄﺛﯾر ﻓﻛرة اﻟﺳﯾﺎدة اﻟﻣطﻠﻘﺔ اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﻌود ﻟﻠﺳﻠطﺔ‬ ‫اﻟﺣﺎﻛﻣﺔ‪ -‬ﺳواء اﺳﺗﻣدﺗﻬﺎ ﻣﺑﺎﺷرة ﻣن اﷲ ) ﻗﺑل اﻟﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ (‪ ،‬أم ﻣن اﻟﺷﻌب وﻫذا ﺑﻌد اﻟﺛورة –‬. ‫واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ‪.1‬‬. ‫ﻣﻊ ﺗطور اﻟﻔﻛر اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ وظﻬور اﻟدوﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ‪ ،‬واﻧﺗﺷﺎر ﻣﺑﺎدئ اﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ واﻟﺣرﯾﺎت‬ ‫واﻟﺣﻘوق اﻟﺗﻲ ﻛرﺳﺗﻬﺎ اﻟﻣواﺛﯾق اﻟدوﻟﯾﺔ واﻟدﺳﺎﺗﯾر واﻟﺗﺷرﯾﻌﺎت اﻟداﺧﻠﯾﺔ ﻟﻠدول‪ ،‬ﺗطورت ﻓﻛرة ﺳﯾﺎدة‬ ‫اﻟدوﻟﺔ وأﺻﺑﺣت ﻏﯾر ﻣﺗﻧﺎﻓﯾﺔ ﻣﻊ ﺧﺿوع اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون وﻟﻣﺑدأ اﻟﺷرﻋﯾﺔ‪ ،‬وﻧﺗﺞ ﻋن ذﻟك ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻟدوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﺳﺑب أﺿرار ﻟﻸﻓراد‪ ،‬وﺗﺄﻛﯾدا ﻟذﻟك ﺻدر ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻗﺎﻧون ﺳﻧﺔ ‪،1870‬‬ ‫أﺟﺎز ﻟﻸﻓراد ﻣﻘﺎﺿﺎة اﻟﻣوظﻔﯾن اﻟﻌﻣوﻣﯾﯾن دون ﺣﺎﺟﺔ إﻟﻰ إذن أو ﻗرار ﺳﺎﺑق ﻣن ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﺛم‬ ‫ﻛﺎﻧت ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ أو اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻷﻣر ﻣﺣدودة ﺑﺎﻷﻋﻣﺎل اﻟﻣﺎدﯾﺔ وﺑﺎﻟﺗﺻرﻓﺎت‬ ‫اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﺷروﻋﺔ‪ ،‬وﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﺧطﺄ وﻛﺎن ﻧطﺎﻗﻬﺎ أﻋﻣﺎل اﻹدارة اﻟﻌﺎدﯾﺔ )أﻋﻣﺎل اﻟﺗﺳﯾﯾر(‬ ‫دون أﻋﻣﺎل اﻟﺳﯾﺎدة )أﻋﻣﺎل اﻟﺣﻛوﻣﺔ( اﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻣﺣﺻﻧﺔ ﻣن رﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء ﻋﻠﯾﻬﺎ ﻣن ﺧﻼل ﻧزع‬ ‫ﺻﻼﺣﯾﺗﻪ واﺧﺗﺻﺎﺻﻪ ﺑﺎﻟﻧظر ﻓﻲ اﻟﻣﻧﺎزﻋﺎت اﻟﻣﺗﻌﻠﻘﺔ ﺑﻬﺎ‪،‬وﻗد ﺗﻌﻣد ﻣن ﺧﻼل ﻓﻛرة أو ﻧظرﯾﺔ‬ ‫اﻟﺳﯾﺎدة إﻟﻰ إﻟﻐﺎء اﻟﺣرﯾﺎت أو ﺗﻘﯾﯾدﻫﺎ أو اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻰ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﺗﻘﯾﯾد اﻟﺗﺻرﻓﺎت اﺳﺗﻧﺎدا‬. ‫إﻟﻰ ﻣﺻﻠﺣﺔ ﻋﻠﯾﺎ أوﻟﻰ ﺑﺎﻟرﻋﺎﯾﺔ ﻣن ﻛل اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﻔردﯾﺔ أو اﻟﺧﺎﺻﺔ ‪.2‬‬. ‫‪ -1‬إدوارﻋﯾد‪ ،‬اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري ) دﻋوى اﻹﺑطﺎل‪ ،‬دﻋوى اﻟﻘﺿﺎء اﻟﺷﺎﻣل (‪ ،‬اﻟﺟزء اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،‬ﻣﻛﺗﺑﺔ زﯾن اﻟﺣﻘوﻗﯾﺔ واﻷدﺑﯾﺔ‪ ،‬ﺑﯾروت‪،‬‬ ‫ﻟﺑﻧﺎن‪ ،1975 ،‬ص ‪.395‬‬. ‫‪ -2‬واﺻل ﻣﺣﻣد‪ ،‬أﻋﻣﺎل اﻟﺳﯾﺎدة واﻻﺧﺗﺻﺎص اﻟﻘﺿﺎﺋﻲ‪ ،‬ﻣﺟﻠﺔ اﻟﻌﻠوم اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ واﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‪ ،‬ﺟﺎﻣﻌﺔ دﻣﺷق‪ ،‬ﺳورﯾﺎ‪ ،‬اﻟﻣﺟﻠد ‪،22‬‬ ‫اﻟﻌدد اﻟﺛﺎﻧﻲ‪ ،2006 ،‬ص ‪.396 -383‬‬. ‫ ﻓﺗﺣﻲ اﻟدرﯾﻧﻲ‪ ،‬اﻟﺣق وﻣدى ﺳﻠطﺎن اﻟدوﻟﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﯾﯾدﻩ‪ ،‬ﻣؤﺳﺳﺔ اﻟرﺳﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻟﺑﻧﺎن‪ ) ،‬د‪ ،‬ط (‪ ،1984 ،‬ص ‪.73‬‬‫‪12‬‬.

(19) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫ﺣدث ﺗطور ﻓﻲ أﺳﺎس اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺑﻌد أن ﻛﺎﻧت ﺗرﺗﻛز ﻋﻠﻰ اﻟﺧطﺄ اﻟﺟﺳﯾم‪ ،‬أﺻﺑﺣت ﺗﻘوم‬ ‫ﻋﻠﻰ ﻣﺟرد اﻟﺧطﺄ‪ ،‬ﺛم أﺻﺑﺣت ﺗﺗﺄﺳس ﻓﻲ ﺑﻌض اﻟﺣﺎﻻت ﻋﻠﻰ أﺳﺎس اﻟﻣﺧﺎطر أو ﻋﻠﻰ أﺳﺎس‬. ‫ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻫﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ أو اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣوﺿوﻋﯾﺔ ‪.1‬‬ ‫وﻟم ﺗﻛن ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻋﺎﻣﺔ وﻻ ﻣطﻠﻘﺔ وﻟﻛن ﻛﺎﻧت ﺑﺷروط ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻫذا ﻣﺎ أﻛدﻩ ﻗرار ﺑﻼﻧﻛو‬. ‫‪‬‬. ‫اﻟﺷﻬﯾر ﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎزع اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ‪.‬‬. ‫ﻟ ﻘد ﺑدأت ﺗطﺑﯾﻘﺎت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻓﻲ ﺑداﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﻓﻲ‬ ‫ﻣﺟﺎل اﻷﺿرار اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن اﻷﺷﻐﺎل اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬ﺛم اﻣﺗد ﻣﺟﺎﻟﻬﺎ ﻟﯾﺷﻣل ﺣﺎﻻت أﺧرى ﻓﻲ ﻋﻼﻗﺔ‬. ‫اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﻣوظﻔﯾﻬﺎ وﺑﺎﻟﻣﻧﺗﻔﻌﯾن ﺑﺎﻟﻣراﻓق اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.2‬‬. ‫إن اﻟﺗﺗﺑﻊ اﻟﻛروﻧوﻟوﺟﻲ‪ ،‬أو اﻟزﻣﻧﻲ ) اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ( ﻟﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬واﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ ‪ -‬ﻫذﻩ اﻷﺧﯾرة واﻟﺗﻲ ﻛﺎﻧت ﻧﺗﺎﺟﺎ أو ﺣﻠﻘﺔ ﺛﺎﻧﯾﺔ‬ ‫ﻓﻲ ﺳﻠﺳﻠﺔ اﻟﺗطور اﻟﺗﺎرﯾﺧﻲ ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻻ ﺗزال إﻟﻰ اﻟﯾوم ﺗﺷﻬد ﺗطورات ﻋﻣﯾﻘﺔ ﻣن‬ ‫ﺣﯾث أﺳﺎﺳﻬﺎ أو ﻣداﻫﺎ ﺑﻔﻌل طﺎﺑﻌﻬﺎ اﻟﻣﺳﺗﺟد ‪ -‬ﯾﻔرض ﻋﻠﯾﻧﺎ أن ﻧﺗﻧﺎول ﺑﺎﻟدراﺳﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﻣراﺣل‬. ‫اﻟﺗﻲ ﻣرت ﺑﻬﺎ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﻼ ﺧطﺄ – ﻷﻧﻪ ﯾؤدي إﻟﻰ ﻣﻌرﻓﺔ ﻣﺑررات ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫واﻟﻌﻼﻣﺎت اﻟﻔﺎرﻗﺔ ﻟﻬذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣن ﻏﯾرﻫﺎ ﺳواء ﺗﻣﺛﻠت ﻓﻲ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ اﻟﺧطﺋﯾﺔ أو‬ ‫اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺧﺎﺻﺔ ‪ -‬ﺑداﯾﺔ ﻣن اﻟﻔﺗرة اﻟﺗﻲ ﺳﺑﻘت ﻧﺷﺄة ﻫذﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‪ -‬اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪-‬‬. ‫ووﺻوﻻ إﻟﻰ اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷﺧﯾرة ﻣن ﻫذا اﻟﺗطور وﻫﻲ ﻣرﺣﻠﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وﻋﻠﻰ ﻫذا‬ ‫اﻷﺳﺎس ﻗﻣﻧﺎ ﺑﺗﻘﺳﯾم ﻫذا اﻟﻣﺑﺣث إﻟﻰ ﺛﻼﺛﺔ ﻣطﺎﻟب ﺣﯾث ﻧﻌﺎﻟﺞ ﻓﻲ اﻟﻣطﻠب اﻷول ﻣرﺣﻠﺔ ﻋدم‬ ‫‪ -1‬ادوارد ﻋﯾد‪ ،‬اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.396-395‬‬. ‫‪ ‬ﺣﯾﺛﯾﺎت ﺣﻛم ﺑﻼﻧﻛو اﻟﺷﻬﯾر اﻟﺗﻲ ﺗﻧﺣﺻر وﻗﺎﺋﻌﻪ ﻓﻲ أن ﻋرﺑﺔ ﻣﻘطورة ﻣﻣﻠوﻛﺔ ﻟﻣﺻﻧﻊ اﻟﺗﺑﻎ اﻟﺗﺎﺑﻊ ﻟﻠدوﻟﺔ أﺻﺎﺑت طﻔﻠﺔ ﺑﺟروح‬ ‫ﻓرﻓﻊ واﻟدﻫﺎ اﻟﺳﯾد ﺑﻼﻧﻛو دﻋوى ﺿد ﻣدﯾر اﻟﺟﯾروﻧد أﻣﺎم اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﻣطﺎﻟﺑﺎ ﺑﺗﻘرﯾر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋن اﻷﺿرار اﻟﺗﻲ أﺻﺎﺑت‬ ‫اﺑﻧﺗﻪ ﺗطﺑﯾﻘﺎ ﻟﻠﻧﺻوص ‪ 1384 ،1383 ،1382‬ﻣن اﻟﺗﻘﻧﯾن اﻟﻣدﻧﻲ‪ ،‬وﻟﻛن اﻟﻣدﯾر ارﺗﺄى ﻋدم اﺧﺗﺻﺎص اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﺑﻧظر ﻫذﻩ‬ ‫اﻟﻘﺿﯾﺔ و اﻟﻔﺻل ﻓﯾﻬﺎ ﺑل أن اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻓﯾﻬﺎ ﻟﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ ﻣﻊ ﺗﻣﺳك اﻟﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﻌﺎدﯾﺔ ﺑﺎﺧﺗﺻﺎﺻﻬﺎ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ‪ ،‬ﻓرﻓﻊ‬. ‫اﻟﺗﻧﺎزع إﻟﻰ ﻣﺣﻛﻣﺔ اﻟﺗﻧﺎزع اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ اﻟﺗﻲ أﺻدرت ﺣﻛﻣﻪ ﻓﻲ ‪ 8‬ﻓﺑراﯾر ‪ 1873‬ﻣﻘررة أن اﻻﺧﺗﺻﺎص ﻟﻠﻣﺣﺎﻛم اﻹدارﯾﺔ وﺣدﻫﺎ ﻓﺣﻛم‬ ‫ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ اﻟﻔرﻧﺳﻲ ﻓﻲ ﻫذﻩ اﻟﻘﺿﯾﺔ ﺑﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﺑﺗﺎرﯾﺦ ‪1873/ 3/17‬م‪.‬‬ ‫‪ -2‬ﺣﻘﻲ إﺳﻣﺎﻋﯾل ﺑرﯾوﺗﻲ‪ ،‬اﻟرﻗﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻘﺎﺋﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ اﻟطوارئ‪ ،‬دراﺳﺔ ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻟﻌراﻗﻲ واﻟﻣﺻري‬ ‫واﻷﻧﺟﻠو أﻣرﯾﻛﻲ‪ ،‬دار اﻟﻧﻬﺿﺔ اﻟﻌرﺑﯾﺔ‪ ،1995 ،‬ص ‪.756‬‬. ‫‪13‬‬.

(20) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣطﻠب اﻟﺛﺎﻧﻲ ﻣرﺣﻠﺔ ﺗﻘرﯾر ﻣﺑدأ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻓﻲ اﻟﻣطﻠب‬ ‫اﻟﺛﺎﻟث ﻣرﺣﻠﺔ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة دون ﺧطﺄ‪.‬‬. ‫اﻟﻤﻄﻠﺐ اﻷول‬ ‫ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻋﺪم ﻣﺴﺆوﻟﯿﺔ اﻟﺪوﻟﺔ‬ ‫ﻋرﻓت اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺗطو ار ﻣﺳﺗﻣ ار وﻣﺗزاﯾدا‪ ،‬ﺑﺣﯾث ﺗﻣﯾزت اﻟﻣرﺣﻠﺔ اﻷوﻟﻰ ﺑﻌدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻟدوﻟﺔ أو اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ‪ ،‬ﺛم ﺗدﺧل اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري وأﻗر ﻣﺳؤوﻟﯾﺗﻬﺎ ﺧﻼل اﻟرﺑﻊ اﻷﺧﯾر‬. ‫ﻣن اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر ﺑﻌد ﻗﺿﯾﺔ ﺑﻼﻧﻛو ‪ Blanco‬ﺑﺻﻔﺔ ﺻرﯾﺣﺔ ‪. 1‬‬. ‫أﺻﺑﺢ ﻣن اﻟﻣﺳﻠم ﺑﻪ اﻟﯾوم ﻣﺑدأ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬أو ﺧﺿوع اﻟدوﻟﺔ ﻟﻠﻘﺎﻧون‪ ،‬وﺑﻣوﺟب ذﻟك ﻓﺈن‬ ‫اﻟدوﻟﺔ ﻻ ﺗرﻓض أن ﺗﺗﺣﻣل اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻧﺎﺗﺟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ أو أﻋﻣﺎل ﻣوظﻔﯾﻬﺎ أﺛﻧﺎء ﺗﺄدﯾﺗﻬم وﻗﯾﺎﻣﻬم‬ ‫ﺑواﺟﺑﺎﺗﻬم اﻟوظﯾﻔﯾﺔ‪ ،‬وﻗﺑل أن ﺗﺗﻘرر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻛﺎن ﻣﺑدأ ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ﻫو‬ ‫اﻟﺳﺎﺋد إذ ﻛﺎﻧت اﻟدوﻟﺔ ﺑوﻟﯾﺳﯾﺔ ودﯾﻛﺗﺎﺗورﯾﺔ‪ -‬ﻣﺳﺗﺑدة‪ -‬واﻟﺳﻠطﺔ أو اﻟﺣﻛم ﻓﯾﻬﺎ ﻣطﻠق‪ ،‬وﻟﻘد ﺳﺎد ﻫذا‬. ‫اﻟﻣﺑدأ ﻟﻔﺗرة زﻣﻧﯾﺔ طوﯾﻠﺔ ‪.2‬‬. ‫ظل ﻫذا اﻟﻣﺑدأ – ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ ‪ -‬ﺳﯾﻔﺎ ﻣﺳﻠطﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد ﺑﻛل ﺗداﻋﯾﺎﺗﻪ‬. ‫وأﺛﺎرﻩ اﻟﺳﯾﺋﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد ﻓﻲ إﻫدار ﻟﺣﻘوﻗﻬم اﻟﻣﺷروﻋﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﻔرﺿﻬﺎ ﻣﺑﺎدئ اﻟﻌداﻟﺔ واﻹﻧﺻﺎف‪،‬‬. ‫وﻗد اﺳﺗﻧد ﻫذا اﻟﻣﺑدأ إﻟﻰ ﻋدة ﻣﺑررات وﺣﺟﺞ ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ وﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ وﻋﻣﻠﯾﺔ ‪ .3‬أﻫﻣﻬﺎ اﻷﺳﺑﺎب واﻟﻌواﻣل‬ ‫اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬. ‫‪ -1‬رﺷﯾد ﺧﻠوﻓﻲ‪ ،‬ﻗﺎﻧون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬ﺑن ﻋﻛﻧون‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪) ،‬د‪،‬ط(‪ ،2001 ،‬ص‪.3‬‬. ‫‪ -2‬ظل ﻫذا اﻟﻣﺑدأ ﺳﺎﺋدا ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار ﺣﺗﻰ ﺳﻧﺔ ‪ 1947‬وﻓﻲ أﻣرﯾﻛﺎ ﺣﺗﻰ ﺳﻧﺔ ‪ 1946‬وﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﺣﺗﻰ ﻧﻬﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺗﺎﺳﻊ ﻋﺷر‪.‬‬ ‫ وﺟدي ﺛﺎﺑت ﻏﺑ﷼‪ ،‬ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻛﺄﺳﺎس دﺳﺗوري ﻟﻠﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪،‬‬‫)د‪،‬ط(‪) ،‬د‪ ،‬س‪ ،‬ط (‪ ،‬ص ‪.16‬‬. ‫‪ - 3‬ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي‪ ،‬اﻷﺳﺎس اﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة ﻋن أﻋﻣﺎل ﻣوظﻔﯾﻬﺎ‪ ،‬اﻟﺷرﻛﺔ اﻟوطﻧﯾﺔ ﻟﻠﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬رﻏﺎﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪،‬‬ ‫)د‪،‬ط(‪ ،1982 ،‬ص‪.10‬‬. ‫‪ -‬ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬دﯾوان اﻟﻣطﺑوﻋﺎت اﻟﺟﺎﻣﻌﯾﺔ‪ ،‬ﺑن ﻋﻛﻧون‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬ط‪ ،2004، 02‬ص‪.34‬‬. ‫ ﻋﺑد اﻟﻐﻧﻲ ﺑﺳﯾوﻧﻲ ﻋﺑد اﷲ‪ ،‬اﻟﻘﺿﺎء اﻹداري‪ ،‬ﻣﻧﺷﺄة اﻟﻣﻌﺎرف‪ ،‬اﻹﺳﻛﻧدرﯾﺔ‪ ،‬ﻣﺻر‪ ،‬ط‪ ،2006 ،03‬ص ص‪.721-720‬‬‫‪14‬‬.

(21) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫‪-1‬ﺗﻣﺗﻊ اﻟدوﻟﺔ ﺑﺎﻟﺳﯾﺎدة‬ ‫اﺳﺗﻧد ﻣﺑدأ ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ إﻟﻰ ﻣﺑدأ آﺧر وﻫو ﻣﺑدأ ﺳﯾﺎدة اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و اﻟذي ﻛﺎن ﻗدﯾﻣﺎ‬ ‫ﻣﺑدأ ﻣﻘدﺳﺎ ﻻ ﯾﺟوز ﻟﻠﻘﺎﺿﻲ أن ﯾﺗﻌرض ﻟﻪ ﺑﺄﯾﺔ وﺟﻪ ﻣن اﻟوﺟوﻩ وﺳﺎد اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺄن اﻟدوﻟﺔ ﻻ‬ ‫ﺗﺧطﺊ‪ ،‬وﻻ ﺗﺣدث اﻷﺿرار‪ ،‬وﺣﺗﻰ إو ن أﺣدﺛﺗﻬﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺟب ﺗﺣﻣﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﺑل ﻣﺎ ﺗﻘدﻣﻪ ﻣن ﺧدﻣﺎت‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻓرض اﻟﻧظﺎم اﻟﻌﺎم‪ ،‬وﺗوﻓﯾر اﻷﻣن‪ ،‬وﺣﻔظ اﻻﺳﺗﻘرار اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ‪.‬‬. ‫وﻫﻛذا ظﻬرت ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار ﻗﺎﻋدة دﺳﺗورﯾﺔ ﺗدﻋم وﺗﺑرر ﻫذا اﻟﻣﺑدأ وﻫﻲ‪ » :‬أن اﻟﻣﻠك ﻻ‬ ‫ﯾﺧطﺊ ‪ « The king can do no wrong‬إذ ﻛﺎﻧوا ﻓﻲ اﻟﻘدﯾم ﻓﻲ اﻧﺟﻠﺗ ار وﻏﯾرﻫﺎ ﻣن اﻟدول‬ ‫ﯾﺧﻠطون ﺑﯾن اﻟﺗﺎج واﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻓﻠﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﺗﺎج ﺻﺎﺣب اﻟﺳﯾﺎدة ﻻ ﯾﺧطﺊ ﻓﺎﻟدوﻟﺔ إذا ﻻ ﺗﺧطﺊ‪ ،‬وﻻ‬. ‫ﯾﻣﻛن أن ﺗﺳﺄل ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ وأﻋﻣﺎل ﻣوظﻔﯾﻬﺎ اﻟﺿﺎرة ‪.1‬‬. ‫وﻧظ ار ﻷ ن ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﺗﺗﻌﺎرض ﻣﻊ ﻣﺑدأ اﻟﺳﯾﺎدة ﻟم ﯾﻛن أﻣﺎم اﻟﻔرد اﻟﻣﺗﺿرر ﻣن ﺳﺑﯾل‬ ‫إﻻ ﻣﻘﺎﺿﺎة اﻟﻣوظف ﻋن ﺧطﺋﻪ اﻟﺷﺧﺻﻲ‪ ،‬ﺑل أن ﻫذﻩ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ ﻣﻘﯾدة وﻣﺣدودة واﺳﺗﺛﻧﺎﺋﯾﺔ‪ ،‬ﻓﻘد‬ ‫ﻧﺻت اﻟﻣﺎدة ‪ 75‬ﻣن دﺳﺗور اﻟﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻟﻠﺛورة اﻟﻔرﻧﺳﯾﺔ » ﻻ ﯾﺟوز رﻓﻊ دﻋوى ﻋﻠﻰ ﻣوظﻔﻲ‬ ‫اﻟﺣﻛوﻣﺔ ﻋدا اﻟوزراء ﺑﺳﺑب اﻷﻋﻣﺎل اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑوظﺎﺋﻔﻬم إﻻ ﺑﻌد اﻟﺣﺻول ﻋﻠﻰ ﻣواﻓﻘﺔ ﻣﺟﻠس‬ ‫اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬وﺗﺧﺗص اﻟﻣﺣﺎﻛم اﻟﻧظﺎﻣﯾﺔ ﺑﻧظر اﻟدﻋﺎوى اﻟﻣﺳﺗوﻓﯾﺔ ﻟﺷرط اﻹذن«‪ ،‬ﯾﺗﺑﯾن أن ﻣﺟﻠس اﻟدوﻟﺔ‬. ‫ﻟم ﯾﻛن ﯾﻣﻧﺢ اﻹذن اﻟﻣطﻠوب إﻻ ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻧﺎدرة ‪.2‬‬. ‫‪ -1‬ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.35‬‬ ‫‪ -‬ﯾوﺳف ﺳﻌد اﷲ اﻟﺧوري‪ ،‬اﻟﻘﺎﻧون اﻹداري اﻟﻌﺎم‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.392‬‬. ‫‪ -2‬ﻋﻠﻲ ﺧطﺎر ﺷطﻧﺎوي‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻫﺎ اﻟﺿﺎرة‪ ،‬دار واﺋل ﻟﻠﻧﺷر‪ ،‬ﻋﻣﺎن‪ ،‬اﻷردن‪ ،‬ط‪ ،2008 ،01‬ص ‪-12‬‬. ‫‪.13‬‬. ‫‪15‬‬.

(22) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫‪ -2‬طﺑﯾﻌﺔ اﻟدوﻟﺔ اﻟﻘدﯾﻣﺔ وﻓﻠﺳﻔﺗﻬﺎ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ واﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ و اﻻﻗﺗﺻﺎدﯾﺔ‬ ‫ﻟﻘد ﺳﺎد ﻓﻲ اﻟدول اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻠق اﻟذي ﻛﺎن ﯾﺳﺗﻧد إﻟﻰ أﺳس ذاﺗﯾﺔ ودﯾﻧﯾﺔ ﺣﯾث ﻛﺎن‬ ‫اﻟﺣﺎﻛم ﯾﻌﯾن ﻋﻠﻰ أﺳﺎس ﺗﻣﺗﻌﻪ ﺑﺧﺻﺎﺋص أو ﻣواﺻﻔﺎت ﺷﺧﺻﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ )اﻟﺷﺟﺎﻋﺔ‪ ،‬اﻟذﻛﺎء‪،‬‬ ‫اﻟﻧﺳب‪ ،‬اﻟﺛروة‪........‬اﻟﺦ(‪ ،‬وﺑﺎﻟﺗﺎﻟﻲ ﻛﺎﻧت ﺷﺧﺻﯾﺔ اﻟﺣﺎﻛم أو اﻟﻣﻠك ﻏﯾر ﻣﻧﻔﺻﻠﺔ ﻋن ﺷﺧﺻﯾﺔ‬ ‫اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬وﻟم ﺗﻛن ﻟﻠدوﻟﺔ ذﻣﺔ ﻣﺎﻟﯾﺔ ﻣﺳﺗﻘﻠﺔ ﻋن اﻟذﻣﺔ اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻠﺣﻛﺎم‪ ،‬وﻟﻘد أﯾد اﻟﺳﻠطﺎن اﻟﻣطﻠق‬ ‫ﻟﻠﻣﻠوك رﺟﺎل اﻟﻛﻧﯾﺳﺔ اﻟذﯾن وﺿﻌوا ﻧظرﯾﺎت ﻟﺗﺑرﯾر اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﻣﻠوك ﺧﻼل اﻟﻘرون اﻟوﺳطﻰ‬ ‫ﻓﺣوى ﻫذﻩ اﻟﻧظرﯾﺎت أن اﻟﺳﻠطﺔ ﻣﺳﺗﻣدة ﻣن اﻹﻟﻪ وأن اﻟﺣﺎﻛم ﻫو ﻣﻣﺛل اﷲ ﻓﻲ اﻷرض وﻣن ﺛم‬ ‫ﻓﺈن اﻟﻣﻠك ﻣﻧزﻩ ﻋن اﻟﺧطﺄ ‪.1‬‬. ‫وﺑﻧﺎء ﻋﻠﻰ ذﻟك ﻟم ﺗﻛن ﻫﻧﺎك ﺳﻠطﺔ أﻋﻠﻰ ﻣن ﺳﻠطﺔ اﻟﺣﻛﺎم ﻣﺛل ﻣﺎ ﻫو ﻋﻠﯾﻪ اﻟﺣﺎل ﻓﻲ‬ ‫اﻟدوﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺣﯾث أن اﻟﻘﺎﻧون ﻓوق اﻟﺣﻛﺎم واﻟﻣﺣﻛوﻣﯾن ﻋﻠﻰ ﺣد ﺳواء ﻓﺎﻟدوﻟﺔ اﻟﺣدﯾﺛﺔ ﺗﺧﺿﻊ‬ ‫ﻟﻣﺑدأ اﻟﺷرﻋﯾﺔ وﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎء‪ .‬إن اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣطﻠﻘﺔ ﻟﻠﻣﻠوك أدت إﻟﻰ ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻋﻠﻰ‬ ‫أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة إﻟﻰ ﻏﺎﯾﺔ اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر وﺑﻔﺿل ﺟﻬود اﻟﻣﻔﻛرﯾن ﻣن أﻣﺛﺎل ﻣوﻧﺗﺳﯾﻛﯾو وروﺳو‬ ‫وﻏﯾرﻫم أدت أﻓﻛﺎرﻫم إﻟﻰ اﻟﺛورة ﻋﻠﻰ اﻟظﻠم واﻻﺳﺗﺑداد واﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺎﻟﺣرﯾﺔ واﺣﺗرام و ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺣﻘوق‬ ‫اﻟﻔرد‪ ،‬وﻣن ﺛم أدى ذﻟك إﻟﻰ اﻧﻬﯾﺎر ﻓﻛرة اﻟﺳﻠطﺔ اﻟﻣﻘدﺳﺔ‪ ،‬وأﺻﺑﺣت اﻟﺳﯾﺎدة ﻟﻸﻣﺔ واﻟﺷﻌب ﻣﺻدر‬. ‫ﻛل اﻟﺳﻠطﺎت ‪ ،2‬وﺑدأ ﺑزوغ ﻓﺟر ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ )اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ(‪.‬‬ ‫‪-3‬طﺑﯾﻌﺔ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﯾن اﻟﻣوظف اﻟﻌﺎم واﻟدوﻟﺔ‬. ‫ﻣن ﺑﯾن أﺳﺑﺎب وﻋواﻣل ﻋدم ظﻬور ﻣﺑدأ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬و اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻗدﯾﻣﺎ‪ ،‬طﺑﯾﻌﺔ‬ ‫اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ اﻟﺗﻌﺎﻗدﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﺗرﺑط اﻟﻌﺎﻣل اﻟﻌﺎم‪ ،‬أو اﻟﻣوظف اﻟﻌﺎم ﺑﺎﻟدوﻟﺔ ﺣﯾث ﻛﺎﻧت ﺗﻛﯾف ﻫذﻩ‬ ‫اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﺄﻧﻬﺎ ‪ -‬و ﻻ ﺳﯾﻣﺎ ﻓﻲ اﻟﻧظﺎم اﻷﻧﺟﻠوﺳﻛﺳوﻧﻲ ‪ -‬ﻋﻼﻗﺔ ﻋﻘدﯾﺔ وﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻟﺗﺣدﯾد ﻫﻲ‬. ‫ﻋﻼﻗﺔ وﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻟﻣﺎ ﻛﺎن اﻟﻣوﻛل ﻻ ﯾﺳﺄل ﻋن أﻋﻣﺎل وﻛﯾﻠﻪ إﻻ ﻓﻲ ﻧطﺎق ﺣدود اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬ﻓﺈذا ﺗﺟﺎوز‬ ‫اﻟوﻛﯾل ﻫذا اﻟﻧطﺎق ﻓﺈﻧﻪ ﯾﺗﺣﻣل ﻟوﺣدﻩ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻋن اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺿﺎرة اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ‪ ،‬ﻷﻧﻬﺎ‬ ‫‪ -1‬ﻣﺣﻣد أرزﻗﻲ ﻧﺳﯾب‪ ،‬أﺻول اﻟﻘﺎﻧون اﻟدﺳﺗوري واﻟﻧظم اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ‪ ،‬اﻟﺟزء اﻷول‪ ،‬ﺷرﻛﺔ دار اﻷﻣﺔ ﻟﻠطﺑﺎﻋﺔ واﻟﻧﺷر و اﻟﺗوزﯾﻊ‪ ،‬ﺑرج‬ ‫اﻟﻛﯾﻔﺎن‪ ،‬اﻟﺟزاﺋر‪ ،‬اﻟطﺑﻌﺔ اﻷوﻟﻰ ‪ ،1998،‬ص ص‪.134 -133‬‬. ‫‪ -2‬ﻋﻠﻲ ﺧطﺎر ﺷطﻧﺎوي‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.13‬‬ ‫‪16‬‬.

(23) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫ﺗﻌﺗﺑر ﺧﺎرج ﺣدود ﻋﻘد اﻟوﻛﺎﻟﺔ‪ ،‬وﻣن ﺛم ﻻ ﺗﺳﺄل اﻟدوﻟﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن اﻷﺧطﺎء اﻟﺗﻲ ﯾرﺗﻛﺑﻬﺎ‬ ‫ﻋﻣﺎﻟﻬﺎ وﻣوظﻔوﻫﺎ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﺗﺗﺳﺑب ﻓﻲ أﺿرار ﻟﻸﻓراد‪ ،‬ﻷن ﻫذﻩ اﻷﻓﻌﺎل اﻟﺿﺎرة ﺗﻌﺗﺑر ﺧﺎرﺟﺔ ﻋن‬ ‫ﻧطﺎق وﺣدود ﻋﻘد اﻟوظﯾﻔﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬إو ﻧﻣﺎ ﯾﺗﺣﻣل ﻫؤﻻء اﻟﻌﻣﺎل واﻟﻣوظﻔون اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﺷﺧﺻﯾﺔ‬ ‫اﻟﻣدﻧﯾﺔ أﻣﺎم ﺟﻬﺎت اﻟﻘﺿﺎء اﻟﻌﺎدي‪ ،‬وﻛﺎﻧت ﺑﻌض اﻟدول واﻟﻧظم ﺗﺣرم ﺣﺗﻰ ﻣﻘﺎﺿﺎة وﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻟﻣوظﻔﯾن اﻟﻌﺎﻣﯾن ﺑﺣﺟﺔ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻫؤﻻء اﻟﻣوظﻔﯾن ﻗﺎﻧوﻧﯾﺎ وﻗﺿﺎﺋﯾﺎ ﻛﻣﺎ ﻛﺎن ﺳﺎﺋدا ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻟﻔﺗرة‬. ‫زﻣﻧﯾﺔ ﻣﻌﯾﻧﺔ ‪.1‬‬. ‫‪ -4‬ﻋواﻣل أﺧرى‬ ‫إﺿﺎﻓﺔ ﻟﻠﻌواﻣل واﻷﺳﺑﺎب اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ ﻧورد ﺟﻣﻠﺔ ﻣن اﻷﺳﺑﺎب اﻷﺧرى اﻟﺗﻲ أﺧرت ظﻬور ﻣﺑدأ‬. ‫ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ و اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻧوﺟزﻫﺎ ﻓﻲ اﻟﺗﻘﺎط اﻟﺗﺎﻟﯾﺔ‪:‬‬. ‫أ‪ -‬ﻋدم وﺟود رأي ﻋﺎم ﻗوي وﻣﺳﺗﻧﯾر ﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ اﻟﺳﻠطﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﺑﺎﻟﺣﻘوق واﻟﺣرﯾﺎت‪ ،‬ﻧﺗﯾﺟﺔ ﻻﻧﻌدام‬ ‫اﻟوﻋﻲ اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ واﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ واﻟﻘﺎﻧوﻧﻲ ﻟدى اﻟﺷﻌوب‪.‬‬. ‫ب‪ -‬ﺗرﻛﯾز وﺗوﺟﯾﻪ اﻟﺛورات اﻟﺳﯾﺎﺳﯾﺔ واﻹﻧﺳﺎﻧﯾﺔ ﺟﻬدﻫﺎ ﻧﺣو ﺗوﻋﯾﺔ اﻟﺷﻌوب ﺑﻘﺿﺎﯾﺎ اﻟﺣرﯾﺔ‬ ‫واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ و ﺣﻘوق اﻹﻧﺳﺎن واﻟدوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ واﻟﻌداﻟﺔ اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﯾﺔ ﻛﻔﻠﺳﻔﺎت إو ﯾدﯾوﻟوﺟﯾﺎت وذﻟك‬. ‫ﻣن ﺧﻼل اﻟﻛم اﻟﻬﺎﺋل ﻣن ﻛﺗﺎﺑﺎت أﻫل اﻟﻔﻛر واﻟﺳﯾﺎﺳﺔ واﻟﻘﺎﻧون دون اﻻﻫﺗﻣﺎم ﺑﺗﻔﺎﺻﯾل و أﺳﺎﻟﯾب و‬ ‫ﻓﻧﯾﺎت ﺗطﺑﯾق ﻫذﻩ اﻟﻣﻔﺎﻫﯾم و اﻟﻘﯾم ﻓﻲ واﻗﻊ اﻟﺣﯾﺎة ﻛﺄﻓﻌﺎل و ﻣﻣﺎرﺳﺎت‪ ،‬أدى ذﻟك إﻟﻰ ﻋدم ﺗطﺑﯾق‬ ‫ﻣﺑدأ ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ ﻣﺑﻛ ار رﻏم وﺟود اﻹطﺎر اﻟﻔﻛري و اﻟﻔﻠﺳﻔﻲ و اﻟﺳﯾﺎﺳﻲ اﻟذي ﯾؤﺳس ﻟﻬذا‬. ‫‪ -1‬ﯾﺗﺿن دﺳﺗور ﻓرﻧﺳﺎ ﻟﻠﺳﻧﺔ اﻟﺛﺎﻣﻧﺔ ﻟﻠﺛورة إو ﻋﻼن اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ ﻓﻲ ﻣﺎدﺗﻪ ‪ 57‬ﺑﻌدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟﻣوظﻔﯾن اﻟﻌﺎﻣﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ وﻋدم‬. ‫إﻣﻛﺎﻧﯾﺔ ﻣﺗﺎﺑﻌﺔ ﻫؤﻻء اﻟﻣوظﻔﯾن ﺷﺧﺻﯾﺎ ﻛﻧوع ﻣن اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻬذا اﻟﻣوظف وﻋﻣﺎل اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬وﻗد ﺣدﺛت ﻣﺑﺎﻟﻐﺎت وﺗﺟﺎوزات‬ ‫ﺧطﯾرة ﻣن طرف اﻟﻣوظﻔﯾن ﺗﺣت ﻏطﺎء ﻫذﻩ اﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻣﻧطﻘﯾﺔ وﻏﯾر اﻟﻌﺎدﻟﺔ وﻟﻛن ﻫذﻩ اﻟﻣﺎدة أﻟﻐﯾت ﻓﯾﻣﺎ ﺑﻌد ﺑﻣوﺟب‬. ‫اﻟﻣرﺳوم اﻟﺻﺎدر ﻓﻲ ‪ 1870/09/19‬ﺣﯾث ﻧﺻت ﻣﺎدﺗﻪ اﻷوﻟﻰ ﻋﻠﻰ إ ﻟﻐﺎء أي ﻧص ﻗﺎﻧوﻧﻲ آﺧر ﯾﻬدف إﻟﻰ إﻋﺎﻗﺔ اﻟدﻋوى ﺿد‬ ‫اﻟﻣوظﻔﯾن‪ ،‬وأوﺟﺑت اﻟﻣﺎدة اﻟﺛﺎﻧﯾﺔ إﺻدار ﺗﺷرﯾﻊ ﯾﻧظم اﻟﺟزاءات اﻟﻣدﻧﯾﺔ اﻟﺗﻲ ﯾﺣﻛم ﺑﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻷﻓراد اﻟذﯾن ﯾرﻓﻌون دﻋﺎوى ﻛﯾدﯾﺔ ﺿد‬ ‫اﻟﻣوظﻔﯾن ‪.‬‬ ‫ ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.36‬‬‫‪ -‬ﻋﻠﻲ ﺧطﺎر ﺷطﻧﺎوي‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.16‬‬. ‫‪17‬‬.

(24) ‫ﻧﺷﺄة وﺗطور اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ دون ﺧطﺄ وأﺳﺳﻬﺎ اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ‬ ‫اﻟﻣﺑدأ‪ .‬رﻏم ذﻟك ﻓﺈن ﻟﻧظرﯾﺎت وأﻓﻛﺎر اﻟﻣﻔﻛرﯾن و اﻟﻔﻼﺳﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﺻر اﻟﻧﻬﺿﺔ دور ﻛﺑﯾر ﻓﻲ‬ ‫إﺣداث اﻟﺗﻐﯾﯾر اﻟﻣﻧﺷود ﺑﺎﻟﺛورة ﺿد اﻟظﻠم واﻻﺳﺗﺑداد وﺗﻛرﯾس دوﻟﺔ اﻟﻌداﻟﺔ واﻟﺣرﯾﺔ واﻟدﯾﻣﻘراطﯾﺔ‬. ‫واﻟﻘﺎﻧون ﻓﻲ أﻛﺛر ﻣن ﻣﻛﺎن‪.‬‬. ‫ج‪ -‬ﻋدم وﺟود اﻟﻧظم و اﻷﺳﺎﻟﯾب و اﻟطرق اﻟﻘﺎﻧوﻧﯾﺔ و اﻟﺗﻧظﯾﻣﯾﺔ و اﻹﺟراﺋﯾﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻹﺧﺿﺎع‬ ‫اﻟدوﻟﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻟﻠرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﺑﺻورة ﻣﺳﺗﺟدة وﻓﻌﺎﻟﺔ ﻣﺛل ﻧظرﯾﺔ اﻟدﻋوى اﻹدارﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ‬ ‫ﻋﺎﻣﺔ و دﻋوى اﻟﺗﻌوﯾض و اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ ﺑﺻﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ‪ ،‬وﻋدم وﺟود ﺟﻬﺎت ﻗﺿﺎﺋﯾﺔ ﻣﺧﺗﺻﺔ‬. ‫ﺑﻌﻣﻠﯾﺔ اﻟرﻗﺎﺑﺔ اﻟﻘﺿﺎﺋﯾﺔ ﻋﻠﻰ أﻋﻣﺎل اﻟدوﻟﺔ واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.1‬‬. ‫ﻫذﻩ أﻏﻠب اﻷﺳﺑﺎب واﻟﻌواﻣل اﻟﺗﻲ أدت إﻟﻰ ﺳﯾﺎدة ﻣﺑدأ ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬وﻟﻛن ظﻬور‬ ‫ﻋواﻣل وأﺳﺑﺎب و ظروف أﺧرى ﻣﻐﺎﯾرة ﻟﻸﺳﺑﺎب اﻟﺳﺎﺑﻘﺔ أدت إﻟﻰ ﺗﻼﺷﻲ ﻣﺑدأ ﻋدم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ‬ ‫اﻟدوﻟﺔ‪ ،‬ﻷﻧﻪ ﻣن ﺳﻧن اﷲ و اﻟﻛون أن اﻷوﺿﺎع ﻻ ﯾﻣﻛﻧﻬﺎ اﻻﺳﺗﻣرار ﺑﺷﻛل داﺋم وﺑﻧﻔس اﻟوﺗﯾرة و‬ ‫دون ﺗﻐﯾﯾر‪ ،‬وﻟﻘد ﻛﺎن ﻟﻧظرﯾﺎت وأﻓﻛﺎر ﻣﻔﻛري اﻟﻘرن اﻟﺛﺎﻣن ﻋﺷر وﻧﺣن ﻧﺗﻛﻠم ﺗﺣدﯾدا ﻓﻲ أورﺑﺎ دو ار‬ ‫ﻫﺎﻣﺎ ﻓﻲ ﺗوﻋﯾﺔ اﻟﺷﻌوب ﻧﺣو اﻟﻣطﺎﻟﺑﺔ ﺑﺣﻘوﻗﻬﺎ وﺣرﯾﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﺧﺗﯾﺎر ﻣن ﯾﺣﻛﻣﻬﺎ وﻟﻬذا ﻗﺎﻣت‬ ‫ﺑﺎﻟﺛورات ﺿد اﻟﺣﻛم اﻻﺳﺗﺑدادي ﻣن اﻟﻣﻠوك واﻟﻛﻧﯾﺳﺔ‪ ،‬وﺑذﻟك ﺳﻘطت اﻟدوﻟﺔ اﻟﻣﻠﻛﯾﺔ وﻗﺎﻣت ﻋﻠﻰ‬ ‫أﻧﻘﺎﺿﻬﺎ اﻟدوﻟﺔ اﻟﺟﻣﻬورﯾﺔ ﻣﺛل ﻣﺎ ﺣدث ﻓﻲ ﻓرﻧﺳﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل‪ ،‬ﻟﺗﺗﺣول ﻓرﻧﺳﺎ ﻣن دوﻟﺔ‬ ‫ﻣﻠﻛﯾﺔ ﯾﺳود ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺣﻛم اﻟﻣطﻠق إﻟﻰ دوﻟﺔ ﺟﻣﻬورﯾﺔ ‪ -‬دوﻟﺔ اﻟﻘﺎﻧون ‪ -‬اﻟﺗﻲ ﺗﻛون ﻓﯾﻬﺎ اﻟﺳﯾﺎدة‬. ‫ﻟﻠﺷﻌب‪ ،‬وﺗﺧﺿﻊ ﻓﯾﻬﺎ ﻛل اﻟﺳﻠطﺎت إﻟﻰ اﻟﻘﺎﻧون اﻷﺳﻣﻰ ‪ -‬وﻫو اﻟدﺳﺗور ‪ -‬اﻟذي ﻫو ﺣﺎﻣﻲ‬. ‫ﺣرﯾﺎت وﺣﻘوق اﻷﻓراد‪ ،‬ﺣﯾث ﺗﺿﻣﻧت ﻛل دﺳﺎﺗﯾر اﻟدول اﻟﻧص ﻋﻠﻰ ﺣﻣﺎﯾﺔ ﻛل اﻟﺣﻘوق اﻷﺳﺎﺳﯾﺔ‬. ‫ﻟﻠﻣواطن ﺳواء ﻛﺎﻧت ﺣﻘوق ﻣدﻧﯾﺔ أو ﺳﯾﺎﺳﯾﺔ أو ﺷﺧﺻﯾﺔ‪ -‬ﻟﺻﯾﻘﺔ ﺑﺷﺧص اﻹﻧﺳﺎن‪ -‬ﻛﻣﺎ ﺗﺿﻣﻧت‬ ‫ﻋدة ﻣﺑﺎدئ ﻫﺎﻣﺔ ﻟﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﺣﻘوق و اﻟﺣرﯾﺎت ﻣﺛل ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة أﻣﺎم اﻟﻘﺎﻧون وﻫو ﻣﺑدأ دﺳﺗوري‬. ‫اﻟذي ﻟﻪ ﻋدة ﺻور ﻣﻧﻬﺎ ﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ ﺗﻘﻠد اﻟوظﺎﺋف اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬وﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ اﻟﺣﻘوق‬ ‫واﻟواﺟﺑﺎت وﻣﺑدأ اﻟﻣﺳﺎواة ﻓﻲ ﺗﺣﻣل اﻷﻋﺑﺎء اﻟﻌﺎﻣﺔ‪ ،‬واﻟﺗﻲ ﻣﺛﻠت أﺳس ﻗﺎﻧوﻧﯾﺔ ﻟﻘﯾﺎم ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻟدوﻟﺔ‬. ‫واﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ‪.2‬‬. ‫‪ -1‬ﻋﻣﺎر ﻋواﺑدي‪ ،‬ﻧظرﯾﺔ اﻟﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارﯾﺔ‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص‪.37-36‬‬. ‫‪ -2‬ﻋﻠﻲ ﺧطﺎر ﺷطﻧﺎوي‪ ،‬ﻣﺳؤوﻟﯾﺔ اﻹدارة اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋن أﻋﻣﺎﻟﻬﺎ اﻟﺿﺎرة‪ ،‬ﻣرﺟﻊ ﺳﺎﺑق‪ ،‬ص ‪.15 -14‬‬ ‫‪18‬‬.